قمة مصغرة بتونس لتأكيد استحالة قيام كيان مغاربي بدون المغرب

الرئيس التونسي قيس سعيد والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي

في 22/04/2024 على الساعة 19:40

افتتحت يوم الاثنين في تونس قمة ثلاثية مصغرة بين رئيسي الدولتين التونسية والجزائرية ورئيس المجلس الرئاسي الليبي. وبعد فشله في إنشاء تكتل مغاربي جديد بدون المغرب، بسبب معارضة ليبيا، رغم حضورها، وغياب موريتانيا، يحاول النظام الجزائري وضع إطار غير رسمي يفرض فيه هيمنته الإقليمية الزائفة.

أعلنت الرئاسة التونسية، في بلاغ نشرته السبت الماضي على صفحتها على فيسبوك، في جملة واحدة، أنه «بدعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيد، سيقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي بزيارة إلى تونس يوم الاثنين 22 أبريل 2024 بهدف المشاركة في اللقاء التشاوري الأول بين الدول الثلاث الشقيقة».

ولم تشر الرئاسة التونسية إلى الطابع «المغاربي» الذي تريد الجزائر إضفاءه على هذا اللقاء الجديد بين الدول الثلاث بعد لقاء 3 مارس بالجزائر العاصمة.

ويفسر تحفظ البلاغ الصحفي التونسي بالرغبة في تجنب مقاطعة الاجتماع غير الرسمي الذي عقد يوم الاثنين من قبل الجانب الليبي، الذي عبر مؤخرا عن رفضه دعم إنشاء كيان مغاربي جديد يستبعد منه المغرب. وهكذا، أوضح المجلس الرئاسي الليبي، مطلع الشهر الجاري، أن بلاده تقيم علاقات جيدة مع كافة «دول المغرب العربي الشقيقة، وتدعم وحدة أراضيهم وسيادتهم، وتدعو إلى حل الخلافات داخل اتحاد المغرب العربي من خلال الحوار البناء».

ويأتي هذا التوضيح من السلطة التنفيذية الليبية الموجودة في طرابلس والتي، بالمناسبة، لا تسيطر إلا على جزء صغير من أراضي الجماهيرية السابقة، إذ ثلثاها يسيطر عليه المشير خليفة حفتر، الخصم اللدود للهيمنة الإقليمية الجزائرية، (يأتي هذا التوضيح) بعد أن كشفت السلطات الجزائرية عن نيتها الحقيقية الرامية إلى إنشاء تكتل مغاربي جديد يتم استبعاد المغرب منه. فعلى التوالي طرح وزير الخارجية أحمد عطاف ما سمّاه بضرورة «ملء الفراغ» الذي تسببت فيه «غيبوبة» اتحاد المغرب العربي، قبل أن يحذو تبون حذوه ليؤكد بوضوح إرادته في خلق إطار مغاربي جديد الذي لن يكون موجها ضد أحد، في إشارة إلى المغرب.

وبعد استشعارها لفشل هذه المبادرة، بدت بعض وسائل الإعلام الجزائرية «حذرة» جدا عشية اجتماع 22 أبريل في تونس. وبحسب صحيفة ليكسبريسون المقربة من الطغمة العسكرية الحاكمة، فإن «الحذر المبرر، الذي أبدته الدول الثلاث في تقديم هذه المبادرة، لا يمنع، على المدى الطويل، من الطموح إلى تحقيق المزيد من التكامل الإقليمي»، مضيفة أن «فكرة هذه القمة الثلاثية وعقدها باستمرار والحماس الذي تثيره على مستوى العاصمتين الأخريين تشكل إشارة مقنعة إلى وجود نية لبناء كيان إقليمي جديد دون إقصاء».

إنه جهد ضائع، لأنه إذا كان من الواضح أن المغرب لن يوافق أبدا على الاندماج في إطار إقليمي لشمال أفريقيا غير إطار اتحاد المغرب الكبير، فإن موريتانيا، من جانبها، تتمسك بشدة بكيان مغاربي يضم الدول «الخمس» الذي أسس وفق معاهدة مراكش 1989.

يشار إلى أن تبون فشل فشلا ذريعا في إبقاء الرئيس الموريتاني الذي كان متواجدا في الجزائر العاصمة يومي 1 و2 مارس الماضي عندما حضر قمة الدول المنتجة للغاز. ورفض هذا الأخير المشاركة في اللقاء الأول الذي نظمه الرئيس الجزائري بهدف إطلاق إطاره المغاربي الميت. وتوالت اتصالات هاتفية عديدة بين تبون والغزواني، كلها أكدت رفض موريتانيا الانضمام إلى أي تكتل مغاربي يقصي المغرب.

في ذلك الوقت، تم تكليف الرئيس التونسي، قيس سعيد، من قبل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بهدف إقناع الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، بالتراجع عن رفضه الانضمام إلى الإطار المغاربي الذي تعتقد الجزائر أنه يمكنها خلقه بدون المغرب.

ورغبة في الاستفادة من العلاقات الممتازة التي حافظت عليها نواكشوط وتونس بانتظام منذ استقلال البلدين، قوبل طلب قيس سعيد، الذي أصبح تابعا لتبون والذي تعاني بلاده من صعوبات سياسية واقتصادية وتعتمد جزئيا على الإعانات القليلة التي تمنحها لها الجزائر، بالرفض القاطع من نظيره الموريتاني. وتلقى هذا الأخير مكالمتين هاتفيتين من قيس سعيد، في 10 أبريل لتهنئته بمناسبة عيد الفطر، ثم في 11 أبريل يدعوانه لزيارة رسمية إلى تونس بالتزامن مع زيارة تبون ومحمد يونس المنفي.

لم تؤد هذه المكالمات الهاتفية، في نهاية المطاف ووفقا لبعض وسائل الإعلام، إلا إلى خلق حالة من الفتور بين قيس سعيد المتوتر دائما والغزواني الهادئ للغاية، ولكنه المتشبث دائما بالمبادئ.

هل هي صدفة أم لا عندما اختار الغزواني في اليوم نفسه الذي انعقدت فيه قمة تونس المصغرة رئاسة مجلس وزراء استثنائي في نواذيبو، العاصمة الاقتصادية لموريتانيا والمدينة التوأم للكويرة في أقصى جنوب المغرب.

وهكذا، فمن خلال محاولته جاهدا لتجنب العزلة الإقليمية والدولية التي ورط بلادها فيها، فإن النظام الجزائري يفشل مرة في مناوراته من خلال المراهنة على مشروع غير قابل للتحقيق في اجتماع تونس.

ويأتي لقاء تونس خاصة في وقت تعرضت فيه الجزائر للإذلال أمام العالم أجمع من قبل أعلى هيئة لكرة القدم الإفريقية، التي اعترفت بحق المغرب في وضع أنديته للخريطة الكاملة للمملكة على قمصانهم.

كما يأتي أيضا في وقت اتخذت فيه النيجر، التي حاولت الجزائر معاقبتها لأنها عززت علاقاتها مؤخرا مع المغرب من خلال طردها فجأة لآلاف المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، قرارا جذريا يوم الأحد 21 أبريل. فقد دعت النيجر جميع رعاياه المقيمين بشكل قانوني أم لا في الجزائر إلى مغادرة هذا البلد بسرعة، الأمر الذي ينذر بقرب إغلاق الحدود بين النيجر والجزائر.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 22/04/2024 على الساعة 19:40