بعد جريمة بن حمد.. ملف المرضى النفسيين يشعل الجدل بالمغرب

وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي

في 30/04/2025 على الساعة 11:19

فيديوأعادت جريمة بن حمد، التي هزّت الرأي العام المغربي مؤخرا، النقاش حول واقع الصحة النفسية بالمغرب إلى الواجهة، بعدما تبين أن الجاني يعاني من اضطرابات نفسية وكان قد خضع للعلاج مرارا في مستشفى للأمراض العقلية، دون أن يُحاط بالعناية أو المراقبة اللازمة بعد مغادرته. هذه الحادثة المؤلمة، وإن وقعت في مدينة بعينها، إلا أنها تعكس وضعا عاما يُثير القلق ويطرح تساؤلات جدية بشأن مصير المرضى النفسيين في مختلف أرجاء المملكة.

ففي غياب تنسيق فعّال بين المؤسسات الصحية والسلطات المحلية والأمنية، يجد عدد من المرضى العقليين أنفسهم في الشارع، من دون أي مواكبة أو تأطير، مما يحوّلهم في أحيان كثيرة إلى « قنابل موقوتة » تهدد السلامة العامة، سواء بسبب سلوكهم العنيف أو نتيجة تعرضهم هم أنفسهم للاستغلال أو الإهمال.

وقد انتقل الجدل من الشارع ومنصات التواصل الاجتماعي إلى قبة البرلمان، حيث نبه مستشارون إلى هشاشة المنظومة الصحية في هذا المجال، واستذكروا حادثة بن حمد كدليل على فشل السياسات العمومية في تدبير ملف الصحة النفسية، متأسفين على غياب بدائل حقيقية بعد إغلاق فضاء « بويا عمر » الذي كان رغم تجاوزاته ملجأً لفئات كبيرة من المرضى عقليا.

جهود محدودة أمام تحديات جسيمة

في خضم هذا الجدل، أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، عن انطلاق إعداد استراتيجية وطنية جديدة للصحة النفسية والعقلية، ترتكز على بلورة برنامج شامل يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والمؤسساتية المحيطة بالملف.

وأكد التهراوي أن الصحة النفسية أضحت اليوم أولوية في المنظومة الصحية، رغم ما تواجهه من خصاص حاد على مستوى الموارد البشرية والبنيات التحتية.

الوزير كشف عن أرقام تعكس الواقع الصعب، إذ لا يتجاوز عدد الأسرة المخصصة للطب النفسي 2260 سريرا على المستوى الوطني، أي بمعدل لا يتعدى 6.64 سرير لكل 100 ألف نسمة.

كما لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين 655، بينهم فقط 37 يشتغلون في القطاع العام. وهو رقم غير كاف إطلاقا لتلبية حاجيات السكان، خاصة مع ارتفاع نسبة الاضطرابات النفسية في السنوات الأخيرة.

ولتدارك هذا الخصاص، أوضح التهراوي أن الوزارة خصصت 123 منصبا ماليا إضافيا لفائدة القطاع، تشمل 34 طبيبا نفسيا و89 ممرضا متخصصا في الصحة العقلية.

كما تعمل الوزارة على رفع عدد المقاعد التكوينية في معاهد التمريض، والتنسيق مع قطاع التعليم العالي لتطوير برامج التكوين في المجال، في أفق تعزيز العرض الصحي بحلول سنة 2030.

رابطة حقوقية تدق ناقوس الخطر

من جهتها، نبهت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى ما وصفته بـ« الانتهاكات الصارخة » التي يتعرض لها المرضى العقليون والمدمنون في المغرب، معتبرة أن غياب رؤية صحية وحقوقية متكاملة عمّق من معاناتهم.

وأشارت الرابطة إلى ضعف الميزانية المخصصة للصحة النفسية، والتي لا تتجاوز 6% من ميزانية قطاع الصحة، فضلاً عن غياب مراكز إيواء في عدد من المدن، مما يدفع العديد من المرضى إلى التشرد والعيش في أوضاع غير إنسانية. كما أوردت مثالا صارخا على هذا التدهور، من خلال تأخر افتتاح مستشفى الأمراض العقلية بمدينة القنيطرة، رغم انتهاء الأشغال به منذ مدة، وهو ما زاد من معاناة الأسر في البحث عن علاج لأقاربها.

"الانتهاكات الحقوقية للمرضى العقليين والمدمنين بالمغرب معاناة في ظل غياب السياسات الصحية الشاملة.. مطالب الرابطة...

Publiée par ‎الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان‎ sur Samedi 19 avril 2025

واستنكرت الهيئة الحقوقية كذلك واقعة رفض استقبال مريض في حالة حرجة بمستشفى إنزكان، معتبرة أن هذا الحادث يجسد هشاشة النظام الصحي في الاستجابة للحالات العاجلة، ويفضح التفاوتات المجالية في الولوج إلى خدمات الصحة النفسية.

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 30/04/2025 على الساعة 11:19