لكن هل من المشروع الحديث عن تطوير القطاع الثقافي في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة كتلك التي يعيشها المغرب؟ يرد الباحث نجيب بودربالة على هذا الأمر بصفة حاسمة قائلا إن هذا السؤال يحمل بين طياته تناقضا خاطئا، لأن الاستجابة للحاجات الاجتماعية الأساسية لا تتناقض مع تطوير الثقافة، بل على العكس، يوجد بين هذين المطلبين العديد من مساحات التكامل. ويؤكد هذا الطرح الكاتب الصيني الحائز على جائزة نوبل، غاو شين جيانغ، إذ يقول: “الثقافة حاجة أساسية وليس رفاهية".
إن التقدم الاقتصادي لا يرتبط فقط برأس المال والعمل، لأن التقدم التقني يشمل العديد من المؤشرات المرتبطة بالتعليم وتشجيع البحث العلمي وصقل المهارات وتحفيز الإبداع، وبالتالي فإن الاستثمار في ميادين الثقافة يصب في خانة النمو الاقتصادي، واستغلال الاستثمار الثقافي، إلى جانب خلق فرص عمل، يمكن من تحسين صورة البلد في الخارج، والأمثلة على ذلك في دول كثيرة كإسبانيا وفرنسا حيث أصبح المنتوج والموروث الثقافي حافزا يشجع السياح على زيارتها.يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صادق عليه المغرب الثقافة كحق من حقوق الإنسان، لكن هذا الحق في المغرب يبقى ناقصا وفي حاجة إلى الكثير من الجهد لترسيخه والتطبيع معه.
ومن العوائق التي تقف أمام تطوير الثقافة بالمغرب غياب شبه تام للتربية الفنية، التي يبقى حضورها ضعيفا في المدرسة العمومية، وهو ما يؤثر سلبا على التكوين النفسي للأطفال والشباب. وتؤكد "اليونيسكو" هذا الطرح في دراسة أجرتها جاء فيها أن "وجود أماكن للتكوين في ميدان الثقافة مؤشر على التطور الاقتصادي والغنى الثقافي".
كما أن أحد الحواجز التي تقف أمام تطوير الثقافة في المغرب ضعف البنية التحتية الملائمة من مكتبات ومتاحف وقاعات سينما ومسارح، وتركزها في أربعة أو خمسة مدن على حساب بقية المناطق التي تعرف بعضها غيابا تاما للبنية التحتية الثقافية، وحتى تلك المتوفرة فهي لا تحترم المعايير المطلوبة في المؤسسات الثقافية.
