وأوضحت خديجة صاي، رئيسة تعاونية أكرض الفلاحية بأكادير إداوتنان، أن الاحتفال بشجرة الأركان على الصعيد الدولي جاء بعد أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تخصيص يوم 10 ماي من كل سنة موعدا لإبراز أهمية هذه الشجرة ومكانتها، وبعد أن شاركت 113 دولة عضو في رعاية مشروع القرار الذي تقدم به المغرب وتم تبنيه بالإجماع.
وأضافت المتحدثة، في تصريح لـLe360، أن المناسبة بمثابة اعتراف وتشريف للمرأة القروية ويبرز مَهمَّتها الشاقة في إعداد وإنتاج زيت الأركان سواء الموجه للأكل أو الذي يستعمل في المستحضرات التجميلية الدولية، ومن شأن هذا الاحتفال أن يعود بالنفع على المنتج وذوي الحقوق.
وأكدت صاي أن المناسبة تأتي في خضم مجموعة من التحديات التي تواجه مستقبل شجرة الأركان، من ضمنها احتكار المادة الأولية (أفْيَاشْ) الذي أدى إلى ارتفاع سعر زيت الأركان بالأسواق إلى مستويات غير مسبوقة وأوقف عمل عدد من التعاونيات لعدم قدرتها على مسايرة هذه التطورات التي أضرت كثيرا بالقطاع.
وأشارت الكاتبة العامة للفدرالية الوطنية لنساء قطاع الأركان إلى أن هذه الأخيرة اختارت الدفاع عن حقوق النساء وتحقيق مطالبهن والترافع لدى الجهات المختصة من أجل ذلك باعتبار أن مجال الأركان كما هو متعارف عليه نسائي بامتياز، مؤكدة أن "التحجج" بالجفاف كسبب في ارتفاع الأسعار "غير منطقي" بحكم أن مناطق الجنوب شبه جافة بشكل دائم ولم يسبق أن سجلت الأثمنة هذا الارتفاع الصاروخي إذ وصلت إلى ما يفوق 500 درهم للتر الواحد، مشددة على أن مساهمة هذا العامل الطبيعي يبقى نسبيا ومحدودا.
ونبهت المتحدثة إلى أهمية الأمطار التي شهدتها المناطق الوسطى والجنوب خلال الآونة الأخيرة، بحيث ساهمت في إحياء هذه الشجرة التي تحتاج لقليل من الماء للصمود في وجه الجو الحار السائد بهذه المناطق الجافة، مضيفة أن الإنتاجية والمردودية ستكون جيدة خلال الموسم الحالي وكذا الموسم المقبل.
من جانبه، قال ميلود أزرهون، المنسق الإقليمي لشبكة جمعيات محمية المحيط الحيوي للأركان بإقليم تارودانت، إن أهمية الاحتفال الدولي بشجرة أركان تكمن أولا في الوقوف وقفة تأمل في الإشكالات الكبرى التي تواجه المحيط الحيوي للأركان المرتبطة بتراجع الفرشة المائية بالمنطقة وتوالي سنوات الجفاف وتدهور الغطاء النباتي وزحف التصحر.
كما تعد، يقول أزرهون، مناسبة للتفكير الجماعي في الحلول والبدائل للحفاظ على هذه الشجرة، والتي شرع في تنفيذها كتأسيس الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات ومجال الأركان "الأنزوا" والقوانين المرتبطة بهيكلة المسارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المرتبطة بالأركان، فضلا عن تنزيل عدد من القوانين من بينها 113.13، مضيفا أن الحرص والتعبئة الجماعية من أجل حماية تنفيذ هذه القوانين بالشكل الذي يخدم المصالح المتعلقة بساكنة المجال يبقى أمرا مهما ومطلوبا.
واعتبر المتحدث مأسسة النظم التقليدية من قبيل "أكدال" باعتباره من الآليات التقليدية لحماية مجال الأركان مع مراعاة ساكنة المجال فضلا عن مساهمة السلطات المحلية في تطبيق هذا النظام على النحو المطلوب ومحاربة الأشخاص أو المجموعات التي تحاول أن تخرقه والحث على الالتزام بالمدة الزمنية المحددة له.
ودعا المنسق الجهوي للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، الجماعات المحلية إلى التدخل أيضا في إطار الأنظمة الداخلية لحماية الأركان، معتبرا تخصيص الجمعية العامة للأمم المتحدة يوما عالميا لشجرة الأركان محطة هامة تعكس القيمة الكونية لهذه الشجرة باعتباره تراثا محليا ومِلكا إنسانيا، كما تعكس كذلك نجاح الدبلوماسية المغربية على مستوى مؤسسات الأمم المتحدة من أجل أن تحتل المملكة المكانة التي تستحقها سياسيا واقتصاديا وحقوقيا وبيئيا.