تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يضع المغرب أمام مرآة الحقيقة

Le360

في 09/09/2017 على الساعة 09:00

جاءت فقرات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2016 منتظرة في مجملها، فيما كانت بعض فقراته صادمة، خصوصا تلك التي خصصت لأعطاب الإدارة المغربية ومجالات الصحة والمناصفة والعالم القروي، والأخرى التي أعلنت بشكل صريح فشل مشروع المغرب الرقمي.

مناصفة مفترى عليها

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن تنفيذ سياسة ترمي إلى النهوض بالمساواة بين الجنسين يقتضي وضع إطار قانوني وتنظيمي ومؤسساتي قادر على رفع هذا التحدي.

وأشار المجلس، في تقريره السنوي برسم سنة 2016، أن مشروع القانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، الذي صادق عليه مجلس النواب بتاريخ 10 ماي 2016 في انتظار المصادقة عليه من طرف مجلس المستشارين، يبقى دون مستوى التطلعات والانتظارات في مجال المساواة بين الجنسين.

وأضاف التقرير أن الشيء نفسه ينطبق على مشروع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضـد النساء، الذي صادق عليه مجلس النواب في يوليوز 2016 .

وفي هذا السياق، يعتبر التقرير أن وضعية النساء لم تشهد أي تحسن ملحوظ في سنة 2016، إذ ارتفع عدد النساء ضحايا العنف بـ13،8 بالمائة وانخفضت نسبة نشاط وعمل النساء.

وأبرز التقرير أن وسائل الإعلام ما فتئت تواصل نشر الصور النمطية المهينة للنساء فضلا عن وجود برامج تتساهل مع أشكال العنف ضدهن.

التربية.. قصور بنيوي

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تشجيع الجهات على لعب دور أكثر أهمية في مجال التربية.

وأبرز المجلس، في تقريره السنوي، أن هذا الدور يتمحور على الخصوص حول التمويل والمشاركة في مراقبة التدبير الاداري للمؤسسات التعليمية.

وأوصى المجلس بإرساء انخراط أمثل للجمعيات وممثلي آباء التلاميذ والمجتمع المدني، في صياغة الاقتراحات والتوجيهات وتقييم المنظومة التربوية وذلك في إطار مسلسل ممأسس ومنتظم.

وأعرب المجلس عن أسفه لـ" أوجه القصور البنيوية التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين، والتي تجلت بحدة أكثر خلال الدخول المدرسي 2016" من ضمنها تفاقم ظاهرة الأقسام الدراسية المكتظة، والعجز البنيوي على مستوى هيئة التدريس، والهدر المدرسي الذي على الرغم من تراجعه مع توالي السنوات، إلا أنه ما زال يشكل آفة اجتماعية بنيوية تشمل 350 ألف تلميذ.

المجال الطاقي.. الاستثناء

أولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره السنوي، أهمية خاصة ل"الطابع المندمج" للانتقال الطاقي بالمغرب. وأبرز المجلس، في تقريره السنوي برسم سنة 2016، أن الطابع المندمج للانتقال الطاقي يفترض الحرص على أن تمكن الطاقات الجديدة التي يتم تطويرها من الولوج إلى الطاقة بأسعار في المتناول بالنسبة لمختلف الشرائح الاجتماعية، وضمان استفادة المناطق النائية، ولاسيما منها القروية، من خدمة تتلائم باستمرار مع تطور حاجياتها.

وأبرز التقرير أن عملية التزايد العمراني والتصنيع وتطوير وسائل النقل، ستواصل تعزيز الطلب الطاقي للبلاد، مبرزا أن أحدث الإحصائيات المتوفرة تشير إلى أن استهلاك الكهرباء للفرد الواحد قد ارتفع بمتوسط وتيرة سنوية تناهز 6 بالمائة بين سنتي 1999 و2015. كما ذكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمنجزات التي راكمها المغرب مؤخرا في مجال الانتقال الطاقي والتي مكنت من إنتاج الكهرباء بأسعار تنافسية، ولاسيما مشروع "نور ورزازات" الذي يوظف التكنولوجيا الحرارية الشمسية، بكلفة بلغت 1.62 درهم للكيلواط ساعة، فيما يتراوح السعر بالنسبة لمشاريع الطاقة الشمسية التي تستخدم التكنولوجيا الضوئية ما بين 0.44 درهمـا للكيلواط في الساعة بالنسبة لمشـروع "نـور" العيون، و0.64 درهما للكيلواط في الساعة لمشروع "نـور" بوجـدور، لتصل كلفة إنتاجها إلى مستويات توازي كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية المستمدة من الفحم.

الصحة.. مريضة !

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتوزيع مجالي منصف في إطار خارطة صحية ملزمة لتخفيف العجز الذي يسجله القطاع في مجال الموارد والتجهيزات الصحية.

