لطالما روجت الجزائر أن "القضية الصحراوية" بالنسبة لها "مسألة مبدأ فقط لا غير" وأنها غير معنية بالنزاع، ها هي اليوم تغير موقفها وتعلن بوجه مكشوف، فلم تعد تدفع بقياديي جبهة البوليساريو من أجل أخذ الكلمة والتعليق و"التنديد" بقرارات الرباط، ولم تعد تعطي تعليماتها، وترفع شعاراتها الدائم "نزاع الصحراء بين أيدي الأمم المتحدة" وأن الجزائر "تناضل في أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها".
كل هذه الشعارات سقطت مع عزم المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي وما رافق ذلك من جني لتمار السياسة الإفريقية الجديدة لمحمد السادس، فنسيت الجزائر خطابها البالي، فتأكد بالملموس أن الصحراء "قضية وطنية" أيضا بالنسبة للجار الشرقي.
تأكد ذلك في الأربعاء الماضي، حينما قضت محكمة العدل الاوربية حول موضوع الاتفاق الفلاحي الموقع في 10 دجنبر 2015، بين المغرب والاتحاد الأوربي، حينما عبر سفير الجزائر ببروكسيل عمار بلاني باسم الصحراويين عن رفضه للقرار، في إشارة واضحة لعدم استساغة الجزار لقرار المحكمة الاوربية.
إقرأ أيضا : إقرأ أيضا: الاتفاق الفلاحي. تحميل البوليساريو مصاريف المسطرة القضائية
فلماذا إذن تحس الديبلوماسية الجزائرية أنها مستهدفة من قرار الاتحاد الاوربي الذي يهم المغرب والبوليساريو؟ فإذا كانت غير معنية كما تقول، فلماذا تحدث ممثل الجزائر فبل مسؤولي البوليساريو؟ لو حدث الأمر قبل سنوات، لما تعاملت الجزائر بالأمر على هذا النحو، فقد كان نمط اشتغالها معروف، يقضي بإعطاء التعليمات لقادة البوليساريو وتحرك أبواقها الإعلامية من أجل استهداف المغرب.
لا أحد يستطيع الجزم أن تغير مواقف الجزائر أمر متدبر فيه، فالنظام الجزائري بدا يتخبط في الارتجالية والعشوائية، ودون قصد صارت مواقفه تشي أنه فعلا "طرف رئيسي" في النزاع الصحراوي.
إقرأ أيضا : إقرأ أيضا: النظام الجزائري يبيع الوهم لشعبه!
لماذا تشحذ الجزائر كل إمكانياتها من أجل منع عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؟ لماذا تسخر كل طاقتها من أجل الحصول على دعم إفريقي للبوليساريو؟ ولماذا هذه الارتجالية في تنظيم "منتديات أعمال" حول إفريقيا رغم معرفتها بفشلها الذريع؟ وما نتيجة اليوم الدراسي حول "الأمن والسلام في إفريقيا" المنعقد نهاية الأسبوع الماضي؟
لم يعد أمرا خفيا الاهتمام الفجائي للجزائر بإفريقيا، فالجميع يعرف أن التحركات الاخيرة للجار الشرقي ليست لعيون إفريقيا، بدليل الطرد العنصري الذي قامت به تجاه مواطنين من إفريقيا جنوب الصحراء.
في الواقع، فالجزائر متخوفة من عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، متخوفة من أن تكون هذه العودة سببا في تحجيم تحرك "جمهورية الوهم"، تخوف يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجزائر في قلب النزاع حول الصحراء، رغم أسطوانتها المشروخة منذ أربعين سنة.