عندما تخرق هيئات يسارية حق ضحية اغتصاب في العدالة

سليمان الريسوني والمعطي منجب

سليمان الريسوني والمعطي منجب . DR

في 03/06/2020 على الساعة 14:30

أطلقت جمعيات تابعة لأقصي اليسار نداء لدعم الصحفي سليمان الريسوني المتهم بالاغتصاب. هذا النداء، المليء بالأخطاء والأكاذيب، يحاول أن يجعل من جريمة إلى محاكمة سياسية، متجاهلا مطالب جمعيات مجتمع المثليين في العالم العربي.

وقعت مجموعة من الجمعيات، معظمها تابع لأقصى اليسار، على نداء للتنديد باعتقال الصحفي سليمان الريسوني، المتهم بالاغتصاب من طرف شاب من مجتمع المثليين المغاربة، محمد آدم.

ويظهر هذا النداء مرة أخرى عمى وانحياز هذه الجمعيات التي لا يوجد بالنسبة لها إلا مذنب واحد: السلطات المغربية. تحت هذا العنوان المثير: "المغرب: طريقة جديدة في اختلاق المحاكمات السياسية"، فإن نص هذا النداء يحبل بالعديد من المغالطات والأخطاء، ويتم استغلاله عن قصد لغرض وحيد هو تحويل جريمة إلى محاكمة سياسة.

في البداية، يبدأ نص النداء بهذه المعطى الكاذب: "يوم الجمعة 22 ماي، قام خمسة عشر ضابطا من رجال الشرطة في زي مدني بإيقاف الصحفي المغربي سليمان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة" أخبار اليوم".

والحقيقة هي أنه لم يكن هناك خمسة عشر ضابط شرطة، ولكن يتعلق الأمر بأربعة فقط. واستطاع فريق من الموقع الإلكتروني "شوف تيفي" تصوير عملية الإيقاف، حيث يمكننا أن نرى بوضوح أربعة ضباط شرطة فقط يقومون بإيقاف الشخص المعني.

فيما يلي مقطع الفيديو الذي صوره مراسلو قناة "شوف تيفي" وقت اعتقال سليمان الريسوني، والذي يظهر تواجد أربعة ضباط شرطة فقط خلال عملية الإيقاف.

وبالنظر إلى أنهم ضباط شرطة قضائية، فمن الطبيعي أنهم يرتدون ملابس مدنية مثلما عليه الحال في غالبية دول العالم، بما في ذلك فرنسا حيث توجد العديد من الجمعيات التي وقعت على هذا النداء.

إن بدء نص النداء بمعطى كاذب يجعل من التعليق المبني على هذا المعطى خاطئا بالضرورة، ولكنه يخدم أغراض الأطراف الموقعة على هذا النداء.

يتم الادعاء بأن 15 ضابط شرطة يرتدون ملابس مدنية يحاصرون صحفيا أعزل من أجل وصف الاعتقال بأنه "مثير" و"مهين".

الكذبة الثانية، وهي الأكثر خطورة، وهي عندما تم الادعاء في هذا النداء بأن "الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي فتح تحقيقا أوليا على أساس تدوينة نشرت على صفحة فيسبوك لشخص يدعى آدم محمد، يقول إنه كان ضحية اغتصاب عام 2018 دون تحديد اسم مغتصبه المزعوم".

غير أن الجمعيات الموقعة على النداء تجاهلت عن عمد أن تشير في نصها، إلى أن الضحية المفترضة تم الاستماع إليه من قبل الشرطة بشأن هذه التدوينة، وهو الأمر الذي أكدته وسائل الإعلام وحتى الضحية نفسه.

وقد تم القبض على سليمان الريسوني بعد الاستماع إلى الضحية المفترضة (وربما على أساس الأدلة التي قدمت والتي تم اعتبارها دامغة)، ولم يتم اعتقاله فقط بناء على نشر التدوينة على الفايسبوك.

السؤال الثالث المغرض: "ما معنى أن تكون النيابة العامة بالدار البيضاء هي التي تحقق في هذا الملف علما أن الضحية المفترضة يقيم في مراكش ولم يقدم شكوى شخصية ضد الريسوني؟".

الأفعال المنسوبة لسليمان الريسوني وقعت في غرفة نومه بمنزله بالدار البيضاء. وهذا ما أكده ضحيته محمد آدم الناشط في جمعيات المثليين. "مسرح الجريمة" هو مدينة الدار البيضاء. إذن، أليس من الطبيعي والمنطقي أن تحقق النيابة العامة في الدار البيضاء في القضية؟ هذا هو المنطق السائد في جميع أنحاء العالم. ولكن عندما يكون سوء النية هو المتحكم في صياغة نص نداء، فإنه سيتم ملؤه بالأغاليط والأكاذيب لتحقيق غرض وحيد وهو التحامل على الجهة التي يراد مهاجمتها.

