دلالات زيارة المفوض القوي للاتحاد الأفريقي بانكول أديوي إلى المغرب

ناصر بوريطة وبانكول أديوي

ناصر بوريطة وبانكول أديوي . DR

في 28/11/2021 على الساعة 14:01

قام بانكول أديوي، مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، مؤخرا بزيارة إلى المغرب، وهي الأولى من نوعها لرئيس هذا الجهاز. زيارة مهمة تضع حدا لعداء هذا الجهاز تجاه المغرب، وهو الجهاز الذي كان يديره الجزائريون لقرابة 20 سنة. تحليل.

"تم طي الصفحة"، بهذه العبارة علق مسؤول كبير في الدبلوماسية المغربية على الزيارة المهمة قام بها إلى المغرب بانكول أديوي، مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن خلال الفترة من 15 إلى 20 نونبر. هذا الجهاز، الأقوى من حيث الميزانية المخصصة له في الاتحاد الأفريقي، كان معقل الجزائر منذ إنشاء هذه المنظمة في عام 2002. إذ ترأسها ثلاثة جزائريين، قبل انتخاب النيجيري بانكول أديوي في فبراير 2021، وهو الانتخاب الذي وضع حدا لهذه الهيمنة الجزائرية التي تخدم قط مصالح القارة الأفريقية.

وهكذا، فقد أدار هذا الجهاز على التوالي ثلاث شخصيات جزائرية وهم سعيد جنيت ورمطان لعمامرة واسماعيل شرقي، وتم استغلال مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي لغرض وحيد هو خدمة مصالح وأجندة النظام الجزائري. وأوضح مصدرنا قائلا: "هذه المفوضية كانت سلاح الجزائر لمواجهة مصالح المغرب في إفريقيا".

لذلك شكل هذا الجهاز معقلا للنظام الجزائري، وكان، في نظر المغاربة، بمثابة المركز في الاتحاد الأفريقي الذي تصدر عنه الضربات الخبيثة ضد المملكة. ومن هنا تأتي أهمية انتخاب بانكول أديوي، الذي وضع حدا لما يقرب من 20 عاما من هيمنة الجزائر على أقوى جهاز في الاتحاد الأفريقي.

الإصلاح والحكامة الرشيدة

وأوضح مصدرنا: "يجب تنظيف مفوضية السلم والأمن الملوثة لخدمة إفريقيا والأفارقة، بعيدا عن الحسابات والأجندات التي كانت سائدة خلال فترة إشراف هؤلاء المفوضين الجزائريين الثلاثة على هذا الجهاز". منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي في 2017، لم يستخدم المغرب خطابا مزدوجا. خطابه كان واضحا وهو أن أفريقيا لا يمكنها مواجهة التحديات العديدة بدون إصلاح مجلس السلم والأمن.

أثبتت الحلقة الكارثية للرئاسة الكينية لمجلس السلم والأمن في مارس 2021 ضرورة إجراء هذا الإصلاح. وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الرئاسة الكينية لهذا المجلس، صدر بيان عن الاجتماع الـ984 لمجلس السلم والأمن الذي عقد في 9 مارس. وفي تحد سافر لقواعد وإجراءات ومعايير الاتحاد الأفريقي، لم يضع هذا المجلس جدول الأعمال دون استشارة الدول الأعضاء فحسب، بل أصدرت الرئاسة الكينية من جانب واحد بيانا صحفيا، مما مس بمصداقية هيئة صنع القرار الدائمة الوحيدة في الاتحاد الأفريقي.

كما نتذكر أن مناورات الجزائري الذي كان يدير هذا المجلس أثارت حفيظة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد خلال الدورة الاستثنائية الرابعة عشرة لمؤتمر رؤساء الدول وحكومة الاتحاد الإفريقي حول الأنشطة والجهود الهادفة إلى إسكات البنادق، والذي عقد في 6 دجنبر 2020. لقد ندد موسى فقي محمد علانية بمناورات الجزائري إسماعيل شرقي.

وقال موسى فقي محمد خلال تدخله: "يجب وصع حد لمناورات المفوض شرقي التي تحاول فرض الأمر الواقع علينا. أؤكد دائما على ضرورة ترك الترويكا تقوم بدورها والتوقف عن ابتكار آليات في كل اجتماع".

