التنسيقيات مكون جديد للدفاع عن الحقوق.. النقابات بين ضعف الانخراط و«سحب البساط»

اجتماعات الحكومة مع النقابات التعليمية في مرحلة سابقة لم تلزم التنسقيات

في 23/04/2024 على الساعة 15:00, تحديث بتاريخ 23/04/2024 على الساعة 15:00

ونحن على أبواب عيد العمال (فاتح ماي 2024) ونعيش على إيقاع الحوار الاجتماعي بإمكاننا أن نتساءل عن الدور الذي يمكن أن تلعبه النقابات وطنيا. التساؤل ليس الهدف منه التحامل على هذا المكون، بل له ما يبرره. فقد مرت معنا خلال إضرابات نساء ورجال التعليم مرحلة اضطررنا إلى التساؤل، هل جرى سحب البساط من تحت أقدام النقابات من قبل التنسيقيات؟ وهو السؤال الذي مازال صداه يتردد.

لا مراء أنه خلال مرحلة إضراب نساء ورجال التعليم كانت النقابات والنقابيون في وضع حرج، وضاعفت الإحراج الأرقام التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط، فحسب احصائيات تعود الى سنة 2023، أكدت المندوبية أن 97,3 في المئة من النشيطين المشتغلين بالمغرب غير منخرطين في النقابات 96,1 في المئة من المشتغلين في الوسط الحضاري غير منخرطين و99,5 في المئة من المشتغلين في الوسط القروي غير منخرطين.

إن الارقام المشار إليها تفيد بعدم الاقبال على الانخراط في النقابات، أو ما يمكن اعتباره تبرما من الفعل قاد إلى كثير من التساؤلات التي نقلنا بعضا منها إلى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عبد العزيز قراقي، والباحث الاجتماعي خالد أكضيض.

دلالات الأرقام

بخصوص دلالات الأرقام المذكورة سلفا، وعلاقتها بالتبرم من النقابات وتراجعها يقول عبد العزيز قراقي: « تؤكد هذه الأرقام حقيقة لا تنطبق على بلادنا فحسب، بل يمكن القول إنها ظاهرة عالمية وأسبابها متعددة، فيها ما هو خصوصي وما هو مشترك بين أغلب الدول، إذ لا يخفى على أحد أن الحرب الباردة التي كانت « البروليطاريا » أو العمال ونقاباتهم، تشكل مكونا أساسيا في المشهد السياسي، سواء تعلق الأمر بالفعل أو الخطاب السياسي بالنسبة للمعسكر الشرقي، وكانت النقابات الجماهيرية تشكل قوة حقيقية، بالنسبة لكلا المعسكرين، لا يمكن تجاوزها في مجال الفعل الاقتصادي والاجتماعي، ولعل مناسبة فاتح ماي التي كثيرا ما شهدت تنافسا حقيقيا في مجال التعبئة، واستعراض مظاهر القوة، وتذكير السلطة السياسية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين، بعدم تجاوز النقابات، وهو الأمر الذي جعل بعض النقابات تتجاوز سمعتها الإطار الوطني رغم كونها تنتمي إلى دول ليبرالية، غير أن العولمة وانتصار الليبرالية، ولجوء الكثير من الدول إلى خوصصة أغلب المؤسسات هذا الواقع الجديد إلى بحث أفضل السبل لعدم تسريح العمال، فأفرز ذلك تقديم الكثير من التنازلات لأرباب العمل.

وقد بات مفروضا عليها إعمال المنطق الاقتصادي الخاضع لمنطق السوق، أمام التراجع التدريجي للحماية الاقتصادية، وأمام هذا الواقع الجديد، باتت المقاولات تبحث عن أيسر السبل لتحقيق الأرباح وخفض تكاليف الإنتاج، وكان للتطور التكنولوجي كلمته في هذا المجال، إذ أصبح الاستغناء عن آلاف العمال أمرا معتادا في الكثير من الدول، وهو ما جعل النقابات المتضرر الأبرز، ودفعها ».

