مصدر دبلوماسي: المملكة المغربية تنتظر أفعالا من إسبانيا

DR

في 20/05/2021 على الساعة 16:30

قال مسؤول رفيع المستوى في الدبلوماسية المغربية لـLe360 إن الأزمة الثنائية بين الرباط ومدريد ليست مرتبطة بتدفق المهاجرين، بل بقبول إسبانيا بالاستقبال السري لمجرم حرب دعا إلى حمل السلاح ضد المغاربة.

"يجب أن نذكر بأمر أساسي: الأزمة بين المغرب وإسبانيا سببها إبراهيم غالي وليست سبتة". هذا ما أكده دبلوماسي مغربي رفيع المستوى عندما سئل عن تصاعد الأزمة بين مدريد والرباط بعد أن تدفق آلاف المهاجرين على مدينة سبتة المحتلة. واشتدت الأزمة بين المغرب وإسبانيا الثلاثاء الماضي مع استدعاء سفيرة المغرب كريمة بنيعيش بمدريد في نفس اليوم للتشاور.

وأضاف مصدرنا أن "المغرب لا يتصرف من منطلق عاطفي، بل انطلاقا من حقائق ملموسة تضع على المحك علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين"، مضيفا: "لم نتلق حتى الآن أي تفسير أو تبرير من قبل إسبانيا".

ويذكر أن وزارة الخارجية المغربية شددت في بيان صحفي صدر في 8 ماي الجاري، على أن "قرار السلطات الإسبانية بعدم إخطار نظيرتها المغربية بوصول زعيم ميليشيات البوليساريو" لم يكن مجرد إغفال. بل "هو فعل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا، أخذ المغرب علما كاملا به. وحذر البيان من موقف بعض المسؤولين الاسبان الذين "يقللون من التأثير الخطير لهذا الأمر على العلاقة" بين البلدين.

من الواضح أنه على الرغم من لهجة هذا البيان الصحفي، فإن السلطة التنفيذية الإسبانية تمسكت بسياستها المتمثلة في تجاهل الرباط، دون الأخذ بعين الاعتبار أن استقبال زعيم البوليساريو رأى فيه المغاربة "تواطؤا مع مجرم حرب يستفيد بشكل غريب من تقاعس المحاكم الإسبانية".

ويؤكد مصدرنا أن "الهجرة ليس هو الموضوع الرئيسي، إنه عنصر للتذكير بأهمية الجوار الاستراتيجي بين المغرب وإسبانيا". وأضاف أن الرباط ما زالت تنتظر "ردا قانونيا" من إسبانيا على استقبال مجرم على أراضيها. وقال المصدر الدبلوماسي إن "الموقف الماكر للحكومة الإسبانية يقوض عناصر الثقة بين شريكين ودولتين متجاورتين". وختم المسؤول المغربي رفيع المستوى قائلا: "في الماضي كان بالإمكان حل أزمة مع المغرب بالربت الودي على أكتافه. أما اليوم فالمغرب ينتظر أفعالا من إسبانيا! ".

عندما تعتبر أوروبا أن حدودها الجنوبية توجد في إفريقيا

كان لتدفق المهاجرين على سبتة المحتلة ميزة إظهار أن المغرب هو الذي يحتفظ بنسبة 99.99 في المائة مما يسميه المسؤولون الأسبان والأوروبيون "الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي". ما حدث في سبتة يذكرنا بتكلفة الجوار مع أوروبا، التي توجد حدودها، ضد الطبيعة، على الأراضي الأفريقية. كما أن أزمة الهجرة هي تذكير لأوروبا بحجم المجهود الذي يقوم به كل ساعة المغرب.

أكد المسؤولون الأوروبيون، الذين أبدوا تضامنهم مع إسبانيا، أن حدود إسبانيا هي حدود أوروبا. لكن أين سبتة؟ في أوروبا؟ إن التذكير بوقائع وحقائق التاريخ لن يشكل أي ضير للأوروبيين الذين يريدون نقل حدودهم الجنوبية إلى القارة الأفريقية.

سبتة هي مدينة مغربية تقع شمال المغرب في القارة الأفريقية. احتلت البرتغال هذه المدينة عسكريا قبل أن تضمها إسبانيا عام 1580، بعد معركة وادي المخزن (المعروفة أيضا باسم معركة الملوك الثلاثة)، حيث توفي الملك سيباستيان الأول دون أن يترك أي وريث لعرش البرتغال. منذ نهاية القرن السادس عشر، ظلت مدينة سبتة تحت الاحتلال الإسباني، على الرغم من التكلفة الباهضة التي كانت تشكلها المدينة على خزينة الحكومة الإسبانية. في كتابه "سبتة ومليلية: تاريخ، تمثلات ومستقبل الثغرين الإسبانيين" (لارماتون، 2005)، أظهر المؤرخ إيف زورلو أن إسبانيا كادت أن تعيد سبتة ومليلية إلى المغرب في عام 1811، بعدما خرجت منهكة من الحرب ضد فرنسا النابليونية، ولم يعد بإمكانها توفير الإمدادات للمدينتين المغربيتين اللتين تحتلهما. بل إنه تم التصويت بالأغلبية لتسليم الثغرين المحتلين للمملكة المغربية مقابل مواد غذائية. لكن البريطانيين أقنعوا الإسبان بعدم إنهاء هذا الاحتلال.

لا تزال سبتة تعيش حتى اليوم على المساعدات. إنه ثغر غير قابل للحياة لوحده، بدون التهريب مع المغرب أو الأموال التي تدفعها مدريد والاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، فإن عددا كبيرا من المهاجرين المغاربة الذين دخلوا سباحة إلى سبتة كانوا يعيشون من التهريب مع المدينة.

عندما وصفت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، اليوم الخميس، في إذاعة عمومية، تدفق المهاجرين من المغرب "للعدوان على الحدود الإسبانية وكذلك على حدود الاتحاد الأوروبي"، فإنها تعتبر أن الحدود الجنوبية لأوروبا تتواجد في القارة الأفريقية.

وعندما يظهر مسؤولو الاتحاد الأوروبي تضامنهم مع إسبانيا للأسباب نفسها، فإنهم يعتنقون هذا الحكم المسبق القديم الذي أسست له إيزابيلا الكاثوليكية: يجب أن تحافظ إسبانيا على وجود لها في أرض الإسلام.

تحرير من طرف محمد بودرهم
في 20/05/2021 على الساعة 16:30