وإذا ما حللنا بخيمة أو منزل لإحدى العائلات الصحراوية بأقاليمنا الجنوبية، فإننا سوف نجد مائدة الإفطار تخلو تماما من "الحريرة" و"المسمن" و"البغرير" و"البطبوط" وغيرها من العناصر الأساسية المكونة لموائد الإفطار بمدن وسط وشمال المملكة، بل سنجد مكانها مكونات غذائية أخرى تحمل أسماء قد يجهلها الكثير من المغاربة.
وحسب ما أكده مصدر Le360، السيدة س.ع المنتمية لقبيلة الركيبات الصحراوية العريقة، فإن أهل الجنوب المغربي يفضلون تناول مواد غذائية خفيفة في وجبة إفطارهم، والتي تتمثل في "حساء الدشيشة"، المكون من حبات "البلبولة" المطبوخة مع الماء وزيت الزيتون والحليب والملح، أو "حساء المكلي"، المكون من دقيق الشعير الطبيعي والماء وزيت الزيتون والملح، بالإضافة إلى التمور وبعض الحلويات والمكسرات، أما محور المائدة فيكون قدح اللبن الطازج أو ما يطلق عليه بالحسانية "الزريك"، الذي يستند إلى مشروب مخفف بالماء والسكر المضاف إلى حليب النوق "الفريك" أو الماعز، و الذي تتناقله الأيادي حسب موقع جلوس الصائم من اليمين إلى اليسار، على الطريقة العربية.
ومباشرة بعد شرب الشاي الصحراوي الأصيل، الذي يكون مركَّزا للغاية، يتم تناول الوجبة الرئيسية لدى الصحراويين، وهي لحم وكبد الإبل المشوي على الفحم، بالإضافة إلى الشحم المعروف باسم "الذروة"، والذي يكون خاليا تماما من الكوليسترول.
© Copyright : DR
© Copyright : DR ولعل أبرز ما قد يبدو غريبا لقرائنا، هو أن غالبية أهل الصحراء لا يمانعون في تناول بعض قطع كبد و"ذروة" الإبل دون إخضاعها للطبخ، أي نَيِّئَةً، وذلك بالنظر لـ"روعة طعمها"، على حد تعبير مصدرنا.
وخلال السنوات القليلة الماضية، بدت بعض موائد الإفطار بالصحراء تحمل مكونات غذائية جديدة، من قبيل "البيتزا" و"البطبوط المحشو" وغيرها من الأشياء التي يتم استيراد طرق تحضيرها من مدن أخرى غير صحراوية، وهو ما لا تحبذه عائلات كثيرة بالأقاليم الجنوبية، معتبرة تلك الأكلات دخيلة على ثقافتها المتوارثة.
هذا وعند حلول موعد السحور، فإن أهل الصحراء يتفقون جميعا على أكلة واحدة وموحدة، ألا وهي خليط الشعير الذي يكون ممزوجا بالماء وزيت الزيتون والملح، وقد ينضاف إليه الحليب أحيانا، يطلق عليه سكان الجنوب اسم "المكلي" أو "البلغمان"، ويقولون إنه يمنع الجوع والعطش لدى الصائم طيلة اليوم.
© Copyright : DR من خلال ما ذكرناه، يتضح جليا أن المغرب غني بتنوع ثقافاته، فكل مدينة تختلف عن أخرى، وهو ما يجعل جميع المناطق المغربية محط إعجاب وفضول للسياح من كل مناطق العالم، الذين يرغبون في اكتشاف أطباق المغاربة، الصحراويون والشماليون والأمازيغ والريفيون...