لماذا تستعصي جنوب إفريقيا على الديبلوماسية المغربية؟

DR

في 16/05/2017 على الساعة 08:00

قبل أيام، حجزت السلطات الجنوب إفريقية سفينة نيوزيلاندية محملة بـ50 ألف طن من الفوسفاط المغربي القادم من بوكراع، بإيعاز من جبهة البوليساريو. الخبر في ظاهره نزاع قضائي، لكن في باطنه الكثير من الحرب الباردة يقودها أحد أطراف محور الجزائر -بريتوريا، المعادي للوحدة الترابية للمملكة.

كي نفهم ما حدث للناقلة التي تحمل الفوسفاط المغرب، وجب أن نعرف أن النظام القانوني في جنوب إفريقيا يختلف تماما عما هو متعارف عليه مع باقي الدول الإفريقية، وهذا ما استغله البوليساريو. الأمر الذي يفسره خالد الشكراوي، الخبير في الشؤون الإفريقية، في اتصال مع Le360 ، بالقول "إن علاقة المغرب مع جنوب إفريقيا علاقة مركبة ومعقدة، ليس كل شيء ممكن وليس كل شيء مستحيل، وأن هناك إمكانيات لربط الاتصال لكن لحد الآن غالبية القنوات لم تستغل"، مشيرا "إلى أن عمل السفارة المغربية ما زال ضعيفا للغاية في هذا الإطار، علما أن سفارة بسيطة لا يمكن أن تقوم بشيء بحكم أن السياسة في جنوب إفريقيا تتفرق لعدة جهات، البرلمان يجتمع في مدينة "كيب تاون"، والحكومة توجد في العاصمة بريتوريا، أما الاقتصاد يتمحور في "جوهانسبرغ".

واعتبر الخبير، في تصريح لـLe360، أن "الحكومة المغربية مازالت لم تضبط امور القارة الإفريقية، إذ لم نلاحظ على مستوى وزارة الخارجية المغربية أي جهد وأي تغير في الاستراتيجية لمقاربة جنوب إفريقيا بشكل آخر". مبرزا أن "مقاربة استمرار العداء غير مجدية وليست في مصلحة المغرب"، وداعيا إلى "ضرورة فتح مجالات للتواصل في مختلف الاتجاهات (الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني والنقابات...). بالإضافة إلى إيجاد آليات للتفاهم، وخلق مجموعة من الإطارات لربط المصالح في إطار براغماتي، وإبراز موقف المغرب داخل المنتظم الجنوب الإفريقي سياسيا وإعلاميا واقتصاديا، دون إغفال أن هناك نظام ديمقراطي في جنوب إفريقيا، وهذه الأمور إن لم تأخذ بعين الاعتبار، فمن الصعب على الدولة المغربية، والحديث عن الحكومة المغربية الحالية، التي يتوجب عليها تحقيق أرباح ومكتسبات جديدة".

وأردف المتحدث ذاته، أن على المغرب مد قنوات للتواصل وربط علاقات متميزة ومحاولة ربط مصالح البلدين في إطار براغماتي، مثلما حدث مع نيجيريا، مبرزا أن الملك محمد السادس هو من ربط هذه العلاقات وليست الحكومة.

في المقابل، من يقول جنوب إفريقيا، يستحضر "محور شر"، أضلاعه الثلاثة تشكل أكبر ثلاثة اقتصاديات إفريقية، الحديث عن الجار الشرقي الجزائر، وجنوب إفريقيا، ثم نيجيريا، أحد أكبر الدول الافريقية من حيث الناتج الداخلي الخام، لكن رغم هذا المعطى استطاع المغرب "اختراق" هذا المحور الثلاثي، من خلال علاقات رابح /رابح ظاهرها اقتصاد وباطنها ديبلوماسية.

وكانت علاقات المغرب مع نيجيريا، محكومة بشرط تنازع جيواستراتيجي، يفرضه محور المصالح المتراكم بين خط الجزائر/ نيجيريا/ جنوب إفريقيا، الذي كان مسنودا بحسابات عالمية أصبحت متجاوزة اليوم. لأن منظومة المصالح العالمية في شقها الإفريقي، قد طالتها تطورات مهمة، وأيضا النمط الجديد للعلاقات الدولية الذي يقوم على تعاون رابح -رابح. أما الآن شهدت علاقات الرباط مع أبوجا انتعاشا ملحوظا، ترجم بإبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين، أبرزها مشروع مد خط أنابيب الغاز الطبيعي، كما أبرم الطرفان خلال زيارة الملك محمد السادس لنيجيريا، اتفاقا يزود بموجبه المكتب الشريف للفوسفاط نيجيريا بحاجتها من الفوسفاط. هذه الاتفاقيات كان لها وقع السحر على نيجيريا، إذ تم إنزال علم الجمهورية الصحراوية الوهمية، ورفع علم المملكة المغربية في سماء أكبر ساحة في العاصمة أبوجا، المعقل السابق لخصوم وحدة المغرب الترابية.

وفي هذا الصدد يشرح عبد الوهاب معلمي، خبير العلاقات الدولية، في اتصال مع Le360 "أن جنوب إفريقيا لها موقع ووزن أكبر من نيجيريا، وموقف أكثر صرامة وتشدد تجاه قضية الصحراء، لذلك سيكون على المغرب من خلال دبلوماسيته أن يشرح موقفه ويمرر نوع من التأثير على الأقل فيما يتعلق بقضية الصحراء، خصوصا بعد العودة للاتحاد الإفريقي، معتبرا أن المغرب لا يمكن أن يكسب كل الأوراق في "لعبة" واحدة". مشددا "على أن المغرب في حاجة إلى نفس طويل واستراتيجية وتعامل آخر مع بريتوريا، ومشيرا إلى أن الأمر سيكون أصعب مما كان عليه الحال مع أبوجا".

كما اعتبر المتحدث، أن "كون نيجيريا أو غيرها من الدول دخلت في علاقات متطورة مع المغرب، لا يعني بالضرورة أن هناك تغيير جذري فيما يتعلق بمواقفها تجاه قضية الصحراء، إذ لا يجب أن نخلط بين سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية وسحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، فيمكن مثلا أن تسحب جميع الدول اعترافها بالجمهورية الوهمية لكن المشكل سيظل قائما، مؤكدا أنه لا يرى حلا جذريا للمشكل في المستقبل القريب".

تحرير من طرف أنس بنشقرون (صحفي متدرب)
في 16/05/2017 على الساعة 08:00