وتسير مقاربة الباحث الاجتماعي خالد أكضيض في الاتجاه نفسه، إذ أكد بدوره أن تراجع الإقبال على الانخراط في النقابات لا يخص المعرب وحده ويقول في هذا الصدد: « إن معضلة ضعف الانخراط في المؤسسات النقابية، معضلة معاصرة لا تقتصر فقط على المجتمع المغربي، بل تمتد إلى مجتمعات أخرى، فنسبة الانخراط في النقابات والأحزاب السياسية أصبحت ضعيفة أيضا في المجتمعات التي يمكن أن نصنفها بأنها من المجتمعات التي تستدعي شرط الديمقراطية بقوة.

لكن المجتمع المغربي تبقى له خصوصياته لأنه يتعين علينا أن ننظر إلى المعضلة داخل المجتمع المغربي وأن نفهم شروط إنتاجها دخله.

إذا أردنا أن نفهم المحددات المتحكمة في ضعف الانخراط يمكن أن ننظر للموضوع من زاويتين، المستوى الداخلي بمعنى أن نتحدث عن النقابة من الداخل ونشرح بنيتها التنظيمية وأن نفهم خطها الإيديولوجي أيضا، وهذا مهم جدا لكي نفهم ما يجري داخل النقابة.

العلاقة مع باقي مؤسسات المجتمع

يقول زكرياء أكضيض في هذا الباب: » إنه البعد الثاني ويرتبط بالبعد الخارجي أي علاقة النقابة بباقي مؤسسات المجتمع.

إذا انطلقنا من البعد الداخلي فالنقابة باعتبارها جزءا من الوسطاء التقليديين. ونحن نعلم أن هناك بنية لهذا الوسيط، هذه البنية التنظيمية في مجتمعنا كباقي البنيات التنظيمية في الأحزاب والنقابات تتداخل فيها الأبعاد العائلي، والاقتصادي، والقبلي، وتداخلات هذه الأبعاد في البنية التنظيمية تجعلها غير قادرة على استيفاء شرط الديمقراطية. بمعنى أننا أمما بنيات تنظيمية منغلقة لا تسمح للأفراد بالترقي داخلها، ومن هنا فشرط الترقي ليس هو الكفاءة، بل إلى أي حد تقترب من هذه الدوائر المرتبطة بالقرابة والعائلة وبما هو اقتصادي إلى غير ذلك. ومن ثمة هذه النقابات ذات البنيات المرتبطة بما سلف لا تسمح بوجود الأفراد داخلها، ومن الممكن أن يأخذ الأفراد مسافات تجاه هذه البنيات التنظيمية الثابتة والمستقرة ولا تسمح بأن تكون هماك حركية داخلها.

هناك أيضا البعد المرتبط بالالتزام الإيديولوجي، ففي بعض المؤسسات النقابية هناك صرامة على هذا المستوى، ونحن نعلم بأن هناك تحولات كبيرة جد لم تعد تستحضر البعد الإديولوجي بدرجة أولى بمعنى أن الفرد في المجتمع لا تحركه الإيديولوجيات الكبرى بقدر ما تحركه مصالحه الذاتية، أي إلى أي حد يمكن للنقابة أن تحقق هذه المصالح للعمال والمستخدمين ».

وعي لا تنتجه النقابات

في إطار ملامسة المستوى الخارجي وجوابا عن سؤال بهذا الخصوص يقول الباحث الاجتماعي زكرياء أكضيض « يقودنا السؤال إلى فهم كيف يتشكل هذا الوعي النقابي لأننا لا نحتاج إلى هذا الوسيط التقليدي وحده، لا نحتاج إلى المؤسسات النقابية لوحدها، نحتاج إلى أفراد حاملين للوعي النقابي الذي لا تنتجه فقط النقابات، بل يمكن أن نعتبره صيرورة فقدت خيطها الناظم الذي كان يشكلها لأننا عندما نتحدث عن الوعي النقابي لا بد أن نتحدث عن التنشئة النقابية التي تبتدأ من المؤسسات التعليمية وتنتقل إلى المؤسسات الجامعية إلى أن يجد الفرد نفسه في إطار نقابي معين.

