النظام الجزائري يلوح بفزاعة الإرهاب من أجل تخويف الشعب

الجنرال سعيد شنقريحة

الجنرال سعيد شنقريحة . DR

في 06/01/2021 على الساعة 16:31

لوح الجيش الجزائري مرة أخرى بفزاعة العقد الدموي (1999-2002). فقد قام الجنرال سعيد شنقريحة بتضخيم حادثة مواجهة مع إرهابيين مشتبه بهم في تيبازة بهدف تخويف الجزائريين. تحليل.

في نهاية الأسبوع الماضي، اشتبكت مجموعة إرهابية مزعومة، مؤلفة من أربعة أعضاء، مع وحدة من الجيش الجزائري، مما أدى في النهاية إلى تحييدها في منطقة تيبازة. هذا النوع من العمليات العسكرية ليس جديدا، لكنه يحدث من حين لآخر في الجزائر مع رجال مسلحين يعتبرون من فلول الجماعات الإسلامية التي تم إنشاؤها في التسعينيات.

في الفترة الأخيرة، ما بين فاتح و17 دجنبر، أعلنت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية، في بيان صحفي، عن عمليتين مماثلتين في جيجل، قتل خلالهما "ثلاثة إسلاميين مسلحين، من بقايا الجماعات الجهادية في الجزائر، كما قتل ضابط برتبة رقيب في اشتباكات خطيرة" في بداية شهر دجنبر، قبل أن يتم القبض على "إرهابي خطير"، في 17 دجنبر "في إطار "عملية لمكافحة الإرهاب في جيجل (شمال شرق الجزائر)"، على حد تعبير بيان صحفي لوزارة الدفاع الوطني. وهكذا تم تحييد أربعة مسلحين في دجنبر، بالإضافة إلى مقتل جندي.

ما وقع خلال عمليتين منفصلتين يومي 2 و3 يناير في تيبازة تشبه إلى حد كبير للعمليات السابقة، حيث قتل ستة إرهابيين مشتبه بهم وثلاثة جنود جزائريين.

غير أن هذه العمليات الأخيرة تم تضخيمها، بسبب وصول رئيس أركان الجيش الجزائري، اللواء سعيد شنقريحة، إلى موقع الأحداث بعد يوم واحد من انتهاء الاشتباكات بالطبع واستغل المناسبة من أجل إلقاء كلمة مطولة أمام الجنود.

وحسب بلاغ لوزارة الدفاع الوطني نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، فإن سعيد شنقريحة أكد في كلمته قائلا: "لقد حرصت على أن ألتقي بكم، على إثر نجاح عملية مكافحة الإرهاب، التي نفذتموها يوم 2 يناير2021، حيث تمكنتم أنتم أفراد وحداتنا الباسلة، من القضاء على أربعة إرهابيين دمويين خطيرين، واسترجاع أسلحتهم"، داعيا الجيش إلى "التحلي بأعلى درجات اليقظة والحذر ومواصلة مكافحة فلول الإرهاب".

إن مضمون هذه الكلمة وكذا تواجد رئيس أركان الجيش الجزائري في موقع ما يسمى بعملية "مكافحة الإرهاب" ليسا بريئين. فقد تحدث رئيس أركان الجيش الجزائري في الوقت الذي تصدر الدولة الجزائرية عفوا عن مهندسي العقد الدموي الأسود، بمن فيهم مجرم حرب سيئ السمعة، الهارب خالد نزار، والرئيس السابق لجهاز المخابرات محمد مدين الملقب بـ "توفيق" والتي أطلقت عليه عائلته بـ"السجين السياسي ومعتقل رأي" عندما كان وراء القضبان. الرسالة واضحة: النظام الجزائري يحاول صنع جزائر جديدو بوجوه قديمة، ويعمد إلى الوصفة القديمة التي أظهرت ذات يوم فعاليتها، إلا وهي إخراس الجزائريين... من خلال ترهيبهم.

وهكذا يحاول سعيد شنقريحة التلويح بالتهديد الإرهابي الذي ساد خلال سنوات التسعينيات، وبالتالي تخويف الجزائريين في وقت تمر فيه البلاد بأخطر أزمة متعددة الأوجه في تاريخها.

يشار إلى أن ميثاق السلم والمصالحة الذي يربط السلطات الجزائرية والجماعات الإرهابية التائبة، الموقع عام 2005، يفترض أن يطوي بشكل نهائي صفحة "العقد الأسود" (1992-2002). حتى لو بقيت بعض الجيوب، خاصة تلك المرتبطة بالجريمة المنظمة تحت غطاء الإرهاب، نشطة في الجزائر، في الأدغال في وسط شرق البلاد، فإن الجيش يحاول صب الزيت في النار من خلال التلويح بالعشرية السوداء التي أسفرت عن خسائر بشرية فادحة وصلت إلى مقتل أكثر من 200000 شخص.

علاوة على ذلك، فإن الإعلان يوم 28 دجنبر، عن حجز 80 ألف يورو خلال عملية جيجل يهدف في الواقع إلى إقامة علاقة مباشرة بين العمليات الجارية في الجزائر والجماعات الإرهابية الصغيرة الناشطة في منطقة الساحل، التي أطلقت مؤخرا سراح رهائن مقابل دفع فدية باليورو. ومع ذلك، من الصعب معرفة الحقيقة: هل عرض مبلغ 80 ألف يورو يتوافق مع عملية حقيقية، أم هو في الواقع مجرد مسرحية؟

فقد تحدثت صحيفة جزائرية يوم 4 يناير عما أسمته يد أجنبية تحاول المس بالجزائر. وقالت هذه الصحيفة: "هذا المبلغ (80 ألف يورو، ملاحظة المحرر) متحصل عليه من فدية دفعت للإرهابيين الناشطين في منطقة الساحل. لم يتم الكشف عن صاحب هذا المبلغ، ولكن يمكننا بسهولة تخمين من له مصلحة في الحفاظ على هذه الآفة في منطقتنا".

لكن المؤكد هو أنه في مواجهة احتمال انفجار شعبي محتوم وفي مواجهة النزعة السلمية التي أبان على الحراك خلال عام كامل من التظاهرات الأسبوعية، تحاول السلطة العسكرية إدامة سيطرتها بالتلويح بخطر الإرهاب.

السؤال المطروح اليوم: إلى أي مدى سيذهب النظام الجزائري مع استراتيجية التهديد الإرهابي؟ لا أحد ينسى أنه خلال العشرية السوداء، "من يقتل من؟" كان سؤالا محوريا. بالنسبة للشعب الجزائري، لم يكن هناك أدنى شك في أن عددا من المجازر ارتكبها نفس الأشخاص الذين كانوا يزعمون أنهم يحاربون الإرهاب.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 06/01/2021 على الساعة 16:31