الأزمة المغربية-الجزائرية: الغيرة والإهانة والإحباط وراء حماقات النظام الجزائري

الرئيس الجزائري تبون مُحاطا بجنرالات بارزين

الرئيس الجزائري تبون مُحاطا بجنرالات بارزين . DR

في 07/10/2021 على الساعة 13:00

النظام الجزائري يؤجج الأزمة مع المغرب كل يوم. التصعيد الحالي الذي يمارسه النظام الجزائري يثير مخاوف من وقوع الأسوأ. تعود مجلة "أفريقيا الحقيقية" (L'Afrique réelle) إلى الجذور العميقة لهذه الأزمة بسبب "غيرة" جزائر بلا أمة.

في سياق الأزمة الحادة غير المسبوقة، والتي أحدثتها من جانب واحد الجزائر مع جارتها المغربية في الأسابيع الأخيرة، وبدون أدنى سبب موضوعي، خصصت المجلة الإلكترونية "L'Afrique réelle" التي أسسها المؤرخ برنارد لوغان، في رسالتها الشهرية لشهر أكتوبر 2021، "عددا خاصا عن الخلاف الجزائري المغربي".

ولدت الجزائر من رحم الاستعمار في إفريقيا في أوائل الستينيات، وكانت دائما، وفقا لهذه الوسيلة الإعلامية، جارا إشكاليا للمملكة المغربية. يتضح هذا من خلال حرب الرمال في أكتوبر- نونبر 1963 التي فجرتها الجزائر، بعد عام واحد فقط من قرار المستعمر الفرنسي مغادرة هذه المنطقة ومنحها الاستقلال في عام 1962. منذ هذه الحرب والهزيمة المريرة التي ألحقها بها الجيش المغربي، الجزائر لم تتوقف عن جعل العداء للمغرب حجر الزاوية في سياستها الخارجية.

بالنسبة لهذه المجلة، فإن هذا العداء لم يفتر أبدا ووصل ذروته عندما قررت الجزائر في غشت الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وهو القرار الذي أعقبه بعد أسابيع قليلة بإغلاق المجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات المغربية بناء على مبررات واهية ومضحكة.

وكتبت المجلة أنه "في نهاية غشت، كشف وزير الخارجية الجزائري عن السبب الحقيقي للأزمة، بإعلانه أن الخلاف الجزائري المغربي يعود إلى عام 1963".

في أعقاب "هذا الإذلال الذي لا يزال يقض مضجع الجزائر"، رغم أن مشكلة الحدود التي تسببت في هذه الحرب قد حلت نهائيا، قررت الجزائر جعل المغرب "عدوا" دائما.

وسيظهر هذا الموقف بشكل خاص، بحسب هذه المجلة في ملفها عن قضية الصحراء، وهو صراع اختلقته الجزائر والذي يحول دون التوصل إلى أي حل سلمي إلى غاية اليوم. المبعوثون الخاصون السابقون للأمين العام للأمم المتحدة، سواء الأمريكيين جيمس بيكر وكريستوفر روس، والأوروبيين بيتر فان فالسوم وهورست كوهلر، رأوا جهودهم كوسطاء تصطدم ضد التعنت الأعمى للجزائر التي تريد فرض "استقلال الصحراء" كحل وحيد، وهذا دون إغفال صلابة موقف المغرب، المصمم على إيجاد حل يحترم سيادته التاريخية على صحرائه، بحسب هذه المجلة دائما.

هذا لأنه، كما لخص ذلك وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبرت فيدرين في تصريح نقلته هذه الوسيلة الإعلامية، قائلا إن "قضية الصحراء هي قضية وطنية بالنسبة للمغرب ومسألة هوية للجيش الجزائري".

إن هذه العرقلة الجزائرية غير واقعية لأن المغرب لطالما ربط جيرانه المغاربيين، الجزائر وموريتانيا، في مجمل مسلسل المفاوضات التي أدت إلى إنهاء استعمار أقاليمه الصحراوية. مسلسل شاركت فيها منظمة الأمم المتحدة والقوة المستعمرة السابقة، إسبانيا، ناهيك عن الفتاوى القانونية المؤيدة للمغرب الصادرة عن محكمة العدل الدولية.

غير أنه حتى اليوم، وبعد 46 عاما، نلاحظ أن "الوضع مازال على حاله"، لأنه "بالنسبة للجزائر المحصورة في هذا البحر المغلق الذي هو البحر الأبيض المتوسط، فإنها لا تطيق أن ترى أن المغرب، على العكس من ذلك، يتوفر على واجهة بحرية كبيرة على المحيط الأطلسي، وبالتالي تخول للمملكة الانفتاح على "البحر المفتوح" للمحيط الأطلسي وغرب إفريقيا. إن الجزائر لن توافق أبداً على الاعتراف بهذه الحقيقة الجيوستراتيجية. هذا هو أصل المشكلة"، بحسب ما كتبته هذه المجلة.

والأسوأ من ذلك، توضح "إفريقيا الحقيقية" أن هناك "وراء الخلاف الجزائري المغربي، إحباط الجزائر من عدم وجودها قط كأمة". والواقع أن "الجزائر التي انتقلت مباشرة من الاستعمار التركي إلى الاستعمار الفرنسي لم تكن موجودة كدولة. من هناك غيرتها من المغرب وتاريخه البالغ 1200 عام، هذا هو المسكوت عنه في سياساتها المغاربية"، وفق هذه الوسيلة الإعلامية.

كما تتحدث المجلة بإسهاب عن تاريخ منطقة شمال إفريقيا لتسليط الضوء على الدور المركزي والمؤثر الذي لعبه "المغرب في الفضاء الصحراوي المتوسطي"، من خلال تواجده في الأندلس لمدة 7 قرون (إسبانيا)، في وسط المغرب الكبير من القرن الحادي عشر (أي في جزء كبير من الجزائر الحالية)، وفي غرب إفريقيا من القرن الخامس عشر (موريتانيا ومالي، إلخ).

اليوم، وبينما يوجد المغرب في موقع قوة عسكريا ودبلوماسيا، في أقاليمه الصحراوية، ويواصل بهدوء سياسته التنموية في جميع المجالات، فإن "الخطر يكمن في أن الجزائر، الغارقة في مشاكلها الداخلية الهائلة، والمفلسة بعدما نهب قادتها ثرواتها منذ 1962، تطبق سياسة هروب إلى الأمام انتحارية من خلال اللجوء إلى استخدام السلاح"، تختم المجلة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 07/10/2021 على الساعة 13:00