اكتشف من يكون جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس؟

DR

في 11/04/2019 على الساعة 20:30

أبدى جوليان أسانج تحفظا إزاء التحدث عن خلفيته، لكن الاهتمام الإعلامي منذ ظهور ويكيليكس ألقى بعض الضوء على تأثير هذا الرجل، الذي ولد عام 1971 في تاونسفيل بولاية كوينزلاند، شمالي أستراليا، وعاش طفولته في ترحال مع والديه اللذان كانا يديران مسرحا جوالا.

ورزق بطفل وهو في ربيعه الثامن عشر، وسرعان ما خاض معارك قضائية بشأن حق الحضانة، كما وفر له تطور الانترنت فرصة لاستخدام تفوقه في مجال الرياضيات، لكن ذلك بدوره تسبب في مصاعب.

في عام 1995، واجه مع صديق له اتهامات بارتكاب عشرات من أعمال القرصنة الإلكترونية، ورغم مهارة مجموعة قراصنة الانترنت في تعقب المحققين الذين يلاحقونها، ألقي القبض على أسانج وأقر بذنبه.

ودفع أسانج كفالة بعدة آلاف من الدولارات الأسترالية كي يظل خارج السجن، بشرط عدم تكرار فعلته، وأمضى بعد ذلك ثلاثة أعوام يعمل مع أكاديمية سويليت دريفوس، التي كانت تجري أبحاثا تتعلق بالجانب التخريبي الناشئ من الانترنت، وأعد معها كتاب "العالم السفلي" Underground الذي بات من الأكثر مبيعا بين المؤلفات المتعلقة بالكمبيوتر.

ووصفت دريفوس أسانج بأنه "باحث ماهر جدا" كان لديه "شغف بمفهوم الأخلاق ومفاهيم العدالة، وماذا يجب على الحكومات فعله وعدم فعله"، وأعقب ذلك دورة للرياضيات والفيزياء التحق بها في جامعة ملبورن، حيث بات عضوا بارزا في قسم الرياضيات، وابتكر مسألة رياضية دقيقة صنفها المعاصرون على أنها ممتازة.

دشن أسانج موقع ويكيليكس في عام 2006، مع مجموعة من أصحاب أفكار مماثلة لأفكاره، مبتكرا ما يُطلق عليه "علبة رسائل ميتة" على الانترنت، لمن يريد أن ينشر تسريبات.

وقال أسانج لبي بي سي في عام 2011 "بهدف إبقاء مصادرنا في أمان، كان علينا أن نوزع الأصول، ونشفر كل شيء، ننقل الاتصالات السلكية واللاسلكية وكذلك الأفراد حول العالم لتفعيل قوانين الحماية في دول تشريعاتها القضائية المختلفة"، وأضاف "لقد أصبحنا بارعين في ذلك، ولم نخسر يوما قضية أو مصدرا، لكن لا يمكننا أن نتوقع أن يفهم الجميع الجهود الاستثنائية التي نبذلها".

وتبنى أسانج نمط حياة أشبه بالبدو الرحالة ليدير ويكيليكس من مواقع مؤقتة ومتغيرة، وبحسب مراسل مجلة "نيويوركر" رافي كتشادوريان، يمكن لأسانج أن يمضي أياما عدة بلا طعام، مُركزا على العمل بدون النوم لساعات كافية.

ويضيف "إنه يخلق هذا الجو من حوله، بحيث يجعل القريبين منه يرغبون في الاعتناء به حتى يستمر في العطاء. ربما لهذا علاقة بالكاريزما (الجاذبية) التي يتمتع بها"، وقال دانيال شميت، أحد الشركاء المؤسسين، إن أسانج "واحد من قلة يهتمون حقا بالإصلاح الإيجابي في العالم، إلى حد يجعلك ترغب بفعل أمر جذري قد يوقعك في خطأ، فقط من أجل فعل شيء يؤمنون به".

ونشرت ويكيليكس وثائق من بلدان مختلفة، لكنها لم تشغل عناوين الصحف إلا عندما نشرت شريط فيديو لمروحية أمريكية تطلق النار على مدنيين في العراق في أبريل عام 2007، وتسببت اللقطات التي نقلتها وسائل الإعلام في صدمة واسعة في العالم.

ودخل أسانج إلى دائرة الضوء حينما دافع عن شريط الفيديو إضافة إلى نشر وثائق عسكرية أمريكية سرية عن حربي العراق وأفغانستان في يوليوز وأكتوبر عام 2010.

واستمر الموقع في نشر كميات جديدة من الوثائق من بينها خمسة ملايين رسالة بريد إلكتروني سرية من شركة الاستخبارات "ستراتفور"، ومقرها الولايات المتحدة، لكن الموقع وجد نفسه يناضل من أجل البقاء في عام 2010 عندما بدأ عدد من المؤسسات المالية الأمريكية حجب التبرعات عنه.

