النظام الجزائري.. حالة فريدة تستحق أن تكون موضوعا للدراسات النفسية

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة . DR

في 21/09/2022 على الساعة 21:57

تصاعد العداء الأخرق ضد كل ما هو مغربي من قبل الطغمة العسكرية الجزائرية المشكلة من أشخاص مسنين مجانين يديرون شؤون البلاد. لدرجة أن النظام الجزائري يشكل اليوم حالة فريدة من نوعها، والذي هو اليوم يشكل موضعا لكتابات كثيرة تعتمد الدراسات النفسية.

إدراج "التحليل النفسي" في مجال "العلاقات الدولية" لا يشاطره عدد كبير من المراقبين والمحللين. فوفقا لهم، لا يمكن نقل مفاهيم مثل الذهان والعصاب والهوس والإحباط والغريزة والإسقاط... وتطبيقها على كيانات أخرى مثل الأنظمة أو الدول، في حين أن موضوع "التحليل النفسي" هو لاوعي "الفرد"..."مريض-يتحدث" يتمدد على أريكة ويستمع إليه طبيب نفسي.

ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن المفردات الحالية، منذ اختراع التحليل النفسي عام 1896، قد دمجت "مفاهيم" مستوحاة من فكر فرويد، ولم يعد من الضروري أن تكون "متخصصا" لاستخدامها. يظل الفكر الفرويدي، حتى لو كان يستند في كثير من الأحيان على "فرضيات"، جذابا للغاية وقد غزا جميع مجالات العلوم الإنسانية. لذلك هناك دائما هذا الخيار أو هذه الإمكانية لاستخدام "شبكة قراءة التحليل النفسي" لمحاولة فهم عمل كيانات... التي يوجد خلفها دائما "أشخاص".

وهكذا، فإن مفاهيم التحليل النفسي يمكن أن تطبق على كيانات أخرى أو تطبق في مجالات أخرى: العلاقات الدولية والسياسة وعلم الاجتماع والأدب والإبداع الفني والعلوم العصبية...

غالبا ما يتم استخدام شبكة القراءة هذه عندما يكون من الصعب "فهم" الأسس النفسية للظواهر الجماعية ودوافع السلوك أو الفعل.

يوجد اليوم "موضوعان" في الأخبار الدولية لا يتردد المحللون والصحفيون فيهما في تعبئة الجهاز المفاهيمي الفرويدي لتأويلهما. قرار عزو أوكرانيا من قبل رئيس فيدرالية روسيا، فلاديمير بوتين. وحالة العداء المرضي والأخرق للنظام الجزائري ضد جاره المغربي. هذه الكراهية تستعصي على أي تحليل موضوعي ومنطقي.

دعونا أولا نوضح مسألة هو أن الدول "الطبيعية" تعمل وفقا لمصالحها الحقيقية، والمحددة بكل وضوح. إنها مصالح اقتصادية أو مالية أو تجارية بشكل أساسي... حتى لو كان جزء من الأنانية لا يمكن استبعاده. كما تأخذ هذه الدول بعين الاعتبار ميزان القوى في محيطها، وذلك على كل المستويات.

لا تنطبق هذه المقاربة الواضحة على الأنظمة التي تتبنى تحليلات خاطئة وترفض رؤية حدود قدراتها. بتجاهل مصالحها الحقيقية، فإنها تراهن على المغامرة حتى ولو أدى ذلك في نفس الوقت إلى التسبب في معاناة شعوبها. ولا ينطبق هذا أيضا على الأنظمة غير الشرعية، التي لا تتوقف أبدا عن إنتاج الشعارات. دكتاتوريات تتجاهل تماما الاحتياجات الحقيقية للسكان وتسعى فقط إلى البقاء في السلطة من خلال استعمال القوة ونشر الأكاذيب والمعلومات المضللة. سقوط هذه الأنظمة أمر حتمي.

في مواجهة المواقف المبنية على الحسابات الخاطئة والغطرسة وجنون الارتياب، يعمد المحللون إلى التحليل النفسي لمحاولة فهم نفسية الرجال الذين يقفون وراء هذه الأنظمة.

بعد غزو أوكرانيا، الذي أصبح إشكالية، كان فلاديمير بوتين موضوع مئات التحليلات "النفسية" التي نشرت في وسائل الإعلام الغربية. نحن هنا لا نؤيد "قرار" بوتين ولا نعارضه. ما يهمنا هنا هو هذا الاعتماد القوي على التحليل النفسي لفهم وقائع متعلقة بالعلاقات الدولية والجيوسراتيجية.

في هذا الباب، يمكننا أن نذكر عناوين بليغة ومعبرة صدرت في وسائل إعلام دولية: "كنت أعتقد أن بوتين عقلاني، إنه في الواقع مصاب بالبارانويا"، "هل يعاني فلاديمير بوتين من متلازمة الغطرسة؟"، "هل بوتين مجنون؟"، "القيصر وروسيا على الأريكة"، "بوتين عند فرويد"، "كيف ينغلق بوتين في رؤية الضحية للتاريخ"، "الحرب في أوكرانيا: ماذا يقول التحليل النفسي عن الصراع".

