الدكتور العثماني والسر العثماني

طارق قطاب

طارق قطاب . DR

في 16/02/2020 على الساعة 12:00

سلسلة محلات تجارية بسيطة تغزو الأحياء وقضت على شبكة المحلات التجارية الصغيرة في المغرب، والتي يديرها عادة المغاربة المتحدرين من منطقة سوس، وهي المنطقة التي يتحدر منها الدكتور العثماني نفسه. لكن رئيس الحكومة لا يكترث لهذا الأمر.

هو رئيس الحكومة ويوجد على رأس السلطة التنفيذية التي من المفترض أن يؤلف بين مختلف الحساسيات السياسية المشكلة لها. يتكلم، ويسافر إلى الخارج لتمثيل العاهل. لكنه لا يستطيع أن يغالب حبه الأول، أي توجهه الإسلامي الأممي، في تناقض تام مع الدور الذي يجب أن يلعبه: دور رجل دولة. فقد أصبح في تعارض مع مهمته، والخطاب الرسمي الذي على أساسه تم انتخابه وتعيينه ويتقاضى أجره. وفي هذا الأمر، سعد الدين العثماني هو رجل لامع، يشبه إلى حد ما شخصية مدير كبير، التي وصفها جاد المالح في أحد عروضه، وهو مغربي في فرنسا، الذي خلال لقاء مع أطره ينتقل من الفرنسية إلى لغة هي مزيج من العربية والفرنسية، يتحدث عن استراتيجية "موثقة".

ما هي آخر بدعة للعثماني؟ كانت خلال اتصال أجراه في بداية شهر فبراير مع الفلسطيني إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، حول "صفقة القرن". خلال هذا الاتصال أيد بشكل فعلي هذا الحزب الفلسطيني الراديكالي الذي يرفض أي خيار للسلام مع إسرائيل. كتذكير بسيط فقط، حماس هي امتداد لتنظيم الإخوان المسلمين الذي ينشر أعضاؤه أيديولوجية إسلامية عالمية، والتي ينتمي إليها سرا حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه العثماني. ما هي الخلاصة: بالنسبة لهذا الحزب وسيظل دائما "الإخوان أولا !". حتى ولو تطلب الأمر الخروج عن أحد أهم التوجهات الرئيسية للخطاب الرسمي للمغرب الذي يدعو إلى الاعتدال والبحث عن حل عادل ومنصف، حل الدولتين في هذه المنطقة من الشرق الأوسط. في هذا الأمر، سواء كان ذلك بشكل أرعن أو متعمد، فإن رئيس الحكومة يسيء إلى بلده.

الدكتور العثماني: إضعاف قطاعات الاقتصاد بأكملها خاصة قطاع النسيج المتضرر بسبب اتفاقية التجارة الحرة غير العادلة مع تركيا، بقيادة (لاحظوا معي!) من طرف حزب عدالة وتنمية آخر، وهو الحزب التركي الحاكم الذي يتقاسم نفس المرجعية مع حزب العدالة والتنمية المغربي. لكن مع هذا الاختلاف الكبير، في الحالة التركية، يتعلق بحزب مهيمن، ويرأس دولة تعد القوة الاقتصادية العالمية الثالثة عشرة. من الواضح أن المغرب لا يمكن أن يقارن بها.

سلسلة متاجر بسيطة تعزو الأحياء وبدأت في القضاء على شبكة المحلات التجارية الصغيرة في المغرب، والتي يديرها عادة المغاربة المتحدرين من منطقة سوس، وهي المنطقة التي يتحدر منها الدكتور العثماني نفسه. لكن رئيس الحكومة لا يكترث لهذا الأمر. سعد الدين لا يرى أي مشكل في أن تغزو المواد الاستهلاكية التركية السوق المغربية.

و"بيم". لا يهم، حزب العدالة والتنمية الذي يقوده العثماني يدافع عن "الإخوان أولا" ويوجه سهام نقده إلى باقي المتاجر الأجنبية، متناسيا أن هذه الأخيرة تعرض وتبيع أساسا المواد المغربية.

هناك أمثلة عديدة.

استقبل رئيس الحكومة، في شهر أكتوبر الماضي، أنس العبدة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، وكانت لحيته مشذبة بشكل دقيق، ولكنها كانت حقيقية.

وعندما كان وزير للشؤون الخارجية كاد أن يتسبب في قطع العلاقات الديبلوماسية مع الكويت، بلقائه على هامش زيارة رسمية مع أعضاء المعارضة... الإسلامية في هذا البلد.

وبسبب هذا اللقاء فقد منصبه.

هل استخلص العثماني العبرة مما حدث؟ بالطبع لا.

الحقيقة هي أنه وراء مواقفه المختارة بعناية وخطبه المطمئنة بشأن مسيرة البلاد، مازال يختبئ المناضل الذي يدافع عن "برنامج" "الإخوان أولا" والمغرم بالنموذج التركي وبحزب العدالة والتنمية الحاكم هناك.

سعد الدين العثماني، الذي يوجد على رأس ائتلاف مشكل من عدة أحزاب، يعطي الأسبقية لـ...حزبه، عندما يتعلق الأمر بمصالحه. أما مصالح البلاد فيمكن أن تنتظر. أما بخصوص عمله وحصيلته كرئيس حكومة فسنعود لها فيما بعد.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 16/02/2020 على الساعة 12:00