الجزائر: مسؤول بوزارة الدفاع يدفع ثمن تسريب وثيقة سرية مثيرة حول معنويات الجيش

اللواء عبد الحميد غريس (يسارا) رفقة الرئيس عبد المجيد تبون والجنرالين شنقريحة وبن علي

اللواء عبد الحميد غريس (يسارا) رفقة الرئيس عبد المجيد تبون والجنرالين شنقريحة وبن علي . DR

في 13/07/2021 على الساعة 21:52

تم سجن الأمين العام السابق لوزارة الدفاع الجزائرية، اللواء عبد الحميد غريس، الأسبوع الماضي بأوامر من المحكمة العسكرية في البليدة. وبالتالي فهو يدفع ثمن تسريب وثيقة سرية، موقعة من قبله، وتتحدث عن المعنويات المنهارة للجنود.

بعد نحو أربع سنوات قضاها في المنصب الاستراتيجي كأمين عام لوزارة الدفاع (2018-2021)، وهو المنصب الذي أُعفي منه يوم الإثنين 15 مارس 2021 وعين مكانه اللواء محمد الصالح بن بيشة بصفة مؤقتة، انضم عبد الحميد غريس مؤخرا إلى اللائحة الطويلة للجنرالات الذين أرسلهم رئيس أركان الجيش الحالي سعيد شنقريحة إلى السجن.

في الواقع، كان مصير عبد الحميد غريس، آخر الشخصيات التي كانت مقربة من الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، منتظرا منذ فترة طويلة. لكن بالنظر إلى حساسية المنصب الذي شغله وارتباطه إداريا بالرئاسة والحكومة وليس بالجيش، كان يتعين انتظار الفرصة المناسبة لإزاحته والتخلص منه. وفي النهاية، كان تسريب وثيقة سرية مختومة تحمل ترويسة وزارة الدفاع وتوقيع عبد الحميد غريس، ما عجل بسقوط هذا الأخير

تتحدث هذه الوثيقة، المؤرخة في 20 دجنبر 2020، والتي تم ترويجها على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي بعد شهر ونصف من صدورها، عن الاجتماعات المتكررة التي عقدتها القيادة العليا للجيش بانتظام في نونبر ودجنبر من نفس العام، والتي لم تكن مخصصة لمناقشة مصير عبد المجيد تبون، الذي كان في ذلك الوقت مريضا مرضا خطيرا ولا يزال يرقد في المستشفى بألمانيا، ولكن لمعالجة مرض أكثر خطورة والذي كان ينخر من داخل الجيش نفسه. يتعلق الأمر في الواقع بإيجاد حل سريع للنزيف الذي أصاب مؤسسة الجيش، إذ أن العديد من جنوده وضباط صفه قدموا بشكل مكثف طلبات الإعفاء من الخدمة في مؤسسة يرون أنها أصبحت مرتعا للفساد.

ومع ذلك، في قائمة التهم الموجهة إلى عبد الحميد غريس، تجاهلت محكمة البليدة الوثيقة المثيرة التي تصف حالة الجنود المحبطين وأبقت ضده الاتهامات المعتادة بالفساد والتي توجه بشكل عام إلى الجنرالات الجزائريين المغضوب عليهم، مع العلم أن معظم جنرالات الجزائر هم فاسدون: الإثراء غير المشروع وتحويل الأموال العمومية وإساءة استخدام المنصب... خاصة وأن عبد الحميد غريس كان مديرا لقسم التنظيم واللوجستيك داخل وزارة الدفاع، مما جعله أول مسؤول عن الصفقات الكبرى للجيش عندما كان يشرف عليه قايد صالح.

صحيح أن الاتهام بالفساد، الذي هو اتهام مؤكد مع ذلك، هو سيف مسلط في أي وقت على رقاب غالبية الجنرالات الجزائريين، ولكن لا يتم تفعيله أبدا إلا في إطار تصفية الحسابات الدائمة فيما بينهم.

في الماضي، كان الجنرالات الفاسدون يخضعون لعقوبات أخف من قبل رئيس الجمهورية، الذي يقوم، بناء على تقارير تورطهم، بتعيينهم في مناطق بعيدة ونقلهم إلى وظائف أقل أهمية. أو ببساطة إبعادهم وعدم منحهم أي منصب في انتظار تقاعدهم. اليوم، وهذا ما يفسر "التأخير" في سجن غريس، تبنى سعيد شنقريحة استراتيجية جديدة. إنه يعاقب جنرالات فاسدين من خلال السجن والمحاكمات المتتالية، بهدف إيهام الرأي العام بأنه يخوض حربا مستمرة ولا هوادة فيها ضد الفساد داخل الجيش.

العشرات من جنرالات الجيش توجد اليوم في السجن من قبيل واسيني بوعزة، رئيس الأمن الداخلي السابق وعبد القادر لشخم (أنظمة الإرسال والحرب الإلكترونية) الذي اختلس لوحده أكثر من ملياري دولار وعلي أكروم (المدير السابق للتنظيم واللوجستيك)، دون أن ننسى الجنرال نبيل بن عزوز وكمال بلميلود، وكلاهما ترأسا الإدارة المركزية لأمن الجيش...، بالإضافة إلى العشرات من كبار الجيش، رمى بهم قايد صالح في السجن: سعيد باي...

كما يؤشر اعتقال غريس إلى ضعف الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون. ليس من قبيل المصادفة أن غريس، الذي ظل أمينا عاما لوزارة الدفاع لفترة طويلة، قد نصب نائبا مباشرا لرئيس الجمهورية، الذي هو نفسه وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. بذل تبون قصارى جهده لحماية هذا الجنرال، الذي دعمه علانية خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2019. لكن المفارقة أن مرسوما منسوب إلى الرئيس أنهى مهام غريس، وبالتالي وضعه تحت رحمة شنقريحة.

وهذا دليل إضافي على أنه على الرغم من عدم وجود أي شرعية دستورية أو تاريخية، فإن رئيس أركان الجيش الحالي هو في الواقع رجل الدولة القوي. إن شعار الحراك الرئيسي: "دولة مدنية لا عسكرية" له راهنية أكثر من أي وقت مضى.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 13/07/2021 على الساعة 21:52