وأكد لنا ديبلوماسي قائلا: "منذ واقعة كينيا، كان هناك إجماع على أن المجلس لا يعمل" بالشكل الذي يجب أن يعمل به. وأضاف: "حتى بانكول أديوي قدم تعديلا يتعلق بعدم إعداد بيان صحفي في نفس يوم الاجتماع. ويجب إعداد البيان قبل عدة ايام ليتمكن السفراء من مناقشته مع عواصمهم وإجراء تعديلاتهم".

باختصار، ارتفعت العديد من الأصوات الداعية إلى وقف المناورات التي لا تخدم مصالح الاتحاد الأفريقي وإلى عدم توزيع بيان صحفي لاعتماده في نفس يوم الاجتماع.

وأضاف المسؤول في وزارة الشؤون الخارجية قائلا: "لقد حدد المغرب مصدر الخلل بوضوح وقدم مقترحات لإصلاح لمجلس السلم والأمن. يجب أن يكون المجلس مهنيا على مستوى السكرتارية ويتعين أن تخضع إدارته للشفافية ولقواعد واضحة".

مساهمة المغرب في عمل مجلس السلم والأمن

أحد الأدوار الرئيسية لمفوضية الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن هو تدبير الصراعات وحفظ السلم وبناء السلام بعد إنهاء الصراع، فضلاً عن الدبلوماسية الوقائية والحكامة الرشيدة. ولتحقيق هذه الأهداف الرئيسية، يمكن للمغرب أن يساهم بنشاط ويتبادل خبرته في هذا المجال.

وخلال إقامته في المغرب، التقى بانكول أديوي بعبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بإدارة الدفاع الوطني، وكذلك المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال دوكور دارمي بلخير الفاروق.

وعقب الاجتماع بين المفوض الأفريقي والمفتش العام للقوات المسلحة الملكية، صدر بيان صحفي عن القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية أشار إلى أن "المناقشات بين المسؤولين تركزت على مساهمة القوات المسلحة الملكية في مختلف عمليات حفظ السلام في القارة الأفريقية منذ الستينيات تحت رعاية الأمم المتحدة، بما في ذلك الأعمال الإنسانية من إقامة للمستشفيات العسكرية والطبية والجراحية ".

ويمتع المغرب بخبرة طويلة في عمليات حفظ السلام. ففي عام 1960، أي حتى قبل استقلال الجزائر، البلد الذي انتظر حتى عام 2020 لإدخال تعديل في الدستور يسمح لجيشه بالمشاركة في العمليات الإفريقية من هذا القبيل، شارك المغرب في عملية حفظ السلام في الكونغو.

بكل تأكيد أوضح المسؤولون المغاربة لبانكول أديوي أن المملكة هي الدولة الوحيدة في إفريقيا التي شاركت في عمليات حفظ السلام مع أكبر المنظمات في العالم: مع حلف الناتو في كوسوفو ومع الاتحاد الأوروبي في البوسنة ومع الأمم المتحدة في حوالي 14 عملية. بالإضافة إلى ذلك، فالمغرب هو البلد الوحيد الذي شارك في عمليات حفظ السلام في جميع القارات: في هايتي (القارة الأمريكية) وكمبوديا (آسيا) وفي أوروبا وفي العديد من البلدان في أفريقيا. هناك خبرة ميدانية وفي التعاون مع هيئات دولية كبيرة لا يمكن إلا أن مفيدة للاتحاد الأفريقي. وحتى في إدارة فترات ما بعد الصراعات، يتمتع المغرب بتجربة كبيرة كما يتضح من الوجود اليومي لعناصر القوات المسلحة الملكية في جمهورية أفريقيا الوسطى.

كما قام بانكول أديوي بزيارة ميناء طنجة المتوسط. زيارة هذا الميناء لها دلالة لا يمكن أن تخفى على أي مراقب، تتعلق بالتحديات الكبرى التي تواجه القارة. إن إفريقيا ليست برية فحسب، بل هي أيضا بحرية. وعندما يتعلق الأمر بالأمن البحري، فإن القارة تعرف تأخرا كبيرا. بمعنى آخر، يمكن للتجربة المغربية في هذا المجال أن تساهم بشكل فعال في التفكير في الأمن البحري للقارة الأفريقية.

تحرير من طرف محمد شاكر العلوي
في 28/11/2021 على الساعة 14:01