ويمكن أن نلاحظ أن صيرورة تشكل هذا الوعي النقابي لم تعد كما كانت في السابق، إذ كانت تستند على الحركات التلاميذية التي كانت تشكل هذالا الوعي النقابي وبعد ذلك ينتقل الفرد إلى الحركة الطلابية وينضج هذا الوعي النقابي إلى أن يكتمل في المؤسسات النقابية بمعنى أن هذا المسار الذي كان يشكل قاعدة للإطارات النقابية لمم يعد حاضرا الآن، وأصبحنا أمام مسارات فردية بم تعد تشكل تلك القاعدة التي تحتاجها النقابات، هذا عل المستوى الخارجي.

ونستحضر أيضا، التحولات القيمية، التي جعلت الأفراد يعيدون النظر في الوسائط التقليدية، بل يمكن أن نقول إنهم يعتبرونها ومن ضمنها النقابات عائقا في وجه تحقيق مصالحهم ومطالبهم. نحن أمام جيل جديد من المناضلين، الذين لا يبحثون عن ارتباط النقابة بقيم مثلى، وامتدادات سياسية وتحالفات سياسية، إنهم أفراد لديهم وعي نقابي براغماتي ينطلق من مبدأ الربح والخسارة، لذلك عندما يتشكل أي مطلب داخل المجتمع كيفما كان هذا المطلب فإنه ليس بالضرورة أن يجري نقل هذه المطالب إلى التنظيمات النقابية التقليدية، إذ تتحول إلى تنسيقيات، لماذا هذه المكونات كوسطاء جدد؟ لأن التنسيقية تنتفي فيها الصرامة الإيديولوجي،ة والتنظيمية، وتمنح مساحة لتصرف وتحرك الأفراد، خارج إكراه التنظيمات، لذلك تعتبر التنسيقية الآن البوابة الرئيسية لكل المطالب النقابية، فالتنسيقية لها طابع براغماتي صرف، بمعنى أنها تتشكل فور ظهور المطالب، وتنتهي بمجرد تحقيقها، لذلك فالنضال المعاصر براغماتي، ليس بمعنى الجشع، بل تروم تحقيق مصالح وإنهاء التنسيقيات بعد تحقيق المصالح ».

ويضيف أكضيض « بالنسبة لهذا الوعي تكلفة الانخراط في المؤسسات النقابي باهظة، من حيث واجبات الانخراط، والالتزام التنظيمي، والصرامة الإديولوجية، فنحن أمام نوع جديد من النضال يضع مسافة مع النقابات وشروطها ويسعى إلى تبني نوع من البراغماتية لتحقيق المطالب في أقرب وقت، وبأقل تكلفة. لذلك نلاحظ أن التنسيقيات استقطبت العديد من المظاهر في المجتمع المغربي، وجعلت النقابات تتحول إلى ملاح، أي أنها تمنح الشرعية القانونية للتنسيقيات، التي تشكل المطالب وتعبئ تسعى إلى الرافع والتفاوض عن المطالب، كأننا أصبحنا بصدد نقابات تلعب دورا تقنيا، بمعنى أنها لم تعد ذلك الإطار الذي يعبئ ويؤطر ويعيد النظر في المطالب، أصبحنا أمام نقابات تقنية مطالب جاهزة من أجل تحويلها إلى ترافع تفاوضي.

إن ما سلف ذكره من بين المحددات التي أثرت وأسهمت في ضعف انخراط النقابات لأن الأفراد لم يعودوا يرون أنه بإمكانها أن تكون فاعلة في ما يخص تحقيق مطالبهم، لذلك يلتجؤون للتنسيقيات والحركات الاجتماعية، التي صارت فاعلة ونشيطة سواء الحركات الاجتماعية الفئوية أو المحلية التي يمكن أن تدفع بمجموعة من المطالب نحو التحقق بخلاف سقف النقابات الذي يمكن أن يكون محدودا.

