تحقيق: هكذا يتآمر أحيزون ضد قانون وافق عليه الملك !

عبد السلام أحيزون

عبد السلام أحيزون . براهيم توكار - Le360

في 08/02/2014 على الساعة 15:06

اتصالات المغرب في حالة استنفار ! مديرها العام عبد السلام أحيزون يتحرك يمينا وشمالا، ويحشد كل شبكة علاقاته من أجل قطع الطريق على مشروع قانون خاص بالاتصالات، الذي صودق عليه أخيرا في مجلس الحكومة ثم مجلس الوزراء، بحضور الملك محمد السادس يوم 20 يناير الماضي بمراكش.

مشروع القانون هذا، يوقع لنهاية احتكار الفاعل التاريخي لسوق الهاتف الثابث، في الوقت الذي يشرح فيه مصدر قريب من الملف لـLe360 أن " آخر تحرك لأحيزون استهدف النقابات بهدف عرقلة التصويت على نص القانون بمجلس النواب"، ولهذا الغرض، قام نوبير الأموي الأمين العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل بمراسلة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، جاء فيها " التهديد بفقدان 10 ألاف منصب شغل مباشر في شركة اتصالات المغرب، و 130 ألف منصب شغل غير مباشر إذا ما صادقت الغرفة الأولى على مشروع القانون". بل الأكثر من ذلك، فرسالة الأموي تسلط الضوء على ما أسمته "الطابع اللادستوري لنص القانون، داعية إلى فتح نقاش وطني حول الموضوع".

من جهته، يؤكد خليل بنسامي، المسؤول عن قطاع الاتصالات بالكونفيدرالية الديمقراطية للشغل في تصريح لـ Le360 أن "المركزية النقابية راسلات فعلا بنكيران احتجاجا على مشروع القانون، الذي صاغته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وقدمه الوزير مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي".

ويقول مصدرنا " علينا أن نستوعب ما قام به أحيزون ! المغرب دولة القانون، ولا بد من النصوص القانونية أن تمر من مختلف المراحل المتعارف عليها، أي الموافقة عليها، والمصادقة، وأن يتم ذلك في منطق دستوري مقبول من الجميع، لكن عبد السلام أحيزون يرى أنه فوق القانون، ويدفع بنقابة من أجل فتح نقاش وطني". وتضيف المصادر ذاتها " إذا دعا كل متذمر من مشروع قانون إلى نقاش وطني من أجل تعديله، فلن تكون هناك من فائدة للإجراءات التشريعية، وسنصبح في حلبة صراعات".

لكن ما الذي أجج غضب مدير اتصالات المغرب إزاء مشروع قانون رقم 121-12 المكمل للقانون رقم 24-96 والخاص بالبريد والمواصلات؟ سؤال يرفض عبد السلام أحيزون الخوض فيه، ورفض الإدلاء بأي تصريح لـLe360، والأمر سيان بالنسبة "لديوانه".

  • projet_loi_121.12_ar.pdf

 

أسباب الغضب

إذا ما كان لزاما تحديد سبب تذمر أحيزون، فالجواب حتما سنجده في الفصلين 8 و 30 من مشروع القانون، فالفصل الثامن يحدد أن "ولوج مختلف الشبكات العمومية الخاصة بالاتصالات يجب أن يتم في شروط قانونية، تقنية، ومالية موضوعية وغير تمييزية، وتضمن المنافسة الشريفة"، أي بمعنى آخر، فمشروع القانون يؤسس للاستعمال المشترك للبنيات التحتية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين في المغرب، أي أن هذا الفصل يخلص إلى احتكار اتصالات المغرب لسوق الهاتف الثابت والأنترنيت معا.

وفي الواقع، فقد ورثت اتصالات المغرب عن الدولة المغربية العديد من البنيات التحتية القارة، ما جعل الفاعلين الآخرين عاجزين أمام هذا الوضع، وقد حاولت الوكالة المعنية إلى جانب الفاعلين ميديتيل وإينوي، مرات عديدة إزالة هذا العائق الأخير الذي يأبى الدخول تحت مظلة التقنين، كما هو عليه الحال في العالم أجمع، لكن مدير اتصالات المغرب ظل يعارض باستماثة.

ومن أجل فهم أكبر لموقف عبد السلام أحيزون الممانع لتقاسم البنيات التحية، عبر مصدرنا بالقول " تخيلوا معي مستثمرا منح له حق تشييد طريق سيار، لكنه يمنح حق استعمال هذه الطريق لزبناءه فقط، بل ويرفض أن يستعملها زبناء منافسيه، رغم أنهم على استعداد لدفع الرسوم القانونية".

