لاشكّ أنّ في استقراره داخل عدّة بلدانٍ غربيّةٍ، إلى جانب موهبته الموسيقيّة وعشقه الآسر للإيقاع، جعلاه يُحقّق كلّ هذه الشهرة الكاسحة، ويغدو من الأسماء المغربيّة العالمية الأكثر تأثيراً في المَشهد الموسيقي العالمي. فالإقامة مُبكّراً في الغرب، ليست مجرّد ترفٍ اجتماعي، وإنّما بمثابة هاجسٍ فنّي مُؤرق، طالما اخترق مُخيّلته وجسده مُذْ كان طفلاً. الرغبة في تحقيق هذا الشغف والتعلّق بالموسيقى، لم يكُن ممكناً تحقيقه في المغرب، فكانت السويد مسقط القلب التي توّجت ريدوان موسيقياً كبيراً في العالم. وشيئاً فشيئاً، سيسمع العالم باسم ريدوان كفنّان موسيقي مُجدّد، ثمّ كمُنتجٍ ومُغنٍّ لعشرات الأغاني العالمية الشهيرة. غير أنّ شهرته كموسيقي استطاعت أنْ تخترق الآفاق، بعد أنْ قدّم العديد من الأغاني الناجحة لكلّ من شاكيرا وجينفر لوبيز والشاب خالد وليدي غاغا وألكسندرا بورك، وهي أسماءُ غنائية ليست سهلة للتعامل معها، بحكم ذائقتها الجماليّة والمكانة المركزيّة، التي تحتلها في نفوس الناس ووجدانهم. والحقيقة أنّ اشتغال ريدوان على الإيقاع ليس بجديدٍ في عالم الموسيقى الغربيّة، غير أنّ قُدرته على التوليف الموسيقيّ وإمكاناته الذاتية في تطويع العملية الفنّية، جعلته محبوباً من لدن عُشّاق الموسيقى المعاصرة.
يمتلك ريدوان من المؤهّلات الفنّية ما يجعله موسيقياً عالمياً، ففي مُجمل أغانيه، يحرص أنْ تأخذ موسيقاه واغانيه أبعاداً كونية، لا على مًستوى اللغة التي يُغنّي بها أو حتّى الوجوه الأيقونية التي تُظلّل سيرة فيديوكليباته، وإنّما مفهومه الخاصّ للأغنية والشكل الموسيقي الذي ُقيم فيه، عزفاً ومتخيّلاً.
والحقيقة أنّ اختيار ريدوان للأغنية الغربيّة فضاءً للتعبير والإقامة، تتحكّم فيه عواملٌ ذاتية، تتمثّل في كونه تعلّم الموسيقى في الغرب وقاده تراثها الموسيقي إلى تأسيس واجتراح أفقٍ فنّي مُغاير، يمزج بين أشكال متنوّعة من الموسيقى الغربيّة ويعمل في نفس الوقت، على وضعها داخل مُختبر حداثة موسيقيّة، حيث يغدو الإيقاع عنصراً مُتحكّماً في تشذيب الذائقة الجماليّة وصناعة آفاقها الفنّية والجماليّة. لذلك، لا يُمكن النّظر إلى تجربة ريدوان، إلاّ من خلال مُعاينتها داخل التراث الغربيّ، بوصفها تُشكّل امتداداً عميقاً لريبرطواره الموسيقي. إنّ اختيار أغنية Bamboo كأغنيةٍ رئيسيةٍ في مونديال 2005 والتي أدتها النجمة العالمية شاكيرا وحقّقت الأغنية شهرة واسعة في العالم، توّجت معها ريدوان فيما بعد مُديراً تنفيذياُ للفيفا، ثمّ موسيقياً ومُلحّناً ومُنتجاً مغربياً عالمياً قادراً على زحزحة المركزيّة الفنّية الغربيّة ومُنافسة أكبر الموسيقيين العالميين ونجوم السينما، بما حقّقته من تلقٍ جماهيري، رغم أنّها مجرّد أغانٍ ترفيهية ترتبط بأحداثٍ مُعيّنة، لكنّها تبقى قادرة على تحريك الساكن في ذوات الناس وتدفعهم إلى الفرح والطرب والرقص نُشداناً للحياة. وإذا تتبعنا المسار الموسيقي الذي سلكه نادر الخيّاط، سيتكشّف للمُستمع ذلك السحر الذي ظلّت تُمارس موسيقاه على العالم وتحتلّ في كلّ المناسبات الفنّية مراتب مُتقدّمة تُطيح من خلالها بكبار المغنيين والموسيقيين في العالم.
وعلى الرغم من كلّ النجاحات المُبهرة، تبدو موسيقى ريدوان وكأنّها لا تستطيع أنْ تُحقّق مسارها، بعيداً عن الموسيقى الإلكترونية، فهو يتوسّلها بشكلٍ كبيرٍ، لدرجةٍ يقلّ فيها مجهود المُبدع وتُصبح الأغنية مجرّد صناعة إلكترونية صاخبة ينتفي فيها مفهوم التأليف الغنائي، ويغدو مجرّد خطاب لا يُؤسّس شرعية الأغنية. وهذا النّمط أضحى بشكلٍ كبير مُترسّباً في بنية وعي الموسيقى المغربيّة المعاصرة، إذْ يجعلها فارغة وتلهث دوماً وراء إيقاعٍ صاخبٍ ونجوميةٍ كاذبةٍ، يغلب عليها الترفيه وتُستهلك بسرعةٍ، ثمّ يسرح في جسدها النسيان. لكنّ الأغاني القويّة التي لا يستطيع التاريخ برجّاته العنيفة أنْ يمحوها أو يُشوّهها أو حتّى أنْ يُظهر ضعفها، لأنّ قُدرتها على البقاء أقوى في مخيّلة الاجتماع المغربيّ، إذْ كلّما مرّ الوقت، تُجدّد نفسها من الداخل وتبرز في حلةٍ جديدةٍ وكأنّها وُلدت في نفس اللحظة. إنّ هذا الذي نتحدّث عنه يُسمّى بـ "الأثر" حيث تنحت الأغنية وموسيقاها مجراها عميقاً في جسد المُستمع وتنسج معه علاقةٍ قويّة قوامها العشق وسندها الرغبة في التجديد والابتكار. من ثمّ، فإنّ موسيقى ريدوان على أهميتها في الزمن المعاصر، بوصفها تُحاكي تحوّلات المرحلة وتقطع مع مرحلة الحداثة إلى ما بعد الحداثة، فهي تبقى موسيقى بلا أثر وبلا ملامح، ولا تستطيع أنْ تصمد في وجه التاريخ، بحكم أنّ الموسيقى الإلكترونية وحدها لا تكفي ولا تستطيع تأسيس مشروعٍ موسيقي يُعوّل عليه، بما يمتلكه من عناصر جماليّة وخصوصياتٍ فنّية يستطيع بها مواجهة مُحيط الترفيه الذي يكاد يكتسح الممارسات الفنّية عموماً، ويجعلها مجرّد بضاعةٍ تجارية قابلة للبيع والشراء حسب منطق العرض والطلب و"الجمهور عايز كدا".