بالفيديو: قمة الجامعة العربية.. يتعين على النظام الجزائري أن يشكر الترتيب الأبجدي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون . DR

في 27/06/2022 على الساعة 17:00

خلافا للأفكار التي تروج لها الآلة الدعائية، فإن قمة جامعة الدول العربية منحت شرف تنظيمها للجزائر لإشعاعها، أو بالنظر إلى الدور الرائد لديبلوماسيتها. والواقع هو أن الأمر عكس ذلك تماما. فالجزائر مدينة في تنظيمها لقمة الدول العربية فقط للترتيب الأبجدي للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.

إنه إنجاز عظيم، بل وحتى دليل على أن الجزائر عادت بقوة على الساحة الدولية...في خضم الأفكار التي تروج لها الآلة الدعائية الجزائرية، لا يوجد وصف أحسن لنعت إنجاز تنظيم قمة جامعة الدول العربية في الجزائر. 

كان يمكن للنظام الجزائري أن ينجح في تحقيق إنجاز دبلوماسي نادر، إذا قام بتعبئة الدول العربية المشتتة والمنغمسة في صراعات لا يمكن التغلب عليها وجمعها في لقاء حاسم لمستقبل شعوب العالم العربي... هذه مجرد دعاية جزائرية. الحقيقة هي أنها دعاية متبذلة وتافهة وتثبت أن الطغمة العسكرية لا تخجل حتى من أن تعرض نفسها للسخرية من خلال لقي عنق الحقيقة.

وهكذا، فإن قمة الجامعة العربية لم تنظم في الجزائر بسبب نفوذها أو الدور الذي لا يضاهى لدبلوماسيتها. بل إن الجزائر ترث قمة جامعة الدول العربية بسبب المكانة التي تحتلها هذه الدولة في الترتيب الأبجدي للغة العربية. لذلك فإن التناوب على الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية هو ما تدين به الجزائر لتنظيم هذه القمة، وليس للأكاذيب التي يروج لها هذا النظام المتداعي,

فخلافا للدعاية الإعلامية الرسمية، فإن تنظيم قمة الجامعة العربية ليس مبادرة جزائرية وليس اختيار العالم العربي. هذه قاعدة متعلقة بالتناوب وفق للترتيب الأبجدي. وكانت تونس آخر دولة نظمت القمة العربية. الأحرف الخمسة الأولى من الأبجدية العربية هي الألف والباء والتاء والثاء والجيم. بعد حرف التاء ونظرا لعدم وجود دولة عضو في جامعة الدول العربية يبدأ اسمها بحرف الثاء، فإن دور الدول التي تبدأ بالحرف جيم هي التي ستحتضن القمة.

لذلك، فصدقة الترتيب الأبجدي هي التي تفسر أن الجزائر ستنظم قمة جامعة الدول العربية. ولكن هذا لم يمنع النظام من التطبيل والدعاية من خلال تقديم هذه القمة كمبادرة من تبون، بل وتقديمها وكأنها إنجاز عظيم للنظام. "إن هذا الأمر يضحك الدول الأعضاء الأخرى من هذا القدر من الغباء"، يعلق باقتضاب دبلوماسي من دولة عربية معتمد في الرباط. وفضلا عن ذلك، بعد الجزائر، فإنه من المفترض وفق الترتيب الأبجدي أن تحتضن جمهورية جيبوتي القمة العربية المقبلة، والتي تعتبرها الطغمة العسكرية إنجازا.

وخلافا للنظام الجزائري الذي فشل في تنظيم هذه القمة في مارس الماضي، ورغم تطبيل تبون، فإن جمهورية جيبوتي على الأرجح ستنجح دون جلبة أو تبجح حيث فشلت الجزائر فشلا ذريعا: تنظيم هذا الحدث في مارس كما هي العادة.

في نونبر 2021، ألقى الرئيس عبد المجيد تبون كلمة في مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية. وفي هذه الكلمة أعلن الرئيس الجزائري أن "قمة الجامعة العربية ستنعقد في الجزائر في مارس المقبل".

في الواقع، إذا كانت هناك نقطة بارزة في قمة جامعة الدول العربية هذه، فهي أن الدولة المحتضنة، الجزائر، لم تكن قادرة على احترام تعهدها بتنظيم القمة في موعدها.

عندما فشل النظام الجزائري في تنظيم القمة في مارس، بسبب عدم تنظيم وتعبئة الدول العربية، اختار مخرجا "رمزيا" لإخفاء إذلال لا يطاق. وبالفعل، حدد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، رمطان لعمامرة، في يناير 2022، بحسب قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية، أن "يعتزم رئيس الجمهورية طرح موعد (لقمة الجامعة العربية، ملاحظة المحرر) يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي ويكرس قيم النضال المشترك والتضامن العربي".

يتعلق الأمر بفاتح نونبر 1954، التاريخ الذي يمثل بداية ثورة الجزائريين ضد الوجود الفرنسي. وبحسب وسائل إعلام جزائرية، فإن هذا التاريخ يحيي ذكرى اندلاع حرب التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي.

إن رهانات وتحديات العالم العربي تختلط، بالتالي، في ذهن البلد المضيف، مع ريع الذاكرة الذي يستغله، حتى عندما يكون خارج السياق.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/06/2022 على الساعة 17:00