بالنسبة للسيدة ليدي كايا، فقد كان التسونامي الذي ضرب اليابان العام 2011، البداية التي أثارت كل شيء، وتقول في حديثها للنسخة المغاربية لـ"هاف بوست"، جعلني هذا أتساءل وأفكر في الطريقة التي يضع بها مجتمعنا الاقتصاد دائماً في المرتبة الأولى، وبدأت أفكر في الحياة التي أريد عيشها.
وبينما كانت تمر بمرحلة اكتئاب، أهدى إليها صديقها الموسيقي كويو يامادا آلة الكمبري (التي تستخدم في موسيقى كناوة) لمساعدتها على تخطي محنتها.
استكشف كويو بدوره موسيقى كناوة، منذ عشرين عاماً، بعد أن أصغى إلى قرص مدمج للمعلم محمود كينيا، ويحكي كويو قصته قائلاً "عندما سمعت النوتة التي يصدرها الكمبري، قلت: "هذا هو الصوت الذي أبحث عنه".
وكانت موسيقى كناوة أيضاً بمثابة دواء وعلاج لليدي كايا، التي كانت تعزف على البيانو قبل ذلك، وعلى الطبل وآلة الإيقاع، وتقول "قررت أن أعزف موسيقى كناوة لمصلحتي. ومفاجأتي الكبرى، هي أنه سمح لي هذا بأن ألتقي بالعديد من الأشخاص غير المتوقعين".
بدأ الاثنان العام 2015، بالقيام ببعض الحفلات في صالات صغيرة في اليابان، وهناك تعرفا على مصور الفيديو ريتشي إناجاكي، الذي اكتشف بدوره موسيقى كناوة أثناء زيارته للمغرب منذ ثلاثة أعوام.
إذ يقول ريتشي "كالكثير من السياح الآخرين، ضعت في شوارع المدينة القديمة في مراكش، وفي لحظة، سمعت صوت الموسيقى، ووجدت مجموعةً من الأشخاص يعزفون على نوع من القيثارة وصنجات معدنية، كنت مبهوراً كلياً بالإيقاع، والصوت والرقص".
عاد ريتشي إلى بيته، وأخذ يبحث في الإنترنت، ووجد أن العديد من الموسيقيين اليابانيين يعزفون بالفعل موسيقى كناوة في اليابان، "ذهبت إلى إحدى حفلاتهم في طوكيو، وهناك بدأ مشروع غناوة طوكيو".
من خلال بث أشرطة الفيديو الخاصة بهم على موقع يوتيوب، أثار الفريق حماسة رواد الإنترنت، ويقول ريتشي "وجدنا أنه من المدهش أن الثقافة التقليدية لا تزال حية في المغرب، وأن تكون موسيقى كناوة مرتبطة بشكل وثيق بالحياة اليومية للأشخاص"، "لكن هذه الموسيقى غير معروفة عند الأجانب، في هذا المشروع، نلتقي ونتواصل مع أشخاص يعزفون موسيقى كناوة، ونسجل ذلك، ونشاركه مع الأجانب مثلنا".
وعلى الرغم من ارتباط هذا النوع من الموسيقى بالصوفية، لكن كويو يقول إن الوقوع في حب فنٍ ما، مثل الوقوع في حب شخصٍ ما، تريد فهمه، وإمضاء أطول وقتٍ ممكن معه، وبالنسبة له، فإن ممارسة موسيقى كناوة، تنقية لروحه، ويقول "أظن أن الذين يحاولون أن يتطهروا، هذا بمثابة منقذ لهم"، "ثقافتنا اليابانية فقدت روحها، إنها تتجه نحو الهلاك، أتعلم كيف أعيدها للحياة من خلال المغرب، الذي يبدو لي كقوة موسيقية عظمى".