البنك الدولي ينتقد وكالة تقنين الاتصالات ويتهم اتصالات المغرب بعرقلة نمو القطاع

DR

في 23/08/2019 على الساعة 15:00

قدم التقرير الأخير للشركة المالية الدولية حول القطاع الخاص المغربي تشخيصا لا لبس فيه عن وضعية المنافسة. فخبراء هذه المؤسسة التابعة للبنك الدولي يحذرون من الانعكاسات السلبية للاحتكار الذي تمارسه شركة اتصالات المغرب على خدمات الأنترنيت.

"القوانين التي يبدو أنها تحمي الفاعلين التاريخيين يمكن أن تؤدي إلى إحداث اختلالات في الأسواق ويمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد بأكمله". هذه العبارة مأخوذة من التقرير الأخير للشركة المالية الدولية (وهي مؤسسة تابعة للبنك الدولي)، تحت عنوان "تشخيص القطاع الخاص"، يبدو وكأنه يوجه أصابع الاتهام لشركة اتصالات المغرب.

فبعد شهرين من التقرير المثير للمجلس الأعلى للحسابات حول خدمات الأنترنيت، جاء الدور الآن على البنك الدولي ليطلق بدوره صافرة الإنذار، مشيرا إلى أن المغرب تأخر كثيرا ويجد صعوبة في سد الفجوة الرقمية.

"رغم مرور عشرة سنوات ورغم اتخاذ عدة قرارات، فإن الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات لم تعمل على تقسيم الحلقة المحلية"، بحسب ما ورد في هذا التقرير، الذي يتهم بشكل خاص الفاعل التاريخي، اتصالات المغرب، موضحا أن هذه الأخيرة، "ماتزال تحتكر 99 في المائة من سوق الأنترنيت (ADSL)".

وأوضح البنك الدولي أن هذا التأخير الحاصل في إصدار القوانين والأنظمة الخاصة بتقسيم الحلقة المحلية، دفع أحد الفاعلين في المجال، ويتعلق الأمر بشركة إينوي، إلى وضع شكاية بداية 2018 ضد اتصالات المغرب من أجل جبر الضرر والمطالبة من أجل ذلك بـ620 مليون دولار (أي ما يعادل 5,7 مليار درهم).

فغياب المنافسة في ظل التجاهل التام وغير المبرر للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، ساهم في عرقلة تطور هذا القطاع الحيوي بالنسبة لاقتصاد البلاد.

وجاء في تقرير الشركة المالية الدولية أن "نسبة النمو في قطاع تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات عرف تباطؤا وتأخرا في المغرب مقارنة مع الدول التي يعتبرها كمنافس له في هذا المجال، خاصة في مجال الأنترنيت العالي الصبيب (...). فسوق الأنترنيت العالي الصبيب في المغرب ما زال محصورا على المراكز الحضرية الكبرى والطرق بالمغرب، وهو ما يعمق الفجوة الرقمية. فنسبة استقبال الأنترنيت العالي الصبيب هو الأضعف في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط (17.5 في المائة من المنازل بالنسبة للصيب العالي الثابت و41 في المائة بالنسبة للسكان بالنسبة للصبيب العالي المحمول سنة 2015، في حين أن المتوسط في هذه المنطقة خلال نفس السنة كان على التوالي 41 و85 في المائة). كما أنه أقل بكل بكثير بالمقارنة مع دول أوروبا الشرقية، حيث تصل هذه النسب إلى 50 في المائة بالنسبة للثابت و100 في المائة بالنسبة للمحمول".

ففي نظر النبك الدولي، فإن الاعتماد الكبير على شبكة الهاتف المحمول يحول دول توسع الأنترنيت عالي الصبيب واعتماد الشبكات الرقمية.

الأرقام تؤكد هذا الأمر: فنسبة انتشار الهاتف المحمول (عدد بطائق الهاتف بالمقارنة مع نسبة السكان) تجاوز 128 في المائة، والسوق أصبح مشبعا. هذه الوضعية، يضيف نفس المصدر، جعلت الأسعار تتراجع وكذلك مداخيل الفاعلين في القطاع، وهو ما يضعف بالتبعية نموذجهم الاقتصادي المعتمد بشكل خاص على الهاتف المحمول. فحوالي 70 في المائة من رقم المعاملات لاتصالات المغرب والغالبية العظمى لميديتل وإينوي تأتي من البنية التحتية لشبكات الهاتف المحمول.

هل هذا التشخيص المقلق للبنك الدولي حول الاحتكار الذي تمارسه اتصالات المغرب ستدفع عبد السلام أحيزون، المدير الخالد لاتصالات المغرب، إلى تفضيل بروز قطاع حيوي بالنسبة لنمو البلاد على مكاسب حزبية؟

ونظرا لتعنته في منع وصول الفاعلين الأخرين إلى الشبكة النحاسية والتي ورثها عن الدولة، على الرغم من أن مشروع القانون 121-12 يعدل ويكمل قانون الاتصالات، الذي تمت الموافقة عليه وافق عليه مجلس الوزراء في عام 2014، والذي يفرض عقوبات ردعية، فإن فرص الأخذ بعين الاعتبار هذا التحذير الصادر عن البنك الدولي قليلة جدا.

فالمغرب الذي كان في السابق على رأس الدول التي قام بتحرير قطاع الاتصالات، أصبح متأخرا في هذا المجال الذي يعد عنصرا مؤسسا لمجتمع الغد.

غير أن التخوف هو أن هذا التأخير المتراكم بسبب تعنت اتصالات المغرب ورغبتها في الحفاظ على احتكارها لشبكة الهاتف الثابت والتخلي الواضح للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات عن الوظيفة التي أنشئت من أجلها، يمكن أن يؤدي إلى تعميق الهوة أكثر بين المغرب والدول الصاعدة.

تحرير من طرف وديع المودن
في 23/08/2019 على الساعة 15:00