وتجدر الإشارة بأنّ تجربة الممثل والمسرحي أمين ناسور قد لفتت الكثير من النقاد والمخرجين وعُشّاق المسرح في مصر، لكونه من أهمّ المسرحيين الجدد الذين راكموا تجربة هامّة على مُستوى الإخراج، ممّن خلقوا دينامية جديدةٍ داخل المسرح المغربي المعاصر، بحكم الإمكانات المُذهلة التي تحبل بها مسرحياته، لأنّه يضعها دوماً على حدود التجريب الفنّي، الذي يجعلها تُكسّر حدّة الشكل ورتابة النّمط المسرحي الموروث عن سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم. فيشعر المُشاهد أنّه أمام تجربة مسرحيةٍ، غير مُهتمّة بالموروث المسرحي المغربي، ولا يعنيها محاكاة التجارب الرائدة، بقدر ما يعمل أمين ناسور على اجتراح أفق جمالي جديدٍ للتجربة الدراماتورجية، بما يجعلها تغوص في الواقع المغربيّ وتكشف أعطابه ومآزقه ونتوءاته.
ففي الوقت الذي اشتغلت فيه تجاربٌ مسرحية على العودة إلى التراث المسرحي العربيّ، نعثر على صاحب "بضاض" وقد ظلّ مَديناً للواقع الذي ينتمي إليه، من خلال طرح أسئلةٍ تتعلّق بالفضاء والجسد والهويّة والمرأة، بما يجعل هذه الموضوعات تتواشج مع قضايا الراهن المغربيّ وتُفجّر في نفس الوقت كلّ الأشياء اللامفكّر فيها، التي طالما اعتبرها المُشاهد بمثابة "طابوهات" لا ينبغي الحديث عنها والخوض فيها، كما هو الحال في مسرحيته "شاطارا" التي حقّقت نجاحاً كبيراً في مصر وحصدت 3 جوائز من مهرجان القاهرة التجريبي إلى جانب مسرحياتٍ مُختلفة من العالم العربي.
وقد خلّف فوز أمين ناسور الكثير من الآراء الإيجابية والتفاعل القيّم من لدن نقاد ومسرحيين وممثلين من العالم العربي ككلّ، لما تلمّسوا فيه من قُدرةٍ فنّية مُتفرّدة ورؤيةٍ إخراجية تضع المسرح المغربي في مُختبر الحداثة وفي قلب "المعاصرة" لا بوصفها لحظة زمنية أو سياقٍ تاريخيّ ننتمي إليه، ولكنْ باعتبارها مفهوماً فكرياً منه يتبلور مفهوم التجريب المسرحيّ وعلى منوال تُبنى الصور والمشاهد وطرق الأداء والاكسيسوارات التي تجعل المسرح المغربي يعيش حداثة مُكتملة، بدل العيش في غيبوبة التاريخ والتراث.