بالفيديو: السلطات تصعّد لهجتها اتجاه الأساتذة المتعاقدين

DR

في 24/03/2019 على الساعة 14:45

يواصل الأساتذة المتعاقدون ضغطهم على الدولة حيث احتجوا أمس السبت بالرباط. لقد حاولوا القيام باعتصام غير مرخص له أمام البرلمان وهو ما دفع السلطات إلى استعمال خراطيم المياه من أجل تفريقهم. إلى أي مدى يمكنهم الذهاب بعيدا في احتجاجهم؟ فيما يلي عناصر للإجابة على هذا التساؤل.

 يبدو أن الأساتذة المتعاقدون عازمون على المضي قدما في احتجاجهم بالرغم من الحلول التي اقترحتها الحكومة، والتي رفضوها ويرغبون في إدماجهم في الوظيفة العمومية بأية وسيلة. فقرابة 50 ألف أستاذ متعاقد يواصلون الاحتجاج على وضعيتهم التي قبلوا بمحض إرادتهم ووقعوا على عقودهم.

فأمس السبت 23 مارس 2019، جاب الأساتذة المتعاقدين شوارع الرباط وحالوا القيام باعتصام غير مرخص له أمام البرلمان. وإذا كان الاحتجاج سلميا في البداية، فإن السلطات تدخلت باستعمال خراطيم المياه من أجل تفريق التجمع بعد ساعتين من التفاوض وبعد الرفض القاطع للأساتذة المحتجين بفض الاحتجاج.

ما وقع بالأمس ما هو إلى مظهر من مظاهر الصراع التي تخوضها هذه العينة من الأساتذة ضد الحكومة. المشكل بدأ سنة 2016، عندما قررت الحكومة من أجل سد الخصاص في الموارد البشرية بقطاع التربية الوطنية، اللجوء إلى التوظيف بشكل مكثف عن طريق العقدة. وإذا كان هؤلاء الأساتذة يحصلون على نفس أجور الأساتذة-الموظفين، فإن الحقوق الاجتماعية خاصة التقاعد، لم تتم الإشارة إليها في العقد.

فضد هذا "التمييز" احتج الأساتذة المتعاقدون منذ سنتين، وازدادت احتجاجاتهم حدة مع توالي الأيام.

وقد قدمت الحكومة (عبر الوزارة الوصية) عدة تنازلات واقترحت عدة حلول، غير أنها لم تفعل. وكان آخر هذه التنازلات التغيير الشامل في وضعية هؤلاء الأساتذة المتعاقدين الذين أصبحوا أطرا تابعة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. بعد هذا التعديل، فإن نظام التوظيف بالعقدة أصبح منذ ذلك الحين لاغيا.

كان الاعتقاد السائد أن بعد هذا الإصلاح-وهو في الحقيقة تنازل حقيقي من الحكومة- لم يعد هناك مبرر للاستمرار في الإضرابات والاحتجاجات. ومع ذلك، رفض الأساتذة، الذين أصبحوا أطر الأكاديميات، هذه الاقتراحات واستمروا في ابتزاز الدولة وأخذوا التلاميذ كرهائن. مع العلم أن القطاع يعرف وضعية كارثية، والكل ينتظر الرفع من جودة التعليم في بلادنا.

هذا الرفض يظهر بجلاء نوع المرض الذي أصيبت به المهن، التي تعرف نسبة تنقيب مرتفعة، والتي ترفض الانتقال من ثقافة الريع والمناصب مدى الحياة إلى ثقافة حقيقية تعتمد مبدأي الفعالية والنتائج، وذلك بالتشبث بشكل أعمى بوضعية مريحة، أي الاندماج في الوظيفة العمومية. كما أن استغلال بعض الجهات لهؤلاء الأساتذة الذين تستعملهم كحصان طروادة يزيد الوضع قتامة.

وبعدما أبانت الحكومة من جانبها حسن النية، قررت أن تكون حاسمة في الأمر.

وقد أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مؤخرا قائلا: "إن التوظيف الجهوي عبر الأكاديميات يشكل خيارا استراتيجيا للحكومة لا رجعة فيه، يندرج في إطار إرساء الجهوية المتقدمة وتفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، وتحقيق العدالة المجالية والدفاع عن المدرسة العمومية وتوفير شروط مدرسة النجاح".

ويوم 21 مارس، أعطت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مهلة لـ"الأساتذة المتعاقدين" المضربين لكي يلتحقوا بأقسامهم في غضون أسبوع، أو تطبيق مسطرة التخلي عن الوظيفة في حقهم.

من أجل الحفاظ على استمرارية المرفق العام، قامت وزارة التربية الوطنية بتوجيه مراسلات في هذا الصدد إلى مدراء الأكاديميات تطالبهم فيها باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية من أجل ضمان حسن سير الدروس وإحصاء المتغيبين. وهذا ما يفسر ربما الطابع المذهل للحركة الاحتجاجية التي وقعت ليلة السبت 23-الأحد 24 مارس.

هذه الوضعية تظهر عزم هؤلاء الأساتذة الاستمرار في تجاهل التزاماتهم التعاقدية بالرغم من التنازلات التي قدمتها الحكومة. ومقابل ذلك، فإن تصميم السلطات على عدم ترك هؤلاء الأساتذة الاستمرار في الاحتجاج في الشارع خارج القانون.

شد الحبل بين الأساتذة الذين يتجاهلون التزاماتهم التعاقدية وبين الدولة التي تريد الحفاظ على الأمن هو مثال على الوضعية التي تضعف التنافسية والفعالية في بلادنا: البحث بأي ثمن عن وضعية موظف من أجل الحصول على أجر حتى الممات. فيتعين على الدولة أن تخوض حربا حقيقية من أجل سمعة الوظيفة العمومية.

وإذ أردنا أن نتفادى أن يقوم متعاقدون آخرون في وزارات الدولة بالخروج إلى الشارع من أجل المطالبة بصفة موظف، فيجب أن تصبح الوظيفة العمومية مجالا حيث يتم فرض الفعالية والنجاعة والحضور على غرار ما هو معمول به في القطاع الخاص.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 24/03/2019 على الساعة 14:45