للكشف عن هذا العالم اقتحمت الجريدة بيت أحد المشعوذين في منطقة هامشية بمدينة الدار البيضاء، وكشفت النقاب عن الدجل الذي يمارسه، حيث أوهمته الصحافية بأنها تحتاج مساعدته من أجل جلب "الحبيب" الذي انقطعت أخباره، فكان رد "الفقيه" بأنه بحاجة إلى معرفة اسم والدته وسأل عن "الشرويطة"، لكن عدم توفرها على تلك الطلبات وإصرارها على جلبه بأي طريقة كانت، جعلت المشعوذ يخبرها عن إمكانية جديدة وفعالة لكنها مرتفعة الثمن وهي السحر الافريقي الذي يجذب أي شخص كيفما كان ومهما بعدت المسافة، والنتيجة مضمونة لا محالة، لكن في المقابل عليها دفع مبلغ 4000 درهم حتى يتمكن من جلب المواد من جنوب افريقيا، وشراء كل ما يحتاجه للقيام بمهمته في مكان منعزل ومهجور.
وفي سعيها لتسليط الضوء أكثر على الموضوع، استطاعت اليومية الوصول إلى إحدى المشعوذات الأفارقة التي تصنع السحر الأسود، وهي امرأة سوداء بدينة تضع ماكياجا صارخا وترتدي ملابس تظهر أكثر مما تخفي بالقرب من باب مراكش بالبيضاء، وعند معرفتها بالطلب وهو تفريق امرأة ورجل من أجل الانتقام، أعلنت عن قدرتها على تحقيق الأمر وأن جل ما تحتاجه هو أثر من الضحية مثل صورة أو ثوب، وأنها تحتاج بعض الأشياء من بلدها الأم والأهم من ذلك أن هذا السحر يعمل في مناطق خضراء وأنها ستحتاج للتنقل لإحدى الغابات للقيام بالسحر، وطلبت مبلغ 5000 درهم، لأن المواد المستعملة باهظة الثمن وستجلبها من دول جنوب الصحراء، لتصل في الأخير إلى 4000 درهم تأخذ منها 2000 درهم كدفعة أولى مؤكدة أن النتيجة ستظهر بعد مدة لا تستطيع هي التنبأ بها، لكنها أكدت أن النتائج ستكون جد فعالة.
من بين القصص التي استقتها اليومية، قصة فدوى المدمنة على زيارة "الفقهاء" أينما كانوا لأنها تؤمن بأن السحر يستطيع حل جميع المشاكل وأنه هو الحل الأنسب للوصول إلى مبتغاها، وهذا ما دفعها إلى الارتماء في براثن دجال أوهمها بأنه له القدرة على استعادة "حبيبها" لكن عن طريق السحر الأسود بعد فشل جميع المحاولات الأولى بالسحر المحلي مقابل 4000 درهم، لكن مرور الوقت وعدم تحقيق أي وعد من وعود "الفقيه" جعلها تتجه إليه لاسترجاع أموالها بعد أن هددته بالشرطة ليستسلم ويمنحها 3000 درهم، لكنها لم تستسلم وتوجهت هذه المرة إلى ساحرة ودخلت دوامة السحر الأسود مرة أخرى.
وعن السحر الأسود وكيفية تأثيره على البشر استقت اليومية رأي بوشعيب الشوفاني، رئيس المرصد الوطني للأبحاث والدراسات والباراسيوكولوجية والتصوف وعلوم الطاقة البشرية، والذي أكد أنه هناك الكثير من الأدلة العلمية التي تثبت وجود السحر بغض النظر عن طبيعته، ويعرف السحر الأسود على أنه استخدام القوى الغامضة في الانسان بالاعتماد على نوايا شريرة يمكن ممارستها وأدوات يتم توظيفها، كما أنه ملتصق بقوى الشر والأذى ولا يرتبط ببلد معين.
نفوس شريرة
اللجوء إلى السحر والشعوذة ليس حكرا على فئة اجتماعية أو عمرية معينة، فالعديد من الأشخاص وفي مراكز مهمة وذوي شهادات عالية يلجؤون إلى المشعوذين حين يجدون أنفسهم في موقف لا يجدون حلا له، كما أن تجرد البعض من إنسانيته وتمكن الشر من الاستيطان داخله ورغبته في إيداء بعض الأشخاص، تجعله يلجأ إلى السحر دون أن يفكر في الأذى الذي سيتسبب به، لأن جل ما يهمه هو الوصول إلى أهدافه ولو على حساب حياة الآخرين وصحتهم.