الجزائر: بعدما هاجمه الحراك الشعبي.. جيش الجنرالات يحاول صرف الأنظار عبر اتهام المغرب بتهريب المخدرات

DR

في 02/03/2021 على الساعة 21:22

بعدما هاجمهم الحراك الشعبي علنا واتهمهم بأنهم وراء خراب البلاد، حاول الجنرالات الجزائريون صرف أنظار الرأي العام من خلال الهجوم على المغرب. يدعي الجيش الوطني الجزائري بأن المغرب يحاول زعزعة استقرار الجزائر من خلال إغراقها بالمخدرات.

في بيان صادر عن الجيش الجزائري يستعرض فيه "الحصيلة العملياتية للجيش الوطني الشعبي في مجال مكافحة الجريمة"، والذي عملت على نشره وكالة الأنباء الجزائرية في قصاصة صادرة يوم الاثنين فاتح مارس 2021، كتب ما يلي: "النظام المغربي يستخدم كل الوسائل لتدفق المخدرات وبيعها خارج حدوده، بينما يتجاهل أمن واستقرار دول الجوار". وبعبارة أخرى، يوضح الجيش الجزائري أن "المغرب يسهل نقل أطنان من المخدرات إلى الجزائر".

لكن عند تفحص أرقام هذا التقرير الذي أعده الجيش الجزائري، والذي يغطي الفترة ما بين فاتح يناير 2017 إلى 24 فبراير 2021، لم ترد الإشارة إلى أكبر فضيحة مخدرات في الجزائر. وهي الفضيحة التي هزت أركان القيادة العسكرية الجزائرية في ماي 2018، إذ أن ما لا يقل عن تسعة جنرالات، بمن فيهم قائد سابق لقوات الدرك (مناد نوبة) والمدير العام السابق للأمن الوطني (عبد الغني الهامل)، تورطوا في هذه الفضيحة ويوجدون حاليا خلف القضبان بعد الحكم عليهم بأحكام قاسية.

وللتذكير فقط، فقد ضبطت الجمارك الجزائرية، العاملة في ميناء وهران، 701 كيلوغرام من الكوكايين مخبأة في شحنة لحوم مجمدة يستوردها عادة رجل أعمال جزائري من البرازيل، كمال شيخي، المعروف باسم البوشي، الذي تم القبض عليه مع بعض شركائه.

في هذه القضية، خالد تبون، ابن الرئيس الجزائري الحالي، لم يخرج سالما منها إلا بفضل انتخابه والده رئيسا للدولة. لم يتم الحكم ببراءته في فبراير 2020، تاركا سجن الحراش كبطل، لكن خالد تبون توسط لوالده حتى تكون العدالة أكثر رأفة مع البوشي، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات فقط، بدلا من السجن المؤبد، وهي العقوبة المقررة لمثل هذا النوع من الجرائم.

يجب القول إنه في هذه القضية، توصل محامو الدفاع إلى الحل. فقد أكدوا بأن "حصر التحقيق في الإخوة شيخي هو حماية للبارونات الحقيقيين". هذه الجملة الوحيدة أرعبت القضاة، الذين فهموا أنه وراء كل مهرب مخدرات في الجزائر، هناك دائما ضابط سام في الجيش. في نهاية المطاف، كان اللواء عبد الغني الهامل، المدير العام السابق للشرطة الجزائرية، وجميع أفراد أسرته وسائقه هم من "تمت التضحية بهم" في قضية تهريب المخدرات.

لكن هذه الفضيحة المتعلقة بتهريب الكوكايين التي تورط فيها جنرالات جزائريين ليست سوى غيض من فيض. لقد تم الكشف عنها من قبل السلطات الجزائرية فقط لأن البحرية الإسبانية اكتشفت كل شيء وأبلغت السلطات الجزائرية بالكوكايين الذي كان مخبأ في تلك الحاويات والتي كانت متوجهة إلى وهران.

ونظرا لأن الجزائر هو بلد يستورد تقريبا جميع احتياجاته من الخارج، فمن المعروف أن موانئها هي مراكز لتهريب المخدرات، ومعظمها تكون تحت حماية جهات عليا. هذا الواقع لا يخفى على الحراكيين الذين يرفعون شعارا يؤكدون فيه أن الجنرالات متورطون في تهريب المخدرات. ويصرخ المتظاهرون بانتظام: "لا غبار على الحراك، لكن هناك مسحوق أبيض على الجنرالات".

وهذا يعني أن الحصيلة التي نشرها الجيش الجزائري ليست فقط جزئية، لأنها لا تخبرنا بكل شيء، ولكنها أيضا متحيزة لأن هدفها الوحيد هو استهداف المغرب.

هي حصيلة جزئية، لأنه على سبيل المثال الحدود البرية التونسية الجزائرية تشهد دائما عمليات حجز المخدرات (الحشيش والكوكايين والحبوب المهلوسة). لكن حصيلة الجيش الوطني الشعبي لا يذكر كلمة واحدة حول هذا الموضوع. ومع ذلك، يكفي فقط الاطلاع على المقالات المنشورة في أي وسيلة إعلامية جزائرية حول المخدرات لكي يرى حجم تهريب المخدرات على تلك الحدود.

هي أيضا حصيلة متحيزة، لأنه من المدهش أن الحدود الجزائرية المغربية، التي يعود إغلاقها إلى "العشرية السوداء"، والتي من المفترض أن يراقبها الجيش الجزائري جيدا، تعتبر سهلة الاختراق بالنسبة للمخدرات الأتية من المغرب.

من المؤكد، على أي حال، أن الجزائر تغرق المغرب بأطنان من الحبوب المهلوسة (القرقوبي). مع العلم أن الجزائريين لديهم هوس باتهام الآخر بما يفعلونه هم أنفسهم، وهذا ما يتبين من البيان الصحفي للجيش الجزائري الذي ورد فيه: "إن النظام المغربي يغض الطرف عن تهريب المخدرات. بالإضافة إلى أنه يشجع وتحفز عناصره المتواجدة على حدوده لتسهيل نقل أطنان المخدرات إلى الجزائر".

إن المؤسسة العسكرية الجزائرية، التي توصف بأنها "الصامت الأكبر"، تفقد أعصابها. فالجيش الوطني الشعبي لم يصبح فقط كثير الثرثرة، بل أصبح تبدو عليه أعراض الهستيريا وفقدان السيطرة التي لا تبشر بالخير على صحته. بما أن متوسط أعمار العديد من الجنرالات الجزائريين يتجاوز 75 عاما، فمن غير المفاجئ أن الجيش الذي يقودونه أصبح يهذي. حتى أن هناك علامات على الخرف لدى عنصرين الأعلى رتبة في هذا الجيش: رئيس الأركان سعيد شنقريحة، 76 عاما، واللواء بن علي بن علي، رئيس الحرس الجمهوري، الذي يبلغ من العمر 88 عاما.

من غير المحتمل أن تؤدي مناورات النظام العسكري الذي يحكم البلاد إلى صرف انتباه الناس عن مطلبهم الرئيسي: "دولة مدنية ماشي عسكرية". يوم الجمعة المقبل سيخرج الشباب الجزائري ليصرخوا بأعلى صوتهم في المدن الرئيسية بالجزائر "سئمنا من الجنرالات" أو "الجنرالات إلى المزبلة وستحصل الجزائر على استقلالها!"

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 02/03/2021 على الساعة 21:22