في هذا العمل المونودرامي الذي تُشرف على إدارته الفنية الفنانة نادية صابر، يعمل الإدريسي على نسج علاقة خاصّة مع الفضاء المسرحي بطريقة تجعله يستحضر مختلف مرجعياته الثقافية من أجل بناء نص مسرحي ينضح بالتجديد ويمتلك من الخصائص الفنية والرؤى الجمالية، ما يجعله متجذّراً في الواقع. ويعتبر الإدريسي واحداً من المسرحيين المغاربة الذين قدّموا العديد من الأعمال المسرحية المميزة القادرة بمونودراميتها أنْ تُخرج النصّ المسرحي من واقعيته الفجّة، صوب فضاءات مغايرة يبحث من خلالها النص عن جماليات جديدة تؤسس لمسرحي جديد أكثر وعياً بتحولات الذات أمام واقعها.
يأتي هذا العمل الفني الجديد «ليأخذ الجمهور في رحلة فلسفية وشاعرية تتناول مفاهيم الانتظار والقدر والفقدان بأسلوب يمزج بين الأداء المسرحي العميق والتجسيد البصري المؤثر».

تحكي المسرحية قصة «شاعر متجول يلقي قصائده في إحدى الحدائق، حيث يلتقي بامرأة غامضة ترتدي وشاحًا حريريًا أحمر. تزوره باستمرار، تستمع إلى كلماته بصمت، حتى يقع في حبها دون أن يعرف عنها شيئًا. تمنحه موعدًا في محطة القطار بعد شهر، ليبدأ هوس الانتظار، متنقلًا بين المحطات، مترقبًا لحظة اللقاء. لكن حين يحين الموعد، تتحول اللحظة إلى مأساة، إذ تموت المرأة أمام عينيه قبل أن يتحقق الوعد».
«بعد شهر» ليس مجرد عرض مسرحي «بل تجربة إنسانية عميقة تطرح تساؤلات حول الانتظار كجزء من التجربة الوجودية، وكيف يتحول الترقب إلى حالة تتأرجح بين الأمل والخيبة، بين الحلم والواقع».
جدير بالذكر أن مونودراما «بعد شهر» عرفت مشاركات عديدة في مهرجانات داخل وخارج الوطن، حيث تمكنت من حصد عدة جوائز أولى، مما يعكس قيمتها الفنية والإبداعية العالية.