هذه خلفيات الهيكلة الجديدة لحكومة العثماني

Map

في 10/10/2019 على الساعة 08:41

من بين جميع الحكومات التي تعاقبت في المغرب منذ ستينيات القرن الماضي إلى الآن، تعد حكومة العثماني الحالية بكل تأكيد الأكثر تجمعا والأكثر تركيزا والأكثر فاعلية. وهذا هو السبب.

استقبل الملك محمد السادس، أمس الأربعاء بالرباط، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وفريقه الحكومي الجديد المكون من 23 عضوا (فقط). هذا الرقم وحده يؤكد الطابع المركز والمقلص للحكومة الجديدة. وهي سابقة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال.

بتشكلها من 50 في المائة من الوجوه الجديدة، تكون الحكومة قد جسدت الإرادة الملكية وحاجة البلاد في ضخ دماء وكفاءات جديدة. تم تخفيض هذه الحكومة أيضا بنسبة الثلث مقارنةً مع الحكومة السابقة التي خضع تشكيلها لحسابات سياسية مرتبطة بإرضاء الأحزاب الستة التي تشكلها بدلا من خضوعها لمتطلبات الكفاءة التي تمليها الظروف الاقتصادية والمصلحة العامة للبلاد. وهذا ما تم إصلاحه الآن.

إننا الآن أمام فريق معقلن وعصري، حيث تم الاحتفاظ فيها بالمفيد فقط. والدليل على ذلك هو أن وزارة الاتصال تم حذفها. لأنها بكل بساطة لا فائدة منها في الوقت الذي أصبح فيه القطاع يتوفر على آليات كافية للتنظيم الذاتي (من خلال الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمجلس الوطني للصحافة).

وفي نفس السياق، حذفت وزارة الشؤون العامة والحكامة وسيتم إدراج صلاحياتها، الاستراتيجية للغاية، ضمن اختصاصات وزارة المالية. وعلق مصدر مطلع على هذا الأمر قائلا "هذا يعكس الرغبة في إلحاق الإدارات الاستراتيجية بالوزارات التي لديها الخبرة والقدرة الحقيقية على إدارتها".

كل هذا، مع الحفاظ على الطبيعة السياسية البحتة للحكومة واحترام نتائج صناديق الاقتراع من حيث تمثيلية الأحزاب. سيتعين على أولئك الذين كانوا يراهنون على فريق مكون من التكنوقراطيين تغيير رأيهم. من ناحية أخرى، تم تعزيز هذه الحكومة من خلال الانفتاح الذكي على كفاءات جديدة. وللتأكد من ذلك يكفي الاطلاع على السيرة الذاتية لخالد آيت طالب الذي عين وزيرا للصحة وهو من الشخصيات العلمية والطبية المعروفة في المغرب. وينطبق الشيء نفسه على تعيين نادية فتاح العلوي، وزيرة للسياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، التي كانت تشغل إلى حدود تعيينها منصب المدير العام لشركة "سهام فاينانس"، والتي قضت معظم حياتها المهنية في القطاع الخاص.

نفس الملاحظة تنطبق على إدريس أوعويشة، الوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، الذي كان يشغل في السابق رئيس جامعة الأخوين بإيفران. ومن المرجح أن ينفض الغبار بشكل جدي عن القطاع العام الذي أصبح مسؤولا عنه.

هي إذن حكومة مقلصة ومشكلة بذكاء وهي أيضا متماسكة. نحن أمام وزارات قوية لها مقومات ووسائل لتحقيق أهدافها. وهذا ما يفسر إلغاء كتابات الدولة، وبالتالي وضع حد للحروب التي كانت تقع بين كتاب الدولة والوزارات الوصية. ونتذكر في هذا الصدد الحرب بين عبد القادر اعمارة حينما كان وزيرا مكلفا بالماء وشرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء.

من حيث هندستها، قامت الحكومة الجديدة، بحكم الواقع، بكبح حروب الأنانيات، لإفساح المجال لما هو متوقع من الحكومة: العمل والنتائج. وبهذا المعنى، ليس من قبيل الصدفة أن إصلاح الإدارة الآن مرتبط بوزارة المالية، وهي الوحيدة القادرة على تنفيذ هذا المشروع الضخم الذي عانى من إخفاقات متعددة.

يتجسد تماسك الحكومة الجديدة في ربط الثقافة بالشباب والرياضة. هذا الأمر منطقي، وكان يتعين التفكير فيه منذ زمن، فتطور الشباب يمر عبر الثقافة والرياضة. وكان من الضروري تركيز هذه الأولوية الوطنية الحقيقية: شباب سليم في جسده وكذلك في ذهنه. خاصة وأن وزارة الشباب والرياضة تتوفر على كنز حقيقي، والذي يحتاج فقط للتثمين: دور الشباب المنتشرة عبر التراب الوطني، وغير المستغلة بالشكل المطلوب. إن الارتقاء بهذه الوزارة، وتزويدها بالوسائل، وفتحها أمام الشباب، من خلال الرياضة وثقافة القرب، هو السبيل لضمان مستقبل مشرق لشبابنا. هذه الدينامية بدأت من الآن.

كل هذه العوامل تسهم في أن هذه الحكومة السياسية، التي تعززت بالانفتاح الذكي على الكفاءات، لديها كافة المقومات لإنجاح مهمة إصلاح التعليم والصحة، والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين واستعادة الثقة للشباب.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 10/10/2019 على الساعة 08:41