مازلنا في إطار البعد الخارجي فعلاقة النقابة بالسياسة إذا لم تكن منظمة ومتوازنة يمكن أن تؤثر على فاعلية النقابة. بالفعل تتحرك النقابة في سياق سياسي معين، لكن لا ينبغي لها أن تخضع دائما لهذا النسق السياسي وتستجيب له دائما لذلك إذا كانت النقابة وضع انسجام مع هذا النسق فهدا يحد قدرتها على تحويل المطالب إلى مرافعات أمام الحكومات ومن ثمة أصبحنا أمام نقابات تريد أن تحافظ على مواقع سياسية ولم نعد أمام نقابة قادرة على أن تتحرك بجرأة خارج النسق السياسي لتلقتي مع مطالب الأفراد تسعى لتدفع بشكل كبير جدا لتوسيع دائرة الحقوق بمعناها الشامل.

خلاصة القول ما يجري في النقابات على المستوى الداخلي، وأيضا التحولات الخارجية التي طرأت على المجتمع المغربي كان لها دور في ضعف انخراط المغاربة في النقابات ».

عوامل أخرى

يمكن أن تقف عوامل أخرى وراء التراجع الانخراط في النقابات، ولما سألنا عبد العزيز قراقي، لماذا لا يتمتع النشاط النقابي في المغرب بسمعة جيدة؟ قال: « يصعب فصل النشاط النقابي في المغرب عن النشاط السياسي، إذ منذ حصول المغرب على استقلاله بقي هذا التلازم حاضرا وما زال، فنقابة الاتحاد المغربي للشغل لم تكن منفصلة بشكل جامد عن الحياة السياسية.

وبدا الأمر أكثر وضوحا بالنسبة للنقابات التي ستظهر فيما بعد، إذ كانت النقابة تشكل الذراع العمالي للحزب، وصوته في صفوف العمال، ثم إن ظاهرة الزعيم المخلد أضرت إلى حد كبير بالنقابات، إذ حولتها إلى هياكل تتمحور حول الزعيم، حارمة إياها من القدرة على تجديد طاقاتها، وكثيرا ما حولتها إلى فضاءات للزبونية وتوزيع المنافع، وبدا أحيانا للفاعلين السياسيين إمكانية الاستغناء عنها بعدما دب الضعف إليها، غير أن مأسسة الحوار الاجتماعي أعادت إليها بعض الإشعاع. وكيفما كان الحال، فإنه لم يرق بها إلى المكانة التي كانت عليها في الماضي، حينما كانت مهابة الجانب وتستطيع أن تتخذ مبادرات مختلفة لإسماع صوتها، بل فرضت في وقت من الأوقات أن المشاريع القانونية المهيكلة للحياة الاجتماعية لا يمكن أن تر النور دونما موافقتها ».

عجز عن مواكبة تحولات

ردا على سؤالنا بخصوص من يتحمل المسؤولية؟ قال المحلل السياسي قراقي: « إن الظروف التي يمر منها العالم فرضت تحولا عميقا في طبيعة العلاقات بين مختلف الفاعلين في المجتمع، وبتنا نبتعد عن المقاربة الأحادية في اتخاذ القرارات، لنتحول نحو المقاربة التشاركية التي يفرضها بالأساس منطق الاختلاف والتعدد الموجود داخل المجتمع، ولكن طبيعة الهياكل النقابية وثقافتها التنظيمية جعلت نوعا من الفكر اليعقوبي مهيمنا داخل البناء النقابي، يسم كل محاولة للتجديد على أنها عمل مسخر من الخارج، يراد به إضعاف التنظيم وتمزيقه، فقضى ذلك على كل محاولات التطور، وبات منطق الولاء مهيمنا داخل الأجهزة التقريرية، ليتحول القرب من الزعيم إلى نوع من التموقع المغدق على صاحبه شتى النعم، خاصة بعد أن أصبح للنقابات الحق في تعيين ممثليها في بعض المؤسسات والمجالس، والتمتع بتمثيلية في المؤسسة التشريعية، مع ما يصاحب ذلك من تعويضات ومنافع مختلفة ».

