وافتتحت الندوة، التي نظمت مساء الجمعة 22 ابريل 2022 بمقر جهة الدارالبيضاء – سطات، بتلاوة آيات بينات من القرآن الحكيم تلاها القارئ سعيد مسلم، تلتها الكلمة الافتتاحية لرئيس مؤسسة الملتقى مولاي منير القادري، الذي أشار إلى أن الإِنسانية اليوم تواجه تَغَيُّرَاتٍ وَتَحَدِّيَاتٍ َاجْتِمَاعِيَّةً وسِيَاسِيَّةً وَاقْتِصَادِيَّةً وَدِينِيَّةً؛ وأنها تحمل في طياتها وأصلها أزمة أخلاقية، بل فقدت بوصلة الأخلاق والقيم، وغرقت في النزعة الاستهلاكية والليبرالية المتوحشة والنزاعات الطائفية والمذهبية.
© Copyright : DR
وأوضح أن للأخلاق دور حاسم في التطور الفكري والتقدم الحضاري للأمم، وأنها تلامس كل مظاهر الحياة الإنسانية، وتمثل الجانب المعنوي والروحي في الحضارة الإنسانية كما تمثل جزءً أصيلا من بنية هويتنا الإسلامية، وبين أن القيم الأخلاقية بأبعادها الاجتماعية والعملية تعتبر أحد أهم المكونات الأساسية للشخصية الإنسانية، وأنها معايير وأهداف تمثل ضرورة اجتماعية، ويشمل تأثيرها سلوك الأفراد، واتجاهاتهم، وعلاقاتهم، وهي بذلك توفر إطارا مهما لتوجيه وتنظيم سلوك الأفراد والجماعات.
واعتبر أن القيم الأخلاقية "تحفَظ للمجتمع تماسكه، وتحدِّد أهدافه ومُثلَه العليا ومبادئه الثابتة لممارسة حياة اجتماعية سليمة، كما تعطي الأفراد إمكانية تحقيق ما هو مطلوب من خلال بناء شخصيتهم بناءً متوازنا سويا، في إطار نفسي وفكري يمدهم بأنماطًا سلوكية سليمة، و يُحقِّق الانسجام والتكامل بين بناءِ شخصيتهم الفردية وترسيخ القيم الأصيلة لديهم؛ حتى يصبح الإنسان المتحلي بالقيم فاعلًا في مجتمعه، قادرا على الدفاع عن حقوقه ووطنه وإثبات هُوِيَّته، متكيفا مع إكراهات حاضره، ومستعدا لتحديات مستقبله...".
© Copyright : DR
من جانبها قالت الدكتورة أسماء المرابط، طبيبة بيولوجية، كاتبة ورئيسة كرسي المرأة والديانات بالمؤسسة الأوروبية العربية بجامعة غرناطة باسبانيا، إن موضوع القيم الروحية والأخلاقية أصبح يطرح نفسه بقوة حاليا أمام تصاعد العنصرية ونقاش الهوية، مشيرة إلى أنه ليس هناك تدافع بل هناك تكامل بين القيم الروحية والقيم الكونية.
وأضافت أن مختلف القيم الكونية ليست وليدة فراغ ثقافي أو ديني بل نتاج تطور المجتمعات والديانات، وزادت أن دمج القيم الروحية والكونية ليست ترفا بل ضرورة ملحة في عالم.
© Copyright : DR
واعتبر مدير الدراسات بمعهد الموافقة المسكوني كريسطوف روكو، ومدير مصلحة العلاقات مع الإسلام بمنظمة أساقفة فرنسا سابقا، أن الانسان ليس عدوا لأخيه الانسان أو منافسا له وإنما أخ له في الإنسانية ، وأكد أن التسامح في مجتمعاتنا الحالية لم يعد كافيا، وإنما ينبغي احترام الأخر واحترام الاختلاف.
أما المفكر ميشال طاوشان، رئيس ومؤسس مجموعة "التفكير حول القضايا الأممية "، فاعتبر أن الأعياد والمناسبات الدينية كشهر رمضان الكريم وعيد الفصح تشكل فرصة ومثالا للعيش المشترك.
وعرفت هذه الندوة حضور كل من سعيد بيهي رئيس المجلس العلمي المحلي بالحي الحسني، وأمين لغيدي رئيس المكتب الجهوي بالرباط لجمعية المصدرين بالمغرب وخبير في الدبلوماسية، ومحمد اشتاتو الأستاذ الجامعي بالجامعة الدولية بالرباط.
وحسب بلاغ لمؤسسة الملتقى، تهدف هذه الأخيرة إلى تنمية القيم الإنسانية والسلوك النبيل، وجعلها فضاء حقيقيا لتبادل المعارف المرتبطة بالبعد الروحي للإسلام، من خلال العمل على نشر ثقافة السلام، والتقريب بين الحضارات والحوار بين الأديان. بالإضافة إلى الاهتمام بالمجال الديني والروحي وذلك من خلال تنظيم الملتقى العالمي للتصوف الذي يعرف حضور متميزا ووازنا لعلماء ومفكرين وباحثين من مختلف دول العالم. وكذلك القرية التضامنية التي تجمع عدة عارضين من المغرب والخارج، مشيرة إلى أن الحدثين معا يحظيان بالرعاية السامية للملك محمد السادس.
كما تحرص المؤسسة، يضيف البلاغ، على نشر قيم التضامن وحب الوطن في المجتمع خاصة لدى فئة الشباب من خلال تنظيم عدة برامج وأنشطة كالجامعة المواطنة والجامعة الصيفية.