وباستعمال الصورة التشبيهية ذاتها، يضيف مصدرنا " اتصالات المغرب تتصرف وكأنها مشيد هذا الطريق السيار، رافعة شعار "إذا ما أردتم استعمال هذا الطريق، فعليكم التخلي عن مزودكم الحالي وتصبحوا زبناء لي !”، هذه الصورة تشعل المغرب البلد الوحيد في المنطقة الذي تخضع فيه خدمات الهاتف والأنترنيت الثابثين خاضعين للاحتكار، ففي فرنسا مثلا، حصة شركة France Telecom لا تصل إلى 50 في المائة، وفي الإطار نفسه، نشرت يومية l'Economiste في عددها ليوم أمس الجمعة، تقريرا مثيرا للبنك الدولي يشير إلى غلاء ثمن الولوج للأنترنيت في السوق المغربية بسبب انعدام المنافسة بين الفاعلين.

وتكشف آخر الأرقام التي نشرتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، التأثير السلبي لمواصلة احتكار اتصالات المغرب لسوق الهاتف الثابت. وبمقارنة بسيطة، فأسعار الهاتف النقال انخفضت بـ53 في المائة بين سنتي 2008 و 2013 بفضل المنافسة بين الفاعلين الثلاث، بينما الهاتف الثابت، لم تنخفض أسعاره إلا بـ 29 في المائة، بالنسبة للمقاولات، وفي هذا الصدد يرى ميشيل بولان المدير العام لميديتيل أن " تقاسم البنيات التحتية تعد فرصة بالنسبة للمملكة من أجل تطوير نموذج تنافسي يكون في صالح المستهلكين".

الاستعمال المشترك للبنيات التحتية

أثناء حملته لوأد مشروع القانون، يؤكد أحيزون بأنه "من غير المعقول أن تستثمر شركته في تطوير البنيات التحتية، فيما يستعملها الآخرون بالمجان"، و"هو أمر غير صحيح، ما دام استعمال البنيات التحتية الخاصة باتصالات المغرب سيكون مؤدى عنه، والأمر نفسه ينطبق عليها، عند استعمالها للبنيات التحتية الخاصة بالفاعلين الآخرين" يضيف المصدر نفسه. بينما يرى فريديريك ديبور المدير العام لإينوي في تصريح لـLe360 أن شركته "لطالما وضعت الاستثمار في البنيات التحتية على رأس سياستها التطويرية، لقد استثمرنا ما يقرب من 10 مليار درهم منذ بدأت الشركة، ثم 3.5 مليار درهم خلال سنتين الأخيرتين" مضيفا " استثمرت إينوي ربع رأسمالها في هذا الإطار، أي أن كلما دفع زبون عشرة دراهم، فدرهمان ونصف منها تخصص لتطوير البنيات التحتية من أجل ضمان خدمة أفضل"، كما تعزم إينوي استثمار مبلغ 3 ملاير درهم السنة الجارية.

إذا، فمشروع القانون سيتيح لكل فاعل استعمال البنيات التحتية الخاصة بالآخر، وحسب القواعد المتعارف عليها دوليا "فالاستعمال المشترك للبنيات التحتية يتم بموجب القانون، من أجل أن يكون للزبون المغربي حق استعمال الأنترنيت الثابت كما يستعمل الهاتف النقال".كما كان رفض الفاعل التاريخي السماح باستعمال الخطوط الهاتفية، موضوع شكاوي لميديتيل وإينوي، الأخير وضع لدى وكالة التقنين شكوى مباشرة ضد اتصالات المغرب.

الخوف من العقوبات

من بين الأمور الجديدة التي أتى بها مشروع القانون، منح صلاحية المعاقبة للمقنن، فالفصل 30 “ يضع سلم عقوبات مالية تختلف حسب درجة الإخلال بالفصول، وسيعهد للجنة خاصة بتحديدها"، أي سيكون لوكالة التقنين إمكانية إقرار عقوبات في حق الفاعلين في حالة عدم احترام النظام المعمول به، ومن الممكن أن تصل العقوبات إلى حد خصم 2 في المائة من رقم معاملات الفاعل في حالة المخالفة، أي أن اتصالات المغرب، معنية بالامثتال للقانون حال المصادقة عليه وإلا سترغم على دفع غرامات ثقيلة. وهو ما يبدو أنه أثار حفيظة أحيزون، الذي يصفه بالبعض بـ" ولد دار المخزن".

وفي جميع الأحوال، يبقى الزبون هو الضحية الأكبر لتعنت أحيزون، فسعر الدقيقة في الهاتف الثابت اليوم أكبر بـ40 في المائة من سعرها في الهاتف النقال بسبب انعدام المنافسة. لكن بإمكان الزبون أن يكون الرابح الأكبر من المصادقة على مشروع القانون، إذا ما فكر نواب الأمة في ذلك.

وكيفما كان الحال، فكل تلك التحركات التي قام بها عبد السلام أحيزون، ستفاجئ البعض، فأمام اتصالات المغرب يقبع فاعل آخر إسمه إينوي التابع للهولدينغ الملكي (الشركة الوطنية للاستثمار)...حقا فالمخزن الاقتصادي ليس هناك حيث كنا نظن !

تحرير من طرف Le360
في 08/02/2014 على الساعة 15:06