يبدو أن الحادث المأسوي الذي وقع بأوريكا سنة 1995 لم يشكل عبرة. فالفيضانات التي شهدتها هذه المنطقة بالأطلس الكبير أسفرت عن خسائر بشرية فادحة (وفق إحصائيات رسمية)، إذ لقي أكثر من 60 شخصا مصرعهم في ذلك الحادث الأليم، عندما جرفتهم سيول الوادي الذي يمر بأوريكا.
حادث مأسوي شبيه بما وقع بأوريكا حدث أمس الأربعاء 28 غشت، نتيجة عواصف رعدية قوية ضربت جماعة إيمي نتايرت بإقليم تارودانت، إحدى المناطق الجبلية التي تبعد بحوالي 90 كلم عن مدينة ورزازات.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية عن فتح تحقيق بشأن الحادث المؤلم، فإن أولى المعطيات التي استقاها Le360 من عين المكان تظهر أن سيول واد إيمي نتايرت وقعت حوالي الساعة الخامسة بعد الزوال، في الوقت الذي كان فيه شبان الجماعة يلعبون مباراة في كرة القدم في ملعب بني بمجرى الوادي.
الذين استطاعوا الصعود إلى الهضبة نجوا ولكن رأوا كيف أن السيول جرفت أصدقاءهم وهم عاجزون عن إنقاذهم.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو التالي: من رخص ببناء ملعب في هذا المكان؟
المبادرة تعود إلى جمعية محلية التي بنت هذا الملعب، الذي أصبح اليوم أثرا، بناء على ترخيص من الجماعة التي يرأسها، بحسب مصادر محلية، حزب الاتحاد الدستوري.
ووفق مصادر محلية، فإن الجهة التي وقع فيها هذا الحادث "جد متأثرة".
وبحسب مسؤولين جماعيين، فإنه ليس هناك من مكان أكثر ملاءمة مثل ذلك المكان المستوي (مجرى الوادي) من أجل بناء ملعب.
ومن جانبه، انتقد النائب البرلماني لمدينة تارودانت عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، بشدة الحكومة لكونها لم تخبر مسبقا بشكل جيد "السكان المحليين بشأن وقوع العواصف الرعدية".
وعبر عن استنكاره بالقول: "أين هي هذه الحكومة التي لم تخبر (الساكنة) والتي لم تنتقل إلى عين المكان"، قبل أن يحمل مسؤولية بناء هذا الملعب إلى السلطات المحلية.
وتساءل عبد اللطيف وهبي قائلا: كيف سمحت الجماعة بالترخيص ببناء ملعب قبل مجرى الوادي؟"، داعيا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها بشأن هذا الحادث المؤلم.
وفضلا عن ذلك، دعا النائب البرلماني لمدينة تارودانت رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في المنطقة المنكوبة بسبب هذه الفيضانات ويرسل بعد ذلك "وفدا حكوميا إلى عين المكان وتقديم مساعدات مالية لعائلات الضحايا".
وختم عبد اللطيف وهبي بالقول: "المنطقة فقيرة جدا".
وكان مدون مطلع على ما يجري في المنطقة التي وقع فيها الحادث قد حذر في تدوينة على تويتر من أخطار بناء ملعب بمجرى الوادي.
غير أنه لم يتم الاستماع إلى ذلك التحذير إلى أن وقعت الكارثة التي أدت إلى مصرع بعض شبان منطقة إيمي نتايرت يوم أمس الأربعاء 28 غشت.
هذا الحادث يفرض ضرورة أن يكون المنتخبون على علم بما يقومون به.
إن ممارسة السياسة تفرض قبل كل شيء أن يكون السياسيون مسؤولين، لأن حياة الناس قد تكون على المحك.