الجزائر: التغييرات اللامتناهية على رأس مصالح الاستخبارات

DR

في 21/02/2021 على الساعة 17:00

أعادت مصالح الاستخبارات الخارجية الجزائرية توظيف ضباط سابقين كانوا يعملون في دائرة الاستعلام والأمن المنحلة. وتكشف هذه التعيينات الجديدة الاختلالات الخطيرة للمخابرات الجزائرية.

انضم هذا الأسبوع ضابطان جزائريان سابقان كانا يعملان في دائرة الاستعلام والأمن، التي تم حلها، إلى المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي. ويتعلق الأمر هنا بكل من حسين بولحية وطارق عميرات، وكلاهما من الأطر السابقة بدائرة الاستعلام والأمن خلال فترة التسعينات التي قتل خلالها أكثر من 200 ألف جزائري في الحرب الأهلية بين الجيش الجزائري والإسلاميين.

هذه التعيينات الجديدة هي دليل جديد على أن أجهزة المخابرات الجزائرية لازالت تعاني من عدم الاستقرار المزمن وبالتبعية من عدم فعاليتها. فمنذ عام 2015، لا يمر عام واحد دون إحداث تغييرات جذرية داخل هذه الأجهزة.

هذه هي حالة مصالح الاستخبارات الخارجية على وجه الخصوص، التي اهتزت مؤخرا على وقع فضيحة كان وراءها الجنرال محمد بوزيت، الملقب بيوسف، رئيس المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي. فقد ضبط هذا الأخير متلبسا في فضيحة إرشاء المرشح الأكثر حظا في الانتخابات الرئاسية في النيجر، محمد بازوم. فقد أرسل بوزيت لهذا الأخير طائرة عسكرية محملة بالطعام، ولكن أيضا بحقيبة مملوءة بمليوني دولار. كل هذه الأموال من أجل إدراج إبراهيم غالي، زعيم البوليساريو، بين الضيوف الأجانب الذين سيحضرون حفل تنصيب محمد بازوم في نيامي. تجدر الإشارة إلى أنه يوم الأحد 21 فبراير ستجرى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في النيجر.

من خلال هذا العمل، الذي يهدف إلى إنقاذ المنصب الذي وصل إليه منذ ما يقرب من عام، أراد الجنرال بوزيت أن يغطي عن إخفاقاته في الملف الليبي وفي ما يتعلق بالصحراء المغربية. وبالفعل، عندما حاولت الجزائر أن تلعب دور الجار القوي الذي لا مفر منه في أي حل للصراع في ليبيا، حظيت مدن الصخيرات وبوزنيقة وطنجة، بقيادة الدبلوماسية المغربية، بشرف احتضان لقاءات الأطراف الليبية من أجل إيجاد توافق بينهم.

في ملف الصحراء، أبانت المخابرات الجزائرية عن هوايتها، بعدما أمرت البوليساريو بفرض "إغلاق دائم" لمعبر الكركرات، لكن حزم القوات المسلحة الملكية أحبط هذا المخطط واستطاعت تأمين هذا المعبر التجاري بشكل نهائي، وهو المعبر الذي يربط المغرب بعمقه الإفريقي وبشكل بدول غرب افريقيا.

تم استبدال بوزيت في يناير باللواء نور الدين مقري، الذي تقاعد منذ عام 2015. وهكذا تم وضع على رأس المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي، وهو جهاز مهم للغاية، لأن المعلومات التي يوفرها تستغل من أجل اتخاذ القرارات في أعلى مستوى في الدولة، رجل توقف عن ممارسة نشاطه لمدة ست سنوات، وتشهد زيادة وزنه على أنه مصاب بعدة أمراض مزمنة. إن إقالة بوزيت هي دليل واضح على وجود اختلالات خطيرة داخل مصالح الاستخبارات الجزائرية، التي أنهكتها الصراعات الداخلية بين مختلف التيارات، والتي تفصل اليوم السلطة عما يسمى بعمق الدولة.

سواء تعلق الأمر باللواء سيدي علي ولد زميرلي، المديرية المركزية لأمن الجيش (المخابرات العسكرية)، واللواء عبد الغني راشدي (المديرية العامة للأمن الداخلي) واللواء نور الدين مقري (المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي) تم تعيينهم جميعا مؤخرا: في عام 2020 بالنسبة للاثنين الأولين، وفي هذا العام 2021 لرئيس المخابرات الخارجية. وهكذا حلوا محل الجنرالات الذين عينهم اللواء الراحل أحمد قايد صالح، بما في ذلك الجنرال القوي واسيني بوعزة، الذي يقبع حاليا في السجن.

وقد عوض واسيني بوعزة باللواء بورة رزيق، الملقب بعبد القادر، الذي تولى زمام المخابرات الداخلية بالتنسيق مع عثمان طرطاق، الذي خلف هو الآخر محمد مديين، بعد حل دائرة الاستعلام والأمن سنة 2015. في أي دولة أخرى في العالم يمكن أن نجد مثل هذه التغييرات المتعددة على رأس أجهزة المخابرات في خمس سنوات؟!

إن خطورة هذه الاختلالات وصلت إلى درجة أن وثيقة سرية لوزارة الدفاع الجزائرية المختومة تكشف عن حجم فرار الجنود من الخدمة وتدني الروح المعنوية بين ضباط الصف في الجيش. هذه الوثيقة وصلت إلى أيدي المعارضين الجزائريين، بعد شهر من توقيعها، في شهر دجنبر الماضي.

تشكل التعيينات الأخيرة لضباط سابقين في دائرة الاستعلام والأمن في المديرية العامة للأمن الخارجي جزء من هذه التغييرات اللامتناهية داخل أجهزة المخابرات الجزائرية. من المحتمل أن هذه التغييرات تحمل طابع الثنائي خالد نزار ومحمد مدين. عشية يوم الاثنين 22 فبراير التي تنذر بكل المخاطر، والتي ظهرت بوادرها مؤخرا بخروج عشرات الآلاف من المتظاهرين في خنشلة وخراطة، تحاول الآن السلطات الجزائرية اللجوء إلى خدمات جلادي العشرية السوداء في الجزائر من أجل تخويف الحراك الشعبي.

كما أن المخابرات الجزائرية قد أقدمت على عملية خرقاء. فيوم الأربعاء الماضي، بث التلفزيون الجزائري العام اعترافات لشخص ادعي بأنه إرهابي ملقب بـ"أبو الدحداح". هذا الشخص الذي يسمى رزقان أحسن (44 سنة)، الذي التحق بالحركات الإرهابية سنة 1994، اعتقل في شهر دجنبر الماضي، لكن الأجهزة الجزائرية قررت إخراجه في هذا الظرف من أجل اتهام الحراك الشعبي علانية بضمه لجهاديين يهدفون إلى زعزعة استقرار البلد.

وخلقت هذه "الشهادة" الملفقة ضجة حقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر العديد من الجزائريين "الدعاية الرهيبة"، و"المسرحية الرديئة"، إلى درجة أن السحر انقلب على الساحر وكشفت مرة أخرى عن هواية مصالح الاستخبارات الجزائرية وعدم احترافيتها.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 21/02/2021 على الساعة 17:00