هذا ويُعد صاحب رواية "العين القديمة" من الوجوه البارزة داخل المشهد الأدبي في المغرب، لما راكمه من تجارب أدبيّة مُميّزة، تتوزّع مضّانها بين الشعر والقصّة والرواية إلى جانب انخراطه في العمل السياسي منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين. لهذا يُعتبر محمّد الأشعري، علامة خاصّة داخل الكتابة الأدبيّة، إذْ رغم البُعد الإيديولوجي الذي كتاباته الشعريّة الأولى، فإنّها من جهةٍ أخرى بقيت أمينة لخصائص الكتابة الشعريّة ودورها التحرّري في علاقتها بالسياق التاريخي الذي ظهرت فيه. من ثمّ، جاءت أسلوب الكتابة مُضمّخاً بالجُرح والفجيعة، وهي ترصد العديد من الخيبات والمواجع والتصدّعات في الجسد المغربيّ على المستويين الاجتماعي والسياسي.
يعتبر الأشعري في حواره الخاصّ بـ le360 أنّه أثناء الكتابة لا يُقيم أيّ حدودٍ أو سياجات على مُستوى التفكير، بين الكتابة الشعريّة ونظيرتها الروائية، سيما وأنّ هذه الأخيرة يطبعها الكثير من الاستيهامات الأدبيّة، التي تغدو صُوَرها الروائية نظاماً شعرياً قائماً داخل القالب الروائي. فهذا التعدّد يعتبره امتداداً عميقاً لطبيعة الحياة اليوميّة في زخمها وجمالها، ما يجعل الكتابة ينأى بنفسه أنْ يكون "سجين الجنس الأدبي الواحد" فهو يرى أنّه "من وسائل إغناء التجربة الأدبيّة هو انفتاحها على أجناس متعدّدة ومعرفة متنوعة".
وعن سؤال الانتقال من الشعر إلى الرواية، يُلحّ صاحب "علبة الأسماء" أنّه من الصعب أنْ نُسمّيه انتقالاً لكوني بدأت بنشر عمل قصصي" ثم اشتغل في مجال الصحافة وبدأ بكتابة الشعر، ليغدو في سنواتٍ قليلة من أبرز وجوه الجيل السبعيني إلى جانب كلّ من محمّد بنيس وعبد الله راجع وعبد الله زريقة. فالشعر شكّل علامة جرح بالنسبة للأشعري وقاده مُبكّراً إلى التعبير عن ألم الاعتقال، لكنْ بنفسٍ شعري مُؤسّس على صناعة جماليّة هادئةٍ ترصد مرارة الذات ولا تتغاضى في نفس الوقت تصدّعات المجتمع في علاقته بسيرة الحداثة والتحديث داخل سبعينيات القرن العشرين.
هذا ويرى الأشعري، باعتباره مُمارساً للعمل السياسي ووزيراً للثقافة في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي في إطار ما سُمّي بتجربة التناوب التوافقي عام 1998 بأنّ الديمقراطية تفترض إلى حرية في التعبير وخلق نوعٍ من التناوب على مراكز المسؤولية في سبيل خلق دينامية سياسيّة حقيقية مبنية على تكافؤ الفرص، من أجل اجتراح وعي ديمقراطي جديد قوامه العمل الجادّ وربطه بالمحاسبة.