في محاولة لفهم هذا التوجه، طرحنا عددا من الأسئلة على الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم، الذي قال في تصريح لـLe360: " اعتبر أن هذه الهيمنة ليست وليدة ذوق جماهيري حر بقدر ما هي نتاج خيارات السوق التي يفرضها الموزعون وأصحاب القاعات« .
وأضاف: « السبب الرئيسي في هيمنة هذه النوعية من « الأفلام الكوميدية » هو إصرار الموزعين وأصحاب القاعات على أنها الأفلام والوحيدة التي يمكن أن يقبل عليها الجمهور المغربي في حين يتعاملون مع الفيلم الأجنبي بمنطق آخر مختلف تماما، متجاهلين أن كل نوعيات الجمهور موجودة «.
واعتبر واكريم أن هذا المنطق التجاري يقصي أعمالا سينمائية جادة تحترم ذكاء المتفرج، ويساهم في تدني الذوق العام، حيث أشار إلى أن الكثير من الأفلام المصنفة كوميدية لا تتوفر على مقومات الكوميديا الحقيقية، من حيث الكتابة أو الأداء أو الإخراج، وأنها لا تتعدى التهريج الاستهلاكي الذي يفتقر لأي بعد فني أو نقدي.
وأضاف قائلا: « هذه الهيمنة المفروضة قسرا على الجمهور تؤثر سلبا على تنوع الإنتاج والتوزيع السينمائي في المغرب، وتجعل أفلاما جيدة خارج اختيارات الموزعين وأصحاب القاعات، فقط لكونها تحترم ذكاء المتفرج ولا ينتهج أصحابها أسلوب الاستسهال والرداءة. وأنا متيقن لو كان هناك نوع من العدالة في التوزيع لمثل هذه الأفلام وتم اعطاءها الفرصة الكافية ليشاهدها الجمهور لكانت النتيجة مربحة في شباك التذاكر، خصوصا أن هناك أفلاما محترمة يضع صناعها الجمهور في حسبانهم ولا يتعالون عليه، لأن الجودة الفنية ليست دائما نخبوية ومتعالية على الجمهور ».
من جهة أخرى، لاحظ متتبعو الشأن السينمائي أن أعمالا درامية مثل « الممثلة »، « الوترة » و « أتومان » لم تستطع الصمود في القاعات رغم بعض الزخم الإعلامي، مما يطرح علامات استفهام حول معايير التوزيع والبرمجة، ومدى وجود نية حقيقية لإعطاء هذه الأعمال فرصا متكافئة للقاء الجمهور.
ويرى واكريم أن هذا الإقصاء الممنهج للأفلام الجادة لا يعكس فقط غياب التنوع في العرض السينمائي، بل يعكس أيضا فقرا في الثقافة السينمائية لدى بعض المنتجين والموزعين، مما ينتج مشهدا سينمائيا أحادي اللون، قائما على تكرار نفس الصيغ الكوميدية التي تفتقر إلى الجودة.
واختتم المتحدث نفسه تصريحه بالتأكيد على أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في آليات الدعم والتوزيع السينمائي بالمغرب، معتبرا أن القانون الحالي لا يخدم التنوع ولا يدعم التوازن بين الأنواع الفنية.