الصحراء: "التوضيح" المثير للشفقة للنظام الجزائري على الرد الصارم لمدريد

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيز

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيز . DR

في 27/04/2022 على الساعة 15:00

بعد أن تلقى ردا قاسيا من مدريد عقب التصريحات السخيفة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن الموقف السيادي لإسبانيا حول قضية الصحراء المغربية، يحاول النظام الجزائري الآن تقديم توضيحات. تراجع مثير للشفقة خليق بنظام يسير عكس التيار.

عندما تصل الدبلوماسية الجزائرية إلى الحضيض، لا يمكنها الامتناع عن مواصلة الانحدار. هذا أقل ما يمكن قوله في ضوء الحلقة الأخيرة من سلسلة ردود الفعل، المهينة أحيانا، والمضطربة أحيانا، للسلطة الجزائرية فيما يتعلق بدعم إسبانيا الرسمي لمخطط الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية.

بالأمس، في مواجهة ازدراء إسبانيا لتهجماتها، تراجعت الجزائر بشكل مؤسف من خلال "توضيح" مثير للشفقة لموقفها من مدريد... بعد توجيه انتقادات ضد الحكومة الإسبانية وضد رئيسها، بيدرو سانشيز.

في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء 26 أبريل 2022، أتحفتنا وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن امتناننا بقصاصة، نقلا عن "مراقبين" غامضين، تؤكد فيها أن "رئيس الجمهورية الذي لطالما أكد أن الجزائر ليست طرفا في النزاع القائم بالصحراء الغربية، قد وضح موقف البلاد اتجاه إسبانيا من خلال تجديد التأكيد على العلاقات الوثيقة بين البلدين" وأن الجزائر "تأسف للموقف الجديد الذي عبر عنه رئيس الحكومة الذي لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يعكس موقف الشعب الإسباني أو موقف الملك فيليب، الذي لم يشر إليه رئيس الجمهورية الجزائرية قط، بل بالعكس تماما".

كان هؤلاء "المراقبون" يحاولون التخفيف من حدة هجوم عبد المجيد تبون على إسبانيا خلال مقابلته مع اثنين من وسائل الإعلام الجزائرية يوم السبت 23 أبريل. فقد استنكر رئيس الدولة الجزائري "الانقلاب غير المقبول أخلاقيا ولا تاريخيا" للجار الشمالي. بل ذهب تبون أبعد من ذلك عندما أكد قائلا: "لدينا علاقات ودية مع الدولة الإسبانية لكن رئيس الحكومة (بيدرو سانشيز، ملاحظة المحرر) كسر كل شيء".

ومع ذلك، فإن النظام الجزائري لم ينتظر مقابلة تبون لبدء أعماله العدائية ضد إسبانيا. فمنذ 19 مارس، استدعت الجزائر سفيرها في مدريد. موقف يعكس على أقل تقدير أن الجزائر هي طرف أساسي وليس كما يدعي نظامها بصوت عال أنه مجرد مراقب في ملف الصحراء وأن جميع مواقفه بشأن هذا الموضوع هي مسألة مبدأ. لكن من الواضح أن تغيير إسبانيا لموقفها في قضية الصحراء جعل الماسكين بزمام السلطة في الجزائر يفقدون أعصابهم، لدرجة أن تبون سمح لنفسه بالتدخل في قرارات دولة ذات سيادة مثل إسبانيا.

موقف قابله الجار الشمالي بازدراء مشروع. فقد صرح خوسي مانويل ألباريس، رئيس الدبلوماسية الإسبانية، لإذاعة أوندا سيرو قائلا: "لن أؤجج النقاشات العقيمة، لكن إسبانيا اتخذت قرارا سياديا في إطار القانون الدولي وليس هناك شيء آخر يمكن إضافته". بل إنه قال إن من كل هذه التصريحات احتفظ فقط بالتصريح المتعلق "بالالتزام بتزويد إسبانيا بالغاز الجزائري واحترام العقود الدولية".

إن هذا الغضب الإسباني هو الذي تحاول الجزائر تهدئته اليوم بلغة لطيفة غير ذات مصداقية. خاصة وأن المبعوث الخاص "الشهير" المكلف "بمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب الكبير"، المدعو عمار بلاني، قد انخرط هو الآخر في هذه الحملة. فقد تمت الاستعانة يوم الاثنين 25 أبريل بخدمات هذا الديبلوماسي الدعي من أجل تصعيد اللهجة ضد الديبلوماسية الإسبانية من خلال وصف تصريحات خوسي مانويل ألباريس بأنها "مهينة" و"غير مقبولة".

وسمح لنفسه أن يضيف: "على الوزير الإسباني أن يتحمل عواقب تصريحاته". عن أية "عواقب" يتحدث عنها بلاني؟ من هذا التراجع المثير للشفقة الذي تم بعد يوم، عبر وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، على أمل تبرئة الرئيس الجزائري الثرثار للغاية من تهمة التدخل السافر في قرار سيادي للدولة الإسبانية؟

على أية حال، فإن خرجات هذه الشخصية تذكرنا بالخطابات الملحمية لمحمد سعيد الصحاف (وزير الإعلام خلال فترة حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين) خلال حرب الخليج الأولى، والذي، بينما كان الجنود الأمريكيون يتجولون في بغداد، كان يصرخ بأعلى صوته بالنصر ويطلق التهديدات والوعيد.

والأدهى من ذلك هو أن منطق الهجوم في يوم والتراجع عنه في اليوم الموالي يعكس العصبية الزائدة وغياب الحكمة والحس السليم لدى حكام الجزائر. فالنظام الجزائري، الذي لا يملك أية قدرة على الإيذاء، لم يعد له من أجل ضمان استمراره إلا إطلاق التصريحات الرنانة والتهديدات التي ليس لها أي تأثير. من الواضح أن الجزائر تعاني من إسهال لفظي لا يمكن علاجه، مما يزيد من عزلتها إقليميا ودوليا.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/04/2022 على الساعة 15:00