الجزائر تلجأ إلى خدمات البعثيين الموريتانيين لمهاجمة المغرب

محمد يحظيه ولد ابريد الليل، زعيم البعثيين الموريتانيين.

محمد يحظيه ولد ابريد الليل، زعيم البعثيين الموريتانيين. . DR

في 07/10/2020 على الساعة 21:08

بعد الضربة الموجعة التي وجهها له الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير عن الصحراء، قام الثنائي الجزائري-الانفصالي باللجوء إلى خدمات زعيم البعثيين الموريتانيين لمهاجمة المغرب. غير أن وسائل الإعلام الموريتانية سرعان ما ردت عليه وأعادته إلى جادة الصواب.

يوم 4 أكتوبر، أي في اليوم الذي تلا صدور التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول الصحراء، ذهب موقع البوليساريو elportaldiplomatico.com، بشكل عاجل للبحث عن شخصية يشكو لها الخيبات التي تلاقيه. وبالفعل وجد المواساة في رجل عجوز في السياسة الموريتانية يدعى محمد يحظيه ولد ابريد الليل، زعيم الفرع المحلي لحزب البعث العراقي.

وردا على سؤال لهذه الوسيلة الإعلامية حول الوضع الراهن في الصحراء، قال ولد ابريد الليل: "يبقى الوضع قابلا لإشعال حريق مدمر في فترة تعرف المنطقة أسوء حالة سياسية واقتصادية واجتماعية مرت بها. إن التعاون الحقيقي الاقتصادي والاجتماعي والمشاريع المشتركة في المنطقة متعطلة، والمبادلات التجارية والثقافية ضئيلة، وإن وجد منها القليل فهو شكلي ومفتعل وبدون استمرارية".

المسؤولية عن هذه "الصورة القاتمة" تنسب بالتالي إلى المغرب، الذي، بحسب ولد ابريد الليل، "يحاول المغرب منذ سنوات أن يخلق -برعاية فرنسا- تعاونا مع إفريقيا جنوب الصحراء، ولكن محاولة كهذه سقيمةٌ من حيث المبدأ، وفاشلة بالضرورة من الناحية العملية، لأن تعاونا مع إفريقيا لم يبدأ بالجيران المقربين، لهو غير مقنع، ولن تكتب له الاستمرارية مع الزمن". هل هي إشارة إلى الكركرات؟

إن اختيار إجراء مقابلة مع ولد ابريل الليل على وجه الخصوص وفي هذه الظرفين بالذات عندما أصبحت البوليساريو منبوذة من قبل المجتمع الدولي، ليس من قبيل الصدفة. زعيم حزب البعث الموريتاني يشكل ترويكا صدامية (نسبة إلى صدام حسين) مع ممد ولد أحمد وديفالي ولد الشين، وهي الترويكا المعروفة بدعمها لجبهة البوليساريو. بالنسبة لهذه الترويكا، فإن هذا الدعم يندرج في المنظور، الذي تصفه بأنه "استراتيجي"، لكي يتم مستقبلا استيعاب الصحراويين في جنوب المغرب وطوارق شمال مالي من قبل موريتانيا.

والحقيقة أن حزب البعث الموريتاني لديه مشروع آخر، وهو التطهير العرقي، من خلال تطهير موريتانيا من مكونها الإفريقي الزنجي، إن على الأقل إدماجه، من خلال تعريبه طوعا أو قسرا، في الأغلبية الساحقة من العرب والبربر والطوارق.

وعندما سئل عن دور النخب الموريتانية، التي تعتبرها هذه الوسيلة الإعلامية الانفصالية مدافعة عن مغربية الصحراء، لم يتردد ولد ابريد الليل في التضحية في انتقاد هذه النخب ودفاعه عن الأطروحات الانفصالية. وبحسب قوله، فإن "النخب الموريتانية قد عولت كثيرا على إمكانية الحلول الدولية وأعفت نفسها من تحمل الواجب في هذا الأمر" في هذا الملف الإقليمي.

لا بد من القول إن ولد ابريد الليل، وهو صحافي سابق تكون في تونس في أوائل الستينيات وسياسي اعتاد على التنبؤ بخطر وشيك ستواجهه موريتانيا... إذا لم يتم التماس نصائحه. لقد نجح هذا المتخصص في النبوءات السياسية السيئة، والذي يشكو من عقده تشوه بصري فطري يخفيه وراء نظارته المظلمة الأبدية، في جعل نفسه شخصية مهمة بشكل متقطع في الأنظمة العسكرية المتعاقبة في موريتانيا. علاوة على ذلك، كانت هناك مزحة شعبية مشهورة في موريتانيا تصف الحكومة التي شارك فيها ولد ابريد الليل لفترة وجيزة، بـ"الحكومة العوراء"، في إشارة إلى قصر النظر السياسي للزعيم البعثي الذي ينضاف إلى ضعف البصر الطبيعي لديه.

وقد وضع ولد ابريد الليل بالفعل واحدة من نبوءاته القاتمة موضع التنفيذ. في أواخر سبعينيات القرن الماضي، روج لفكرة خاطئة مفادها أن الملك الحسن الثاني والرئيس السينغالي ليوبولد سيدار سنغور اتفقا سرا على تقسيم موريتانيا في ما بينهما. بعد أقل من عقد من الزمان، كانت هذه الدعاية للحزب البعثي سبب الأزمة السينغالية الموريتانية الدامية، والتي خلفت عدة مئات من القتلى من الجانبين، ناهيك عن الترحيل القسري لعشرات الآلاف من الموريتانيين إلى السينغال ومالي المجاورتين.

لكن خدع ولد ابريد الليل أدت إلى أن ينتهي به الأمر إلى إبعاده بشكل دائم عن الحقل السياسي الموريتاني، وبالرغم من أنه لا يزال يتحرك فيه ولكن مثل الحرباء. والدليل على ذلك أنه عارض كل الأنظمة التي عرفتها البلاد منذ استقلالها قبل أن يتراجع ويدعمها. وهكذا فإنه قد قاد حملة ضد انتخاب ولد الغزواني، بل إنه دعم اثنين من المرشحين ضده، ولكن انتهى به المطاف بطلب لقاء مع الرئيس الموريتاني الجديد.

غير أن الخرجة الأخيرة لهذه الشخصية "الحرباء" في أعمدة إعلام البوليساريو ستكون بدون شك قاتلة وستزيد في عزله في المشهد السياسي الموريتاني. على أي حال، فإن صحافيا موريتانيا قام بانتقاده وإعادة هذا البعثي إلى جادة الصواب في مقال يدافع فيه عن مغربية الصحراء والتعاون المغربي الموريتاني الإفريقي. وهذا الأمر سيجعل البوليساريو تندم على مقابلة رجل يكرهه الرأي العام ووسائل الإعلام الموريتانية على حد سواء.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 07/10/2020 على الساعة 21:08