بمناسبة مُشاركته في مؤتمر علمي بمدينة الدارالبيضاء، ينفرد le360 بحوار مع المفكر والمترجم السوري حسام الدين درويش، الذي يُعدّ في طليعة الباحثين الكبار الذين راكموا متناً فلسفياً قوياً قادراً على تحليل ومُعاينة الواقع العربيّ وما يحبل به من أهوال ومآزق وانتكاسات. إنّها كتابةٌ مُتفرّدة، لا تقف عند حدود التحليل، ولكنّها ترصد مُختلف السياقات التاريخيّة والمعرفية لتُعيد تشكيلها وفق رؤية فكريّة دقيقة. لذلك ينتقل صاحب "المعرفة والإيديولوجيا في الفكر السوري المعاصر" بين الكتابة والترجمة، دون أيّ صعوبةٍ منهجية أو معرفية، بل العكس فإنّ هذا الاشتغال بين التدريس والترجمة يُساعده ضمنياً في عملية التأليف وما يُرافقها من تفكيرٍ واشتغال.
لهذا الباحث يتنقّل بين كبار مراكز البحث في العالم ويُحاضر في مواضيع تتعلّق بالإسلام والعلمانية وغيرها من الموضوعات الفكريّة التي تتفرّع عن براديغم الخطاب الديني، لكنْ وفق رؤيةٍ فلسفية مُشرعة على التأويل والسؤال. هذا ويحتلّ الفيلسوف بول ريكور، مكانة كبيرة في فكر حسام الدين درويش الذي خصّص له كتاباً ماتعاً حول فكره وآفاقه المُستقبلية بالنسبة للفكر العربي. رغم أنّ حسام الدين يُشدّد في حواره هذا أنّه لم يُغامر في الدخول إلى فكر ريكور من أجل تبنّي أفكاره الفكريّة ونسقه الفلسفي، ولكنْ التشبّع بعمق مناهجه المُذهلة التي تجعله يحتلّ منزلة خاصّة في فكر العديد من الفلاسفة المعاصرين، ممّن أثّر بول ريكور في فكرهم، وجعلهم لا يخرجون على عناصر المنهجية في تحليل الظاهرة الدينية.
ومن أتيحت له الفرصة للاطّلاع على مؤلّفات حسام الدين درويش، سيتكشّف لديه تلك العلاقة الآسرة التي يبنيها الباحث مع المناهج المعاصرة، وكيف استطاع المدرسة الغربيّة التي درس بها(حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة بوردو) التأثير في مساره الفلسفي، لا باعتباره امتداداً للتراث الفكري الغربي، وإنّما لقُدرته على فهم الرجّات التي تطال العلوم الإنسانية والاجتماعية وضرورة التسلّح بالمناهج الغربيّة المعاصرة، من أجل تفكيك البنى الاجتماعية والأنساق الفكريّة التي تقف وراء نشوء بعض الظواهر والإشكالات داخل الفكر العربي المعاصر.