عندما تحول كريستوفر روس المبعوث الأممي المنحاز السابق إلى الصحراء إلى محام يدافع عن الجزائر

كريستوفر روس رفقة رمطان العمامرة، وزير الخارجية الجزائري السابق

كريستوفر روس رفقة رمطان العمامرة، وزير الخارجية الجزائري السابق . DR

في 14/12/2020 على الساعة 20:07

لقد أعاد النظام الجزائري كريستوفر روس، المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، إلى الواجهة من أجل التنديد بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء. وبالتالي كشف عن قناعه وانحيازه ومعاداته للمغرب.

بعد الصدمة التي تلقتها على إثر تبني الإدارة الأمريكية للقرار التاريخي، من خلال التوقيع، الخميس الماضي، على مرسوم رئاسي يعترف بالسيادة الكاملة للمغرب على كل صحرائه، عادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، منذ الأحد 13 دجنبر، إلى ترديد أسطواناتها المعادية للمغرب.

فقد استطاعت السلطات الجزائري من إخراج كريستوفر روس، المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، من النسيان. ين الأحد والاثنين، نشر السفير الأمريكي الأسبق لدى الجزائر تدوينة على صفحته على فيسبوك يوم الأحد، ثم أعقبها بتصريح في الإذاعة الجزائرية يومه الإثنين.

وهكذا، فإن قرار دونالد ترامب القاضي بالاعتراف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة المغربية على صحرائها، وصفه روس بأنه قرار "أحمق" و"غير مدروس".

الأمر الأكثر إثارة للدهشة في مثل هذا الموقف هو أن وسيطا سابقا للأمم المتحدة، تولى منصب مبعوث أممي لما يقرب من عقد في الصحراء (2009-2017)، سمح لنفسه بوصف قرار الرئيس ترامب بأنه "يتعارض مع التزام الولايات المتحدة بمبادئ ضم الأراضي بالقوة وحق الشعوب في تقرير المصير"، موضحا بأن قرار ترامب يضر "بعلاقاتنا مع الجزائر". وهو اعتراف لا يؤكد بكل جلاء أن نزاع الصحراء هو نزاع المغرب والجزائر قبل كل شيء فحسب، بل إنه اعتراف يؤكد بأنه عندما كان مبعوثا شخصيا لبان كي مون إلى الصحراء، لم يكن قط محايدا في هذا الملف.

اعتراف آخر غير مباشر لكريستوفر روس، والذي يعطي في الواقع الحق لترامب الحق، وهو أنه يعترف بأنه في الدوائر السياسية في واشنطن كان دائما هناك رفض ثابت وقاطع لإنشاء دولة صحراوية، لأن "وجود دولة مستقلة في الصحراء الغربية ستكون دولة مصغرة أخرى فاشلة". إنه هو الوحيد في الولايات المتحدة الذي يؤكد العكس لإرضاء الجزائر.

وقد نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، التي لا تخفي أنها هي التي "طلبت رأيه بخصوص قرار ترامب"، تصريح روس على أمواج الإذاعة الجزائرية. وفي هذا التصريح ادعى روس بأن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء "لم يغير نهج المجتمع الدولي بشأن هذا الصراع، مذكرا بموقف الجزائر "الواضح" من حق الشعوب في تقرير المصير"، بحسب ما كتبته وكالة الأنباء الجزائرية.

والتأكيد على أن "إعلان اعتراف الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بسيادة على شيء لا يمتلكه لا هو ولا المغرب هو إعلان أحمق وغير مدروس وخطير". بل ذهب إلى حد القول بإن الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، يمكن أن يلغي قرار ترامب بمجرد توليه منصب الرئاسة في 20 يناير المقبل.

وأضاف روس الذي تحول إلى محام يدافع عن الجزائر بأن قرار الرئاسة الأمريكية "يهدد تطوير العلاقات القائمة بين الجزائر والولايات المتحدة في مجالات الطاقة والتجارة والتعاون الأمني والعسكري". إن أقل ما يمكن أن يقال هو أن ممتنون جدا لكريستوفر روس، الذي يعرف جيدا خبايا قضية الصحراء، لأنه كشف في رد فعله، الذي يعبر عن خيبة أمله، الطرف الحقيقي في نزاع الصحراء: الجزائر.

لا غرابة في كلام كريستوفر روس المعروف بانحيازه الصارخ ومناوراته الاستفزازية تجاه المغرب خلال الفترة التي كان فيها مبعوثا أمميا خاصا بالصحراء.

وللتذكير فقط، كان كريستوفر روس هو الذي تلاعب بوزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، من أجل إقناعه بضرورة توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية. ففي 22 أبريل 2013، تمت مناقشة مشروع قرار بهذا الشأن في مجلس الأمن، قبل أن ينجح المغرب في إسقاطه وإفشاله.

قبل ذلك بعام، قام المغرب بسحب ثقته من كريستوفر روس في عام 2012 بسبب تحيزه الصريح والمتكرر للأطروحات الانفصالية، مثل الاستفزاز الذي قام به خلال جولة في المنطقة، عندما حاول النزول مباشرة في العيون، دون المرور عبر الرباط. وسيصل التصادم بين الطرفين إلى حد طرد المغرب لبعض مراقبي بعثة المينورسو، الذين طلب منهم مغادرة التراب الوطني لانحرافهم عن المهام الموكولة إليهم.

كان انحيازه في نهاية المطاف في قضية كان من المفترض، بالنظر إلى وزن بلاده، أن يدبرها مع الحفاظ على مسافة متساوية بين الأطراف المتنازعة، وهو الانحياز الذي انتهى بطرده من منصب الوسيط الأممي الذي كان يستغله لخدمة مصالح الجزائر. وهذا جعل عمر هلال، الممثل الخاص للمغرب لدى الأمم المتحدة، يقول إن "كريستوفر روس هو أفضل سفير عرفته الجزائر".

وقد تأكد هذا التواطؤ في أكتوبر 2019، عندما ظهر كريستوفر روس، بشكل مفاجئ، في مخيمات لحمادة. إن موعد زيارته لم يكن بريئا. فبعدما علمت الجزائر بمحتوى المسودة الأولى لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2494، الذي يدعم مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، أرادت أن "يغطي" وجود المبعوث الأممي الخاص السابق إلى الصحراء في مخيمات لحمادة على القرار الأممي.

اليوم، وبعد التحول الحاسم الذي اتخذته قضية الصحراء المغربية بشكل لا رجعة فيه، وبعد تأمين المعبر الحدودي مع موريتانيا في الكركرات بشكل نهائي والدعم الدبلوماسي الأمريكي المطلق للسيادة المغربية على الصحراء، عاد كريستوفر روس من جديد للدفاع عن قضية خاسرة بهدف جعل الهزائم الجزائرية اللاذعة أقل إيلاما.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 14/12/2020 على الساعة 20:07