في النص نفسه، يتم تقديم شخصية معروفة جيدا بموهبتها في تحويل الأنظار، حتى لا توضح أو ترد على الاتهامات الموجهة إليها. يتم البدء بالحديث عن حملة تخويف وتهديد ضد سليمان الريسوني. وفيما بعد يتم الحديث في نفس النداء عن "الرسائل الموجهة حاليا إلى بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل المؤرخ المعطي منجب، الذين شكلوا لجنة لدعمه".

وبالنظر إلى الأخطاء والأكاذيب بهذا النداء الموقع من طرف جمعيات أقصى اليسار، يبدو أن المعطي منجب أثر بشكل كبير في صياغته.

يتمتع هذا الجامعي بموهبة كبيرة في تحريف الوقائع. وقد استخدم هذه الموهبة لجعل عدة ملايين من الدراهم، التي كان يتلقاها على شكل منح من الخارج، تختفي من حساب جمعية (جمعية ابن رشد التي كان لها وضع غريب كشركة ذات مسؤولية محدودة) للحسابات الشخصية لأخته وزوجته.

ازدراء الضحية المفترضة

بعد الإشارة إلى المعطي منجب، يتحدث هذا النص باقتضاب شديد عن ضحية الاغتصاب الذي ارتكبه سليمان الريسوني: "نحن ندين الهجمات البغيضة، المؤذية والمذلة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد آدم محمد، الضحية المفترضة، التي أعلنت صراحة مثليتها الجنسية".

كان بوسع محرري هذا النداء بذل الحد الأدنى من الجهد والاستماع إلى قصة محمد آدم أو على الأقل الاتصال به، حتى يعطوا الانطباع بأنهم يتخذون موقفا متوازنا في نداء يدافع فقط عن متهم بالاغتصاب ولا تولي أي اهتمام لضحيته المفترضة.

الهيئات الموقعة على هذا النداء الذي يدافع عن المغتصب المفترض ويرفض إنصاف الضحية هي: جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب (ASDHOM) وجمعية المغاربة بفرنسا (AMF) وجمعية العمال المغاربيين بفرنسا (ATMF) والجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع باريس والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، فرع فرنسا ولجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس (CRLDHT) وجمعية مغاربة بلجيكا من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان (AMBDH) وجمعية عدالة وحرية بالمغرب (AJLM) والمنظمة من أجل حريات الإعلام والتعبير (OLIE-Maroc) والتحالف الدولي من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات (AIDL-France) وجمعية عائلات المعتقلين والمخفين الصحراويين (AFAPREDESA) وجمعية نساء متعددات (Femmes Plurielles) وحزب النهج الديمقراطي فرع أروبا وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي-فيدرالية أوربا ومن أجل حركة بيئية شعبية واجتماعية (PEPS) والحزب الشيوعي الفرنسي.

وردا على هذه السلسلة الطويلة من الجمعيات والهيئات (والحزب الشيوعي الفرنسي) الذين وقعوا على هذا "النداء" ضد حق محمد آدم في العدالة والحقيقة، فإن مجتمع الميم العربي اتخذ موقفا داعما للضحية. ففي بيان صحفي نشر على صفحة بالفيسبوك تحمل اسم "موجودين"، قدمت مجموعة من جمعيات المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا في المغرب وتونس والأردن وليبيا إلخ، دعما قويا لمحمد آدم، ضحية عملية الاغتصاب وأحد المدافعين عن حقوق مجتمع الميم في المغرب. وفي نص دفاعها عن آدم، قدمت هذه الجمعيات وجهة نظر معاكسة للحجج التي نسجها نداء جمعيات اليسار المتطرف المذكورة أعلاه.

وتشير هذه الجمعيات إلى أن "الصحفي المتهم بالتحرش ومحاولة الاعتداء الجنسي يستخدم سلطته من خلال المواقع الإخبارية والأحزاب السياسية وحركات حقوق الإنسان والحركات الإسلامية الأخرى لإسكات صوت الناشط المغربي محمد آدم. ثم تضيف: "ندين حملة التشهير والقذف التي يتعرض لها الناشط ولا سيما إنكار حقوقه بحجة أن الصحفي المعني هو معارض".

وتطالب هذه المجموعة "بمحاكمة عادلة وتغطية إعلامية مهنية وأخلاقية لضمان سلامة وكرامة الرفيق محمد آدم".

من ناحية، لدينا نداء من جمعيات أقصى اليسار، مغرضة ومليئة بالأراجيف والأكاذيب. ومن ناحية أخرى، نداء جمعيات المثليين التي تكافح من أجل فرض وجودها في العالم العربي وتطالب فقط باحترام حقوق الضحية المفترض.

أما جوهر الدعوى فيتعلق بأمر خطير للغاية: سليمان الريسوني متهم بالاغتصاب. سواء كان صحفيا أو ناشطا في مجال حقوق الإنسان أو حتى فنانا عبقريا، لا يمكن لأي من هذه الصفات أن تكون بمثابة درع واق ضد الاغتصاب.

تحرير من طرف حفيظ
في 03/06/2020 على الساعة 14:30