بورتري: محمد اليوبي.. رجل التواصل في زمن كورونا

مدير الأوبئة ومكافحة الأمراض بالوزارة محمد اليوبي

مدير الأوبئة ومكافحة الأمراض بالوزارة محمد اليوبي . DR

في 10/04/2020 على الساعة 14:30

وجهه حاضر باستمرار في الشاشة واسمه على كل لسان. محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة بوزارة الصحة أصبح من الوجوه المألوفة لدى المواطن المغربي في ظل هذه الظروف الاستثنائية بسبب وباء كوفيد 19. وفيما يلي مسار محمد اليوبي.

كل يوم على الساعة السادسة مساء، يتسمر المغاربة أمام شاشة التلفاز أو يستعملون هواتفهم الذكية. ينتظرون بفارغ الصبر الإعلان عن آخر حصيلة لتطور وباء كوفيد 19 في بلادنا خلال 24 ساعة. وبناء على هذه المعطيات، يمكنهم إما أن يتنفسوا الصعداء وإما أن يدركوا بأن الوضع يزداد سوءا يوما عن يوم.

الشخص الذي يتكلف بالإعلان يوميا عن هذه الحصيلة ليس إلا محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة بوزارة الصحة.

من الطرب إلى الطب

ازداد محمد اليوبي بمدينة فاس في منتصف الستينات من القرن الماضي، وسط عائلة محافظة، كغيرها من أسر العاصمة الروحية للمملكة.

بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، فضل عدم الالتحاق بالجامعة التي كان يهيمن عليها في ذلك الحين التيارات اليسارية واختار أن يلتحق بكلية الطب. "اتبع نصائح أبيه الذي لديه ولدين آخرين يمارسان الطب"، وفق ما أكده أحد معارفه القلائل.

وتابع مصدرنا قائلا: "كان أبوه، عبد المالك، أحد الوجوه المعروفة في فن الملحون بفاس. غير أنه اختار أن يسير أولاده في مسار آخر". وكان هذا المسار هو ممارسة مهنة الطب عوض ممارسة الفن أو الطرب.

في كلية الطب بالرباط، كان الطالب محمد اليوبي هادئا ولا يحب خلق المشاكل. وأوضح أحد مصادرنا قائلا: "كان خجولا ولا زال. وكان أيضا مجتهدا حتى لا يخيب أمال أسرته". عندما كان يتعين القيام بعمل مضن، لم يكن محمد اليوبي أبدا يقول لا.

كان يشعر بأنه يؤدي مهمة، وهكذا فإنه مارس عمله في المناطق التي يرفض الخريجون الجدد، "أبناء الأغنياء" الذين درسوا في كليات الطب في المملكة، العمل فيها. يتذكر أهالي بني ملال وأزيلال محمد اليوبي كطبيب يعرف كيف يستمع إليهم وقبل كل شيء ينصحهم. وكان خدوما، وكان أحيانا يعطي من ماله.

لكن هذا الوضع لم يستمر طويلا. إذ قرر هذا الطبيب أن يعطي منعطفا جديدا لمسيرته من خلال اختيار تخصص مهم للغاية. بعد التحاقه بالمدرسة الوطنية للصحة العمومية، قرر أن يذهب إلى فرنسا في أواخر العقد الأول من هذا القرن لدراسة علم الأوبئة. وبفضل حصوله على الرتبة الأولى في أول فوج (محدود جدا من حيث الأعضاء) تم منحه منحة دراسية حكومية لتمويل دراسته.

اليوبي يعوض المعروفي

بعد عودته من فرنسا، تولى محمد اليوبي عدة مناصب مسؤولية في وزارة الصحة. وهكذا، فقد تولى على سبيل المثال منصب المدير العام بالنيابة للمدرسة الوطنية للصحة العمومية. وظل ينتظر فرصته للحصول على منصب آخر.

وبالفعل حصل ذلك في شهر شتنبر 2018 عندما اختير محمد اليوبي لتعويض عبد الرحمان المعروفي (الذي عين مديرا لمعهد باستور) على رأس مديرية الأوبئة.

البعض تحدث عن صفقة بين حزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية، وهو الحزب الذي ربما ينتمي إليه محمد اليوبي، أو على الأقل يتعاطف معه. لا نعرف حقيقة الأمر، خاصة وأن المعني بالأمر يرفض الرد على تساؤلاتنا.

وقال مصدر بوزارة الصحة بأن محمد اليوبي "لا يحب وسائل الإعلام وبأنه شعر بالارتياح لأنه لم يعد مضطرا للرد على أسئلة الصحفيين وجهاً لوجه منذ بدء الحجر الصحي".

آيت الطالب أو العثماني أمام الكاميرا؟

تقول مصادرنا بالرباط إن محمد اليوبي لم يسع لأن يكون في الواجهة للتواصل مع الرأي العام حول تطور الوباء في بلادنا. وأوضحت مصادرنا قائلة "أُرغم بطريقة ما على ذلك بحكم منصب المسؤولية الذي يتحمله".

"قالها هاداك اليوبي لبارح!"، هذا ما قاله بائع متجول بدرب غلف بالدار البيضاء في إشارة إلى الحصيلة التي تقدم يوميا انطلاقا من وزارة الصحة.

وهذا معناه أن ما يقوله هذا الطبيب له أهمية بالغة مقارنة بالكلام الصادر عن السياسي أو غيره. لأنه، كما يعلم الجميع، في المغرب كما في أي مكان آخر، الكلام الصادر عن السياسي لا يستسيغه الرأي العام. تخيلوا ردة فعل المغاربة أمام تدخل لسعد الدين العثماني أو خالد آيت طالب وزير الصحة أو حتى أمام تدخل لحسن عبيابة (وزير الثقافة السابق والمتحدث باسم الحكومة الذي تم إعفاؤه من منصبه يوم الثلاثاء الماضي).

ولهذا، في الوقت الحالي، سيظل محمد اليوبي هو الذي سيعلن عن الأخبار الجيدة والسيئة، إلى جانب مساعديه.

من يدري؟ سيشكل فيروس كورونا بكل تأكيد يوما ما ذكرى سيئة وكابوسا سيئا، لكننا سنتذكر أيضا محمد اليوبي.

تحرير من طرف محمد بودرهم
في 10/04/2020 على الساعة 14:30