أولئك الذين كانوا يعولون على تغيير موقف كينيا الجديد بشأن الصحراء خلال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سيتعين عليهم حزم أمتعتهم. لم يكن هذا هو الحال والخطاب الذي ألقاه الرئيس الكيني الجديد، وليام روتو، يوم الأربعاء 21 شتنبر أمام الجمعية العامة قدم الدليل الساطع على ذلك. كينيا ألغت اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية، نقطة إلى السطر. لم تعد من الآن فصاعدا موضوعا بالنسبة إلى كينيا.
خلال كلمته التي دامت 35 دقيقة، لم يشر ويليام روتو على الإطلاق إلى الجمهورية الوهمية. بل ركز في كملته على القضايا الحقيقية التي تهم إفريقيا والتحديات الهائلة التي تواجه القارة: التنمية والمخاطر الإرهابية والصراعات والتغيرات المناخية. لا مجال للإشارة إلى كيان وهمي ومصطنع مثل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وهذا بحد ذاته يشكل صفعة للطغمة العسكرية الجزائرية وأزلامها في تندوف الذين كانوا يأملون في "إعادة المباراة".
President William Ruto addresses the 77th United Nations General Assembly, New York, United States. https://t.co/XNgmP7e5jW
— William Samoei Ruto, PhD (@WilliamsRuto) September 21, 2022
وللتذكير فقط، فإن هذه هي رابع صفعة توجهها كينيا لأعداء الوحدة الترابية، في وقت قياسي. نتذكر أنه يوم الأربعاء 14 شتنبر 2022، وبعد رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس روتو، قررت جمهورية كينيا إلغاء الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الوهمية والبدء في خطوات إغلاق ممثليتها في نيروبي.
وذكر بيان مشترك في نفس اليوم أنه "احتراما لمبدأ الوحدة الترابية وعدم التدخل، تقدم كينيا دعمها التام لمخطط الحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية الذي اقترحته المملكة المغربية، باعتباره حلا وحيدا يقوم على الوحدة الترابية للمغرب” من أجل تسوية هذا النزاع".
بعدها شرعت الآلة الدعائية الجزائرية في التشويش على هذه الرسالة الواضحة، من خلال الترويج في بعض الأحيان لتراجع الرئاسة الكينية عن موقفها، وفي بعض الأحيان من خلال الادعاء بأن رايلا أودينغا، زعيم تحالف أزيميو لا أوموجا والمنافس الرئيسي لوليام روتو خلال الانتخابات الرئاسية الكينية الأخيرة، هاجم قرار الرئيس الكيني بإلغاء الاعتراف بالجمهورية الصحراوية المزعومة. وهذه هي الصفعة الثانية، لأن لا شيء من ذلك حصل.
Reports circulating that I attacked Ruto's decision to review Kenya's policy on Polisario are erroneous. I never mentioned Polisario and I know the important and beneficial relations between Kenya and Morocco.
— Raila Odinga (@RailaOdinga) September 16, 2022
I questioned the trend of roadside declarations on weighty issues.
وكتب رئيس الوزراء الكيني السابق على حسابه الرسمي على تويتر: "التقارير التي تدعي بأنني هاجمت قرار روتو بمراجعة سياسة كينيا بخصوص البوليساريو هي تقارير مغلوطة". وشدد رايلا أودينغا، الذي حصل على 48.85 ٪ من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، على أهمية العلاقات بين المغرب وكينيا التي وصفها بـ "الإيجابية".
بعد هذه الضربة، حاولت الطغمة العسكرية الجزائرية محاولة بائسة من خلال تحريك أدواتها الموروثة عن النظام القديم في كينيا. وهكذا، لجأ النظام الجزائري، الذي استفاد من الفترة الانتقالية، إذ لم يتم خلالها تعيين الحكومة الكينية بعد، إلى الكاتب العام لوزارة الخارجية الكينية، ماشاريا كاماو، الذي هو على وشك مغادرة منصبه، والذي أصدر مذكرة داخلية تم نشرها يوم الجمعة 16 شتبنر 2022 من قبل وسائل الإعلام التابعة للطغمة العسكرية الجزائرية وتحولت بقدرة قادر إلى "بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية الكينية".
© Copyright : DR
تشير المذكرة إلى أن كينيا "تتمسك" بموقفها القديم. غير أن محاولات التشويش باءت بالفشل الذريع وإذا كانت كينيا "تتمسك" بموفقها، فهي تتمسك بموقفها الجديد القاضي بحسب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية. لم يكلف الرئيس روتو نفسه عناء الإشارة إليها في كلمته أمام الأمم المتحدة، وهذا في بحد ذاتها... له دلالة لا تخفى على كل لبيب.