وهيمنت جهود السويد لاستجواب أسانج بشأن الاتهامات الموجهة ضده بالاعتداء الجنسي على التغطية الصحفية الأخيرة لتطورات قضيته، وقال أسانج إن هناك دوافع سياسية تقف وراء هذه الاتهامات، وإنها جزء من حملة تشويه ضده وضد موقعه الذي يهتم بالكشف عن الأسرار.

وتقدم أسانج بشكوى إلى لجنة ليفسون البريطانية التي تنظر في المعايير الصحفية، وقال إنه واجه "تغطية إعلامية غير دقيقة وسلبية على نطاق واسع".

ويخوض أسانج معركة قضائية مريرة منذ اعتقاله في لندن في دجنبر عام 2010، وأمضى ثمان ليال في السجن قبل إطلاق سراحه ووضع تحت الإقامة الجبرية بدون توجيه تهمة له.

وحصل أسانج على الحق في تقديم التماس بصورة مباشرة إلى المحكمة العليا في المملكة المتحدة، في إطار معركته ضد طلب تسليمه، لكن قضاة المحكمة رفضوا الطعن الذي تقدم به.

ولجأ أسانج إلى رئيس الإكوادور رافائيل كوريا للمساعدة، إذ كان الاثنان أعربا في السابق عن آراء متشابهة بشأن الحرية، وخلال مقابلة مع برنامج تلفزيوني على قناة روسيا اليوم، أشادت كوريا مرارا بويكيليكس ونشاطها، ومن حين لآخر، تخللت إقامة أسانج في سفارة الإكوادور تصريحات صحفية ومقابلات.

آخر تصريح علني لأسانج كان خلال مؤتمر صحفي وزير خارجية الإكوادور ريكاردو باتينو، وثارت أيضا مخاوف بشأن صحته، وفي وقت مبكر من أكتوبر عام 2012، قالت سفارة الإكوادور إنها طلبت تأكيدات بأن أسانج لن يعتقل إذا نقل إلى المستشفى، وقالت إنها "قلقة للغاية" على حالته الصحية، مشيرة إلى أنه يعاني من التهاب في الرئة.

ولكن خلال مشاركته في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية الإكوادور في السفارة في غشت عام 2014، نفى أسانج تقارير صحفية أشارت إلى أنه سيغادر السفارة لتلقي العلاج الطبي، وفي الوقت نفسه، أوقفت السويد تحقيقها مؤكدة ضرورة استجواب أسانج في السويد.

وفي مارس الماضي، عرض المحققون السويديون السفر إلى لندن لإجراء مقابلة معه، لكنهم اضطروا بعد ذلك لإسقاط التحقيق في مزاعم الاعتداء الجنسي في 13 غشت لأنه بموجب القانون السويدي، لا يمكن توجيه اتهامات دون إجراء مقابلات مع المشتبه بهم، وأن الوقت نفِد للقيام بذلك، وبعد صدور هذا القرار، قال أسانج إنه يشعر "بخيبة أمل كبيرة"، وأن المدعي العام السويدي تجنب سماع رؤيته بشأن ما حدث.

وهذه الاتهامات "تسقط بالتقادم" وفقا للقانون السويدي، وكان أمام المحققين حتى 13 غشت لاستجواب أسانج بشأن واحدة من التهم المتعلقة بالتحرش الجنسي وواحدة تتعلق بالإكراه غير المشروع، في حين أن المدى الزمني لتهمة أخرى بالتحرش الجنسي كانت ستنقضي في وقت لاحق من الشهر نفسه.

ومن غير المقرر أن تنقضي تهمة الاعتداء الجنسي بحق أسانج حتى عام 2020، ويقول الادعاء إن التحقيقات ستستمر، وفي شتنبر 2014 شكا أسانج، الذي يقيم في سفارة الإكوادور منذ أكثر من ثلاثة أعوام، إلى الأمم المتحدة أنه "محتجز تعسفيا" لأنه لا يمكنه المغادرة دون أن يُعتقل.

وأصدرت اللجنة الأممية قرارا لصالح أسانج في فبراير عام 2016، وقالت إنه "اعتقل تعسفيا"، وأن له الحق في التحرك بحرية وفي الحصول على تعويض بسبب "حرمانه من الحرية".

وهذا القرار ليس ملزما من الناحية القانونية لبريطانيا، وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن هذا القرار "لن يغير شيئا"، وقالت الشرطة البريطانية إنها ستعتقل أسانج إذا غادر مقر السفارة التي يمكث فيها حاليا.

في 11/04/2019 على الساعة 20:30