وتوقفت النائبة، في سؤالها، عند التطور العلمي الكبير في مجال الطب الجيني، الذي لم يعد ترفا بحثيا، حسب وصفها، بل أداة عملية باتت تُحدث فارقا في حياة المرضى، مشيرة إلى أن هذه الاختبارات قادرة على كشف الطفرات أو الاضطرابات الوراثية التي تسبب عددا من الأمراض، وتسمح للأطباء بتوجيه العلاج بدقة، مما يعزز فرص الشفاء ويقلل من الهدر في النفقات الصحية.
غير أن النائبة لطيفة الشريف نبهت، في سؤالها، إلى أن محدودية توفر هذه الخدمات، وارتفاع تكلفتها، يحرمان آلاف المرضى من الاستفادة منها، رغم أهميتها القصوى في إنقاذ حياتهم أو على الأقل تحسينها، مؤكدة على أنه إشكال يكتسب أبعادا أكبر بالنظر إلى التباطؤ الديمغرافي الذي يشهده المغرب، وما يرافقه من تحديات صحية مستقبلية، خصوصا ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة والسرطانات.
وطالبت عضوة الفريق الاشتراكي وزير الصحة بتوضيح الإجراءات التي تعتزم وزارته اتخاذها لتوسيع عرض هذه الاختبارات وإدماجها ضمن الخدمات الصحية الأساسية، سواء داخل المستشفيات العمومية أو عبر شراكات مع القطاع الخاص والمختبرات المتخصصة، داعية في الوقت ذاته إلى وضع تصور واضح لضمان الولوج المنصف، عبر مراجعة التعريفات وتوفير التمويل اللازم وتكوين الأطر.
ما هي الاختبارات الجينية؟
هي فحوصات مخبرية تُجرى على الحمض النووي للإنسان (DNA) بهدف تحديد وجود تغيّرات جينية قد ترتبط بأمراض وراثية أو سرطانية أو اضطرابات صحية معقدة، حيث تفيد هذه الاختبارات في الكشف المبكر عن أمراض قد لا تظهر أعراضها إلا في مراحل متقدمة، وتحديد العلاج الأنسب، خصوصا في السرطانات التي تتطلب أدوية موجّهة نحو طفرات بعينها، بالإضافة إلى تقييم مخاطر إصابة أفراد العائلة ببعض الأمراض، والمساهمة في التخطيط الصحي على المدى البعيد.
وحسب خبراء، فقد غيّر هذا النوع من الفحوصات مفهوم الطب التقليدي، إذ انتقل من “العلاج بعد ظهور المرض”، إلى “التوقع والوقاية والعلاج الدقيق”، ما يجعل تعميم الولوج إليه خطوة استراتيجية لا مجرد تحسين تقني.
ويرى مهتمون بالشأن الصحي أن هذا الملف يمثل امتحانا حقيقيا لقدرة المنظومة الصحية الوطنية على مواكبة الطفرات العلمية، خاصة بعد إطلاق مشروع إصلاح القطاع وتعميم التغطية الصحية، فالمواطنون ينتظرون انتقالا فعليا نحو طب حديث، يعتمد على التشخيص المتقدم بدل الاكتفاء بالعلاجات التقليدية.