وبخصوص ظهور التنسيقيات قال: « إن التنسيقيات ظاهرة تؤكد أن المجتمعات لا تقبل الفراغ، وأنها قادرة على إنتاج مؤسسات تنسجم وحاجياتها على المستوى التنظيمي، وأظن أن المناخ الذي سبق دستور 2011، ساعد كثيرا على وجود هذه التنظيمات، التي في لحظة من اللحظات أصبحت مفاوضا للسلطة، ولعل التنسيقيات التي كانت خاصة بالمعطلين أكبر دليل على ذلك، إذ لم يكن يجمع بين مكوناتها أي فكر سياسي، واختزلت كل مطالبها في الالتحاق بالوظيفة العمومية.

للإشارة فقط إن بعض هذه النقابات هي من كان ييسر عمل هذه التنسيقيات، ولكن حبل الود لم يدم بين الاثنين طويلا. ولعل تقاعس النقابات في بعض المجالات، وعدم القدرة على اتخاذ المبادرات أثر بشكل سلبي على علاقاتها بالمجتمع ».

وردا على سؤالنا، هل التبرم من النقابات اصبح فكرا يشجب الواقع وممارسات بعض ممثلي التقابات؟ يول عبد العزيز قراقي: « لقد حدث تحول كبير في الوعي السياسي في المغرب، وتراجع عدد العمال الأميين السهل التأثير عليهم وإقناعهم، ناهيك عن التطور الذي شهده الإعلام بمختلف أنواعه، مع ما صاحب ذلك من يسر في الوصول إلى المعلومة، ولم تعد المشروعية التاريخية كافية لإقناع الناس بأهمية الانضمام إلى النقابة، وقبول خلود قيادتها، بشكل لا ينسجم والخطاب الذي تتبناه النقابة عادة. ثم إن الزعامة تتطلب الكثير من الشروط أبرزها الإيمان بأن أهم رأسمال يمكن أن يتملكه الزعيم، هو مبادئ يؤمن بها، وغير مستعد إطلاقا للتنازل عنها مهما كلف ذلك،

ثم إن التكوين والتكوين المستمر، وما باتت تمنحه سوق الشغل من مرونة جعلت العامل يؤمن بقدراته، ويعمل على إثبات وجوده، انطلاقا من الاعتماد على النفس أكثر مما يعتمد على المؤسسة النقابية. حتى وإن كانت هذه الأخيرة لازال لها دور أساسي على مستوى الاتفاقيات الجماعية ».

ما تحتاجه النقابات

تأسيسا على ما نعيشه وما استعرضه كل من الباحث الاجتماعي زكرياء أكضيض، والمحلل السياسي عبد العزيز قراقي سألنا الأخير هل باتت النقابات في حاجة إلى تغيير آليات الاشتغال والاستقطاب؟ فرد قائلا: « تحتاج النقابات اليوم قراءة حقيقية لتاريخها، وتقييم مسارها، بما في ذلك علاقتها مع مختلف الفاعلين سواء السياسيين أو الاقتصاديين، وأظن أن النقابات تضررت كثيرا بسبب الارتباط بالحزب السياسي، إذ يكون لزاما عليها نهج أسلوب المهادنة طالما بقي الحزب التي تعتبر هي صوته في الحكومة، فيكون في هذه الحالة على أعضاء النقابة أن يقبلوا بذلك حتى ولو تعارض مع مصالحهم، ومن تم بات المنطق المتحكم في النقابة ليس العمال، بل ما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج، وما يحكم ذلك من علاقات قبلية.

إن النقابات ليست فضاء للترافع فحسب، بل هي أيضا قوة اقتراحية كبيرة، كونت رأسمالا فكريا منحته إياها التجربة، ولهذا يبدو لي أن النقابة بالشكل الكلاسيكي قد تندثر إلى الأبد لتفتح المجال لتصورات جديدة حول النقابات والعمل النقابي بشكل ينسجم مع العهد الرقمي الذي أعلنت بدايته أزمة كوفيد العالمية ».

تحرير من طرف حسن العطافي
في 23/04/2024 على الساعة 15:00, تحديث بتاريخ 23/04/2024 على الساعة 15:00