في حوار مع le360 يتحدّث المخرج المغربيّ محمّد مفتكر عن فيلمه الأخير "خريف التفاح" والإمكانات المُذهلة التي تُتيحها عملية العرض في هذه الليلة البيضاء على المستوى الجمالي، إذْ يعتبرها مفتكر أنّها بالغة الأهمية وتُتيح للجمهور إمكانية مُشاهدة الفيلم والتفاعل معه في الهواء الطلق. لكنّ العملية الفنّية لديه تأخذ بُعداً فكرياً، لأنّ سينماه لا تُدغدغ المُشاهد ولا تُقدّم له المشاهد على طبقٍ من ذهب، وإنّما تدفعه إلى التفكير والبحث عن أجوبةٍ شافية لما يعترض يرجّ كيّانه وما يشهده واقعه من تحوّلات وتصدّعات.
على هذا الأساس، يحرص صاحب "جوق العميين" على أنْ تكون أفلامه السينمائية مختبراً للتجريب والتفكير، فهي مُتحرّرة دوماً من الثنائيات المفاهيمية والمعايير الأخلاقية والتصنيفات الفنّية الجاهزة التي تُحنّط الفيلم وتدخله في سلسلة من التنميطات.
ولا يفوت محمد مفتكر الإشارة إلى أنّ أفلامه تُفكّر بالسينما وتجعل من الصورة أفقاً للتفكير، هنا يغدو الفيلم بالنسبة للمخرج عملاً مُضنياً لا يلهث وراء الأحداث الدرامية وأنماط صُورها، بقدر ما يعمل على القبض عن اللامفكّر فيه داخل واقعه وذاكرته، فتُصبح الصورة السينمائية أشبه بجغرافيةٍ مفتوحة على وقائع وتحوّلات اليومي.
وفي "جوق العميين" يترك محمد مفتكر كلّ ما هو فكري هذه المرّة ويُقدّم عملاً سينمائياً يستند على مفهومي الجسد والذاكرة. الأوّل يستعرض فيه مفتكر مجموعة من الصُوَر المُكثّفة عن طفولته وأحلامه من خلال شخصية الطفل. أمّا الذاكرة، فهي خزّان مرئي يستوحي منه مفتكر ملامح فيلمه، وذلك بالاستناد على تجربة الاعتقال والنضال، باعتبارها مرحلة تاريخيّة، لكنْ من وجهة نظر الطفل.
وعن سؤال السينما المعاصرة في علاقتها بالبُعد التجاري، فيعتبر أنّه لا يؤمن بمفهوم السينما التجارية ولا البوليسية والرومانسية، وإنّ ما يشدّه هو ما إذا كان الفيلم جيّداً أم لا، وأنّ الصورة السينمائية تبقى دوما مفتوحة على التجريب وعلى دمج كلّ العناصر التي قد يعتبرها البعض أجناساً أو أنواعاً.
تصوير وتوضيب: عبد الرحيم الطاهيري