بالفيديو: لهذا تحولت فصول الدراسة المغربية إلى حلبات للمصارعة

DR

في 14/11/2017 على الساعة 10:00

توالت في الأيام الماضية حوادث تحول فيها بعض التلاميذ إلى ملاكمين يعنفون أساتذتهم بوحشية منقطعة النظير، محولين قاعات الدرس إلى حلبات للمصارعة.. ما سبب هذا الجنوح في العملية التعليمية؟

"لك التكريم يا قمر المعالي.. فيك تجمعت زين الخصال.. بعلمك قد علوت اليوم قدراً.. فقدرك بين كل الناس عالي.. فعذراً يا مربي الأجيال.. عذراً بحقك لن يفي اليوم مقالي"، هي كلمات اعتادت أجيال من مغربية سابقة أن ترددها داخل أسوار المؤسسات التعليمية سرا وعلنا، في فترة كانت للأستاذ مكانة وللتلميذ قيمة.

ومثلما تابع جميع المغاربة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، خلال العشرة أيام الماضية، فإن أسرة التعليم عاشت أتعس لحظاتها، استحقت أن نطلق عليها عبارة "لحظات للنسيان"، كيف لا وفصول الدراسة تحولت إلى حلبات مصارعة، يضرب فيها التلميذ أستاذه ويستفز فيها المدرس طلابه، ما جعلنا نعيش على وقع انتشار مقاطع فيديو شنيعة، لن ينسينا فيها أبدا تأهل المنتخب الوطني إلى مونديال روسيا ألفان وثمانية عشر.

إننا هنا صدقا لا نبحث عن وسائل لمعاقبة الأساتذة أو التلاميذ بسبب هذه الأفعال بقدر ما نبحث عن الأسباب الاجتماعية والنفسية الكامنة وراء تفشي ظاهرة المشاجرات والمشادات الكلامية والتعنيف داخل أقسام المؤسسات التعليمية.

وحول هذا الموضوع، قال المفكر والكاتب المغربي، ادريس الكنبوري، في تحليله لهذه الظاهرة، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك": "إن ظاهرة الاعتداء والعنف ضد رجال التعليم، التي أصبحت شائعة في هذه الأيام، تعطي مؤشرا خطيرا حول انهيار مفهوم المدرسة في المغرب. التلميذ ورجل التعليم اليوم هما معا ضحيتان لمنظومة تعليمية واحدة".

وأضاف: "أحد الأسباب الرئيسية لانهيار المدرسة كمؤسسة اجتماعية فصل التعليم عن التربية. منذ سياسة التقويم الهيكلي في بداية الثمانينات ودخول البنك الدولي على خط التعليم في المغرب أصبحت الدولة تنظر إلى التعليم كما تنظر إلى الفلاحة: كمية الإنتاج وليس نوعية الإنتاج. صارت الأرقام هي الأهم وليس بناء المواطن".

وتابع: "المدرسة المغربية أصبحت اليوم مؤسسة خارج المجتمع والسياسة العامة للدولة. النخبة تدرس أبناءها في المدارس الخاصة والمعاهد الكبرى، وهذه النخبة جزء منها هو المشرف على التعليم الرسمي الحكومي، كيف يمكن لمسؤول لا يدرس أبناءه في المدرسة العمومية أن يتحمل مسؤولية المدرسة العمومية؟. إنها مسؤولية أخلاقية أولا قبل أن تكون مسؤولية سياسية".

وواصل تدوينته قائلا: "حكى لي مدير ثانوية قبل أيام أن الوزارة غير معنية إطلاقا بما يحصل داخل المؤسسات التعليمية. في بداية الدخول المدرسي طالب وزير التعليم المعفى بتجهيز المؤسسات وصباغتها لكن دون أن تتحمل الوزارة ولو 1 في المائة من التكلفة، وما تجمعه المؤسسة من رسوم التسجيل لا يكفي حتى لشهر واحد. قال لي إن ميزانية المؤسسة الآن هي 6000 درهم، وعليهم أن يتعاملوا مع هذا المبلغ بطريقة مخادعة حتى تمر الأمور، حتى آلة النسخ معطلة بسبب عدم وجود الحبر، وعلى الأستاذ أو المدير أن ينسخ في الخارج. كان الرجل يتحدث معي داخل المؤسسة وكأنه جندي في ميدان حرب، يريد أن تمر الأمور بسلام، وليس مدير مؤسسة تعليمية دورها تخريج مواطن صالح، مواطن المستقبل. السؤال هو: إلى أين تذهب ميزانية الوزارة؟".

واستدرك الكنبوري: "تحتاج المدرسة المغربية اليوم إلى حوار وطني، يعطي الأهمية بشكل أساسي لرجال التعليم، وخصوصا متقاعدو القطاع، لخبرتهم الطويلة ولكونهم ليس لديهم ما يربحونه، شريطة أن لا ينخرط فيه السياسيون والنقابيون. هذا هو الخطأ الذي حصل في التسعينات حين تشكلة لجنة خاصة لإصلاح التعليم، أن قسما كبيرا منها كان من السياسيين والنقابيين، اليوم يجب تغيير المعادلة، ويجب إعطاء الكلمة في التعليم للمفكرين والمثقفين ذوي الحس الوطني".

واختتم الكاتب والمفكر المغربي تدوينته قائلا: "إذا أراد المغرب فعلا النهوض بالمدرسة يجب تخصيص سنة كاملة للحوار الوطني، لقد خسرنا زمنا طويلا ولا مشكلة في خسارة عام آخر إذا كنا سننهض، وتكون الانطلاقة عام 2020، هذا ممكن، فقط نحتاج إلى شيء يسمونه ـ في أمريكا ـ الإرادة السياسية".

أما بخصوص الأسباب النفسية المؤدية إلى انتشار ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية المغربية، فيشرحها أستاذ علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، من زاوية تخصصة في مقطع الفيديو التالي:

أنجز الفيديو رانيا العبيد وسعيد بوشريط

تحرير من طرف عالي طنطاني
في 14/11/2017 على الساعة 10:00