الحلي الأمازيغية.. حينما تصبح الزينة جزء لا يتجزأ من هوية عريقة

DR

في 09/06/2021 على الساعة 14:00

لم تستطع عوادي الزمن أن تنال من الحلي الأمازيغية التي ما تزال حاضرة بقوة في العديد من ربوع المملكة، حيث تبرز هاته الحلي العديد من المقومات التاريخية والهوياتية لساكنة الأطلس والريف والجنوب الشرقي والصحراء، سواء في الأعياد أو الحفلات أو مختلف المناسبات.

وبغية إبراز ما تتميز به هذه الحلي من غنى وثراء ضاربين في عمق التاريخ، أصدر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كتابا رقميا تحت عنوان "تيزوزاف" (الحلي) من تأليف الباحث عبد السلام أمرير. ويتضمن هدذا الكتاب أنواع الحلي التي تستعملها المرأة الأمازيغية من أقراط الأذن وأنواع الأسورة والخلالات وغيرها.

وفي تصريح للبوابة الأمازيغية لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الحسين آيت باحسين، باحث في الثقافة الأمازيغية، إنه من بين الشواهد الدالة على علاقة الأمازيغ بالحلي منذ العهود القديمة، يمكن ذكر القلادة التي تم العثور عليها بمغارة الحمام مصنوعة من الصدفيات والقواقع.

وحسب بيان صادر عن وزارة الثقافة والشباب والرياضة (قطاع الثقافة)، فقد عثر علماء من المعهد المغربي للآثار والتراث، بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية، على نحو عشرين من الصدفيات البحرية استعملها الإنسان قديما كحلي في مغارة الحمام الواقعة قرب بلدة تافوغالت في شمال المغرب الشرقي، على بعد حوالي 55 كلم شمال غرب مدينة وجدة.

وأضاف باحسين أن هذه المجموعة من الحلي تعود إلى 82 ألف سنة، ويعتقد أنها الأقدم في العالم.

وبهذا الإكتشاف، يقول باحسين، تكون الحلي التي تم العثور عليها في المغرب أقدم من تلك التي اكتشفها العلماء في جنوب إفريقيا، والتي تعود إلى 70 ألف سنة، أو تلك التي عثر عليها في أوروبا أو في فلسطين والمتراوحة ما بين 30 و40 ألف سنة.

وفي ما يخص علاقة الأمازيغ بصناعة الحلي، سواء في عموم شمال إفريقيا أو في المغرب على وجه الخصوص، شدد باحسين على أن بعض الأبحاث والدراسات تؤكد أن الأمازيغ استطاعوا أن يطوعوا المعادن عبر العصور، وأنهم تمكنوا من إذابة المعادن وأولها كان النحاس قبل ثلاثة آلاف سنة، وهذا ما أوردته كذلك وثائق فرعونية تطرقت للحلي الأمازيغية في تلك الحقبة.

وكتوثيق لهذا السبق في صناعة الحلي والتعدين، أشار الباحث إلى لوحات الفن الصخري والنقوش الصخرية الشاهدة على تلك العراقة، والتي تمثل رسوما لحلي الخلخال بمنطقة تازناخت (إقليم تارودانت)، إضافة إلى الزي الأمازيغي النسائي المرصع بالحلي الفضية.

وحول تفضيل التقاليد الأمازيغية في هذا الباب الفضة على الذهب، أوضح الحسين آيت باحسين أن الأدلة التاريخية أثبتت استعمال الأمازيغ للذهب في التبادل التجاري مع القرطاجيين، وذلك حسب ما ورد في رحلة حانون القرطاجي، وتبعا لما أورده هيرودوت من أن القرطاجيين كانوا يتبادلون سلعهم مع الأمازيغ بكميات الذهب التي تساوي ثمن السلع، مع الإشارة إلى أن الطرفين كانا عادلين في مبادلاتهما.

"السؤال المطروح هو: ما دام الأمازيغ كانوا يتاجرون في الذهب، لماذا ظلوا يفضلون التزين بالحلي الفضية والأكل في الأواني الفضية؟"، يتساءل الباحث، مؤكدا أن الأمازيغ، بالفعل، فضلوا، على مر العصور وفي مختلف المناطق التي كانوا يتواجدون فيها في شمال إفريقيا، معدن الفضة على الذهب ضمن الحلي التي كانوا يتزينون بها.

ويظهر حب الأمازيغ للفضة من خلال ارتباطهم بها في الشعر والحكم و الأمثال، بل حتى في النصوص ذات الصبغة الدينية، كما هو الشأن عند الشاعر الأمازيغي المغربي سيدي حمو الطالب.

ومن حيث الدلالة الرمزية، قال الباحث إن الأمازيغ يفضلون الفضة لإيمانهم بأنها ترمز للصفاء، وأن بياضها الناصع يرمز لمعاني الخير والحب والسلم والأمان. ومن الأمثال التي يتداولها المغاربة عن الفضة، المثل الشعبي القائل: "الله يعطيك شي نقرة فين يغبر نحاسك” (الترجمة الحرفية: نتمنى من الله أن يرزقك فضة يختفي فيها نحاسك)، وهو مثل موروث عن ذاكرة جمعية يدل على صفاء الفضة وقيمتها الكبيرة لدى الأمازيغ.

تحرير من طرف Le360 مع و.م.ع
في 09/06/2021 على الساعة 14:00