ودعا المجلس، الذي انتقد "النقص الحاد" في الموارد البشرية وضعف الكثافة الصحية، لا سيما بالوسط القروي، في تقريره السنوي برسم سنة 2016، إلى تدبير ناجع للعاملين في مجال العلاجات.

وسلط التقرير الضوء على ضرورة مواصلة تعميم نظام التغطية الصحية الأساسية، مع الحرص على إجراء عملية تقييم لهذا النظام، بما يكفل تدارك الاختلالات وتحسين آثاره على حياة المواطنين.

وأشار المصدر ذاته إلى أن تغطية الساكنة المغربية، بمختلف الأنظمة، بلغت حوالي 60 في المائة سنة 2015، مبرزا أن هذا التحسن يرجع أساسا للتغطية شبه الكاملة للساكنة المستهدفة بنظام المساعدة الطبية.

الخطر المناخي يداهمنا

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى مراعاة المخاطر المناخية في التخطيط العمراني على نحو أفضل، خاصة على مستوى وثائق التعمير وتصاميم التهيئة العمرانية وتصاميم التنقل الحضري.

ففي تقريره السنوي برسم 2016 ، أوصى المجلس، الذي توقف عند التكلفة الهامة لتدهور البيئة، بإدماج المساهمات المحددة وطنيا بشأن المناخ في السياسات العمومية وبرمجة الميزانية.

وبعد أن أعرب عن أسفه لتداعيات الإجهاد المائي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حذر المجلس من أن حجم المياه المتجددة للفرد الواحد بالمغرب قد ينخفض من 700 متر مكعب إلى 500 متر مكعب في أفق 2030 بضغط من التغيرات المناخية والنمو الديمغرافي والتمدن. وفي هذا السياق، أشاد المجلس بإصدار القانون المتعلق بالماء وبمواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لاقتصاد مياه السقي، وكذا بالتقدم المستمر في تنفيذ المشاريع ذات الصلة بمعالجة المياه العادمة والتطهير السائل وتحلية مياه البحر.

الساكنة القروية متقلبة

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره السنوي برسم سنة 2016 ، بوضع آليات لتقليص تقلبات دخل الساكنة القروية.

وأبرز التقرير أن هذه الآليات ستمكن من خلال تمويل المشاريع غير الفلاحية بالوسط القروي من خلق فرص للشغل وتحفيز الطلب المحلي إبان المواسم الفلاحية السيئة، مشددا أيضا على توسيع القاعدة الإنتاجية الوطنية، من حيث عدد المقاولات لتعويض ما يطبع القطاعات الجديدة من استعمال مكثف لرأس المال وكذا خلق مناصب كافية كما وكيفا.

ويتعلق الأمر أيضا، حسب التقرير، بالنهوض باقتصاد أزرق مندمج يتجاوز قطاع الصيد ويرتكز على استغلال أمثل للموارد البحرية في مختلف القطاعات ذات الصلة بالبحر (صناعة السفن، تثمين الطحالب، استغلال الطاقة الريحية البحرية..)، بالموازاة مع النهوض بجهود البحث والتطوير وتوفير التكوين الملائم لمختلف مهن البحر.

المغاربة لا يثقون في "العالم الرقمي"

احتل موضوع "التحول الرقمي في خدمة المواطن ومن أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة"، حيزا هاما في إطار التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

وأشار التقرير، إلى أن الرافعة الرقمية ليست فقط عامل تسريع قوي لتحسين الخدمات لفائدة المواطنين، بل تشكل أيضا وسيلة فعالة لمحاربة الرشوة ولتقليص نطاق السلطة التقديرية للإدارة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، سجل التقرير أن سنة 2016 اتسمت بضعف الأداء الاقتصادي، إذ عرف نمو الناتج الداخلي الخام تباطؤا ملموسا بلغ 1.2 في المائة بعدما حقق 4.5 في المائة سنة 2015، وذلك في أعقاب تراجع القيمة المضافة الفلاحية بالنظر للنقص الكبير في التساقطات المطرية، الأكثر حدة طيلة 30 سنة، في وقت سجلت فيه القيمة المضافة غير الفلاحية نموا جد متوسط.

وفي الجانب الاجتماعي، لاحظ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن متوسط مستوى عيش المغاربة تضاعف تقريبا خلال الفترة ما بين سنتي 2001 و2014، حيث انتقل من 8.300 درهم سنويا إلى حوالي 15.900 درهم، مشيرا في السياق ذاته إلى تراجع معدل الفقر النقدي من 15.3 في المائة سنة 2001 إلى 4.8 في المائة سنة 2014، كما بدأت الفوارق الاجتماعية على صعيد مستوى العيش في الانخفاض منذ سنة 2007.

في 09/09/2017 على الساعة 09:00