بالفيديو. "اللشمانيا".. وباء يلتهم أجساد الصغار والكبار بزاكورة

Le360

في 20/01/2018 على الساعة 10:45

حركة غير عادية في جماعة تونزولين التي تبعد عن مدينة زاكورة بحوالي 45 كيلومتر، اصطف التلاميذ أمام المدرسة الابتدائية «وحدة الحدان »، فاليوم (الجمعة 18 يناير) يصادف نهاية الأسدس الأول. الكل هنا يجري فرحا ومنتشيا بالنتائج المدرسية وحدها ندوب « اللشمانيا » على وجوه الأطفال تعكر صفو الأجواء.

أطفال تحت رحمة داء «اللشمانيا »

الساعة تشير إلى العاشرة صباحا، أرسلت شمس يناير الدافئة خيوطها في السماء، لتخفف شيء من برودة الطقس في وادي درعة التي تنزل فيه درجات الحرارة خلال هذه الفترة من السنة إلى أقل من 4 درجات مئوية. في «فيلاج تونزولين » على ناصية الشارع الرئيسي بجماعة تونزولين، ترجل أطفال المدرسة الإبتدائية من أقسامهم بعد تسلمهم لنتائج الأسدس الأول للسنة الدراسية الحالية. المشهد عادي لحدود الساعة لكن ما إن تلمح عيناك هؤلاء الأطفال حتى تلاحظ أنهم يختلفون عن أطفال المدارس الذين نشاهدهم في أي قرية، أطفال دوار «الحدان» أصابتهم لعنة مرض جلدي اسمه «اللشمانيا »، الكل صار ينطق هذه الكلمة في الدواوير المتاخمة لجماعة تونزولين ومدينة زاكورة. ورغم أن المرض لم ينل من ابتسامة هؤلاء الأطفال، إلا أن نظراتهم حبلى بالاستغراب من مرض غير وجوههم وأطراف جسمهم الذي أصبح يكسوه ثقوب بعضها أسود والأخرى تغير لونها بسبب محلول «البيطاطين ».

الأطفال الذين قابلناهم تملأ أفواهمم كلمات متشابهة، «هاد لحبوب كياكلني بالليل وكيدير لي الحكة » و «كاع صحابي فالقسم فيهم هاد لحبوب ». أما الأمهات فيؤكدن أن أطفالهن أصيبوا بالمرض قبل شهرين تقريبا وأن العلاجات التي يحصلون عليها بالمركز الصحي للجماعة المذكورة لم تعطي أكلها مما جعل بعض الأسر تلجأ إلى التداوي بـ «دواء لعرب » أو أعشاب طبية كـ «الشبا والحرمل والشيح، الحناء.. » ومواد أخرى «القطران، السليسيون، ماء جافيل ».

مركز صحي بإمكانيات منعدمة

على بعد أمتار من المدرسة الابتدائية «وحدة الحدان»، وجدنا المركز الصحي لتونزولين. ما أطلق عليها قاعة الانتظار بالمركز لا يمكنها أن تتسع لعشرين شخصا. خلال تواجدنا لم نلمح طبيبا للأمراض الجلدية بالمركز الصحي المذكور رغم كثرة المصابين بهذا المرض الجلدي. الحصول على استشارة من طبي الأمراض الجلدية يتطلب التوجه إلى المركز الاستشفائي الإقليمي بزاكورة، الذي يبعد عن جماعة تنزولين بقرابة أربعين كيلومترا، مما يزيد معاناة المرضى ويثقل كاهلهم بمصاريف التنقل للعلاج.

في غرفة صغيرة للمعاينة وجدنا ممرضتين يقدمن العلاجات الأولية لطالبي العلاج من أطفال والنساء والرجال، الذين تكدست بهم القاعة بعد أن حجوا إلى المركز للحصول على علاج «اللشمانيا »، الذي التهم أطراف جسدهم.