بالطبع، لم يكن بوتين ولا نظامه مستلقين على الأريكة، لكن مجموعة كاملة من المواد المتعلقة برئيس الدولة الروسية (سيرته الذاتية وتجربته ولغته وتحليلاته وصوره وتأويلاته...) شكلت مجالا للدراسة والتحليل.

أما بالنسبة للنظام الجزائري، فقد تفاقم العداء الأخرق لبلادنا من قبل الطغمة العسكرية المشكلة من أشخاص طاعنين في السن، مجانين يديرون زمام الأمور الآن في البلاد. كل عروض السلام والتواصل والتفاوض والحوار والتبادل وتقاسم المصالح وبناء المشاريع المشتركة والوساطة... تم رفضها من قبل نظام متعصب يركز على كراهية كل ما هو مغربي. أما غموض هذا النظام، كتب العديد من المحللين المغاربة نصوصا التجأوا فيها إلى شبكة التحليل النفسي لفهمه. العناوين معبرة للغاية.

"تحليل نفسي لصراع أو جنون شنقريحة الذي يحرض على الحرب"، "ما الذي يمكن للدبلوماسية أن تفعله أمام عصاب للنظام الجزائري"، "في الجزائر، عانى أنتوني بلينكن من الذهان المناهض للمغرب الرئيس تبون"، "الخلاف الجزائري-المغربي: إحباط الجزائر التاريخي أمام المغرب"، "الأزمة الجزائرية المغربية: إحباط جزائري"، "المغرب-الجزائر. تنمية، إحباط ومرارة"، "الأزمة الجزائرية-المغربية: غيرة، إذلال وإحباط وراء حماقات النظام الجزائري"، "في رأس جنرال جزائري"...

بل إن صحفيا جزائريا عنون مقاله كالتالي: "السلطة الجزائرية في قبضة حمى الحصار". كما أن كاتبا فرنسيا، من بين آخرين كثيرين، قد أعطى لتحليله العنوان الآتي: "العصاب الفرنسي-الجزائري"... يعرف الفرنسيون فصلا كاملا عن مرض السلطة الجزائرية.

الذهان والعصاب والهوس والإحباط...هذه الكلمات تتكرر باستمرار. يشكل النظام الجزائري اليوم حالة فريدة من نوعها على الكرة الأرضية، الذي أصبح موضوع عدد كبير من الكتابات المتعلقة بالتحليل النفسي. أصبح قادة النظام موضوعا مثاليا لهذا النوع من الدراسة لأنهم يتحدثون كثيرا، ويتخبطون باستمرار، ويتمادون في إنكار ضعفهم، ويتظاهرون بالغضب، ويتدخلون في أمور لا تعنيهم، ويديرون عددا لا متناهيا من النزاعات داخليا وخارجيا- وهي النزاعات التي، مع ذلك، يتسببون فيها.

إن الشعب الجزائري ومصالحه الحقيقية هي آخر اهتمامات السلطة العصابية التي تضطهده والتي تنخرها صراعات شرسة. الهدف الوحيد للنظام هو الحفاظ على بقائه من خلال رعايته لصراع مصطنع مع المغرب، العدو المفيد، وبذل كل ما في وسعه لإضعافه وجعله يخضع، بدعم من صنيعته البوليساريو التي لا يمكنها أن تصمد 30 يوما بدون مساعدة الطغمة العسكرية. أدت مقاومة وصمود الشعب المغربي، الملتحم حول مؤسساته، إلى تفاقم سعار قادة الجزائر الطاعنين في السن.

ولكن بما أننا في مجال "علم النفس"، يجب علينا أيضا أن نقول كلمة واحدة عن مرض "التقليد" لدى السلطة الجزائرية التي تشجع على التقليد أو بالأحرى سرقة إنجازات خاصة بالمغرب، وأحيانا يصل الأمر إلى حد التملك الجنوني لوقائع تاريخية واجتماعية وثقافية خاصة بالأمة المغربية.

هذا هو أحد أعراض غياب الهوية، لأنه طالما أن الطغمة العسكرية لم تتخذ مسافة عن النموذج المغربي (سواء كرهته أو أحبته، فهو الأمر سيان!)، فلن تكون قادرة على توحيد الشعب حول هوية مشتركة. يجب أن تترك هذه المنطقة الرمادية مع نفسها ومع الآخرين. نادرا ما تؤدي محاولة استيعاب جوهر النموذج (حتى غير معترف به) إلى السكينة والهدوء.

وأخيرا، على عكس هذه الحالة المرضية وحالة التوتر هذه التي أثارتها وترعاها الطغمة العسكرية، فإن للمغرب فكرة واضحة عن مصالحه: الدفاع عن وحدته الترابية، وتحقيق التطور الاقتصادي والازدهار لشعبه، وإقامة علاقات هادئة مع جيرانه والمجتمع الدولي.

بلدنا، الواثق من هويته ومكانته في العالم، المتسامح والذي يشتغل في هدوء وصمت، يستثمر في تنميته، مثل غالبية الدول الحكيمة في المجتمع الدولي. نتيجة لذلك، ليست هناك حاجة للجوء إلى فرويد أو يونغ أو مندل لفهم آليات عمل البلدان الهادئة التي أهدافها واضحة وشفافة ومفهومة.

تحرير من طرف جلال دريسي
في 21/09/2022 على الساعة 21:57