لا تخطئ العين مرض «اللشمانيا »، الذي يخلف ثقبا غائرا متقيحا في جسم المفتوك به يتسع الثقب ويكبر ويصبح بشعا كلما تأخر المريض في اخضاعه للمعاينة والمعالجة الطبية.

تجد الممرضات صعوبة في تقديم العلاجات للأطفال الصغار، الذين يبدون مقاومة ما إن تلمح أعينهم «إبرة » الممرضة والتي تحتوي على دواء «غلي كونتين »، الذي توصي به منظمة الصحة العالمية لعلاج داء «اللشمانيا ».

تتكدس النسوة والأطفال فوق بعضهم في المركز الصحي، الذي يستقبل سكان أزيد من 15 دوار متواجدا بتراب جماعة تونزولين، التي يزيد عدد سكانها عن 15 ألف و50 نسمة بحسب (إحصاء سنة 2014). في غرفة انتظار المركز الصحي، الذي يحتضن غرفتين لتقديم العلاجات بممرضتين في الغرفة الواحدة، يعد الأطفال والنسوة الدقائق للقاء الممرضات المعالجات، بعد أن التهمت «اللشمانيا » وجههن الذي خفينه بغطاء الرأس، فالداء يخلف ندبة ظاهرة وبادية يتغير شكلها وحجمها تبعا للمدة التي بدأ فيها المصاب العلاج وكذا الأدوية المستعملة.

أصل الداء

إقليم زاكورة يحتضن ما يطلق عليه سكان المنطقة «الجنانات » وكذا «النوالات »، والتي تأوي القوارض والحشرات الطائرة والتي تتسبب في نقل العدوى بسبب قربها من منازل السكنية، كما تسبب الأزبال المنتشرة والمياه الصرف الصحي وروث البهائم في تزايد نوع من الفئران «RONGEUR » وكذا «الذبابة الرملية » والتي تسبب بشكل مباشر في نقل العدوى من «فار النوالات » إلى الإنسان.

مندوب وزارة الصحة بإقليم زاكورة، محمد الغفيري أكد غير ما مرة أن الكلاب الضالة والقوارض والذبابة الرملية تسببت في نقل العدوى إلى المواطنين بالمنطقة، مؤكدا في تصريح لـLe360، أن عدد الحالات بالإقليم لا يتعدى 1750 شخصا إلى حدود دجنبر الماضي، لافتا إلى أن داء «الليشمانيا » ليس مرضا معديا ولا يصاب به صاحبه عن طريق العدوى، وإنما بالتعرض لعضات الناموس والذبابة الرملية وملامسة الكلاب الضالة.

العلاج المقدم

يشرف المركز الصحي بتنزولين على تقديم علاج خاص بداء «اللشمانيا » يتضمن حقن «غلي كونتين » تعطى للمريض مرتين أسبوعين إلى ثلاثة حسب خطورة الحالة، إلى جانب مرهم جلدي المعروف عن المغاربة بـ«البومادا الصفراء »، بالإضافة إلى عملية التنظيف بمادة بـ «البيطادين ».

مجهودات السلطات الترابية

أكد عبد الرزاق أخدام، رئيس جماعة تنزولين في تصريح في تصريح لـLe360 أن الإجراءات المتخدة من أجل الحد من داء « الليشمانيا »، تتمثل في تعزيز نظافة البيئة ومحاربة الأزبال المنتشرة، بما فيها المياه العادمة و مخلفات البهائم و غيرها من مسببات مباشرة في تفشي هذا المرض الجلدي.

وأضاف المتحدث أن الجماعة بتعاون مع مندوبية وزارة الفلاحة، قامت بحملات لمحاربة «فئران النوالات » وذبابة الرملية التي تنقل العدوى، بالإضافة إلى تعزيز عمليات التدخل لمحاربة الأزبال بالنقط السوداء.

(تصوير ومونتاج يوسف الحراق)

تحرير من طرف فاطمة الكرزابي
في 20/01/2018 على الساعة 10:45