بالفيديو: كيف أحبط مسلسل جزائري خطط الطعمة العسكرية لشيطنة المغرب

نادية كوندة في مسلسل جزائري

نادية كوندة في مسلسل جزائري . DR

في 12/05/2021 على الساعة 11:24

خلال أيام قليلة، تحولت ممثلة مغربية في مسلسل جزائري بعنوان "عاشور العاشر"، إلى محبوبة الجماهير الجزائرية. عناصر الديكور تم اقتناؤها من مزودي خدمات مغاربة... كل هذه العناصر يمكنها أن تشكل قضية دولة تهز النظام الجزائري.

في الجزائر كما في المغرب، يعتبر شهر رمضان فرصة للمشاهدين لمتابعة المسلسلات التلفزيونية وقت الفطور. وفي هذا العام نال إنتاج واحد على وجه الخصوص الإعجاب في الجزائر: الموسم الثالث من عاشور العاشر. ويعود هذا النجاح على وجه الخصوص، بحسب الصحافة الجزائرية وشبكات التواصل الاجتماعي، إلى الأداء الرائع للممثلة المغربية نادية كوندة التي غزت، في زمن قياسي، قلوب الجزائريين.

حتى قبل بث الموسم الثالث من مسلسل عاشور العاشر، كان ظهور نادية كوندة على الملصق الترويجي للمسلسل موضع نقاش. والسبب هو الجنسية المغربية للشابة في بلد يعادي نظامه كل ما هو مغربي.

ومع ازدياد أهمية الممثلة المغربية، أصبح المسلسل موضوع كل الهواجس وجسد الحقد المرضي لنظام لا يليق بالشعب الجزائري. إليكم ثلاثة فصول تكشف الوجه الحقود للنظام الجزائري ومعاداته لكل ما يأتي من المغرب.

الفصل الأول: المرأة التي أثارت الضجة

بدأ كل شيء يوم 12 أبريل 2021، عندما أعلن الصحفي محمد علال، الذي كان قد تقدم بهذا المطلب المضحك لفرنسا بإعادة برج إيفل إلى الجزائر، على صفحته على الفايسبوك أن الثقافة والسياسة لا ينفصلان وأن مشاركة ممثلة مغربية في مسلسل تلفزيوني حدث تاريخي بالنسبة للجزائر.

وأكد قائلا: "نادية كوندة هي أول ممثلة مغربية تشارك في مسلسل جزائري في أجواء سياسية متوترة". هذه التدوينة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت ردود فعل الأوساط الفنية في المملكة. وهكذا احتج المخرج المغربي عبد الإله الجوهري على مثل هذه التصريحات، معتبرا أن "الفن هو نوع من الانتصار على السياسة"، وحث الصحفي الجزائري على عدم الخلط بين كل شيء.

لكن محمد علال لم يغير موقفه. ودعي الصحفي إلى موقع تليفزيون لينا لشرح موقفه وادعى بأنه يحب تمثيل نادية كوندة، لكن تلك الثقافة بشكل عام، والسينما بشكل خاص، هي سلاح دعاية للسلطة. وقال بشكل قطعي إن المغرب يستخدم "الفن المغربي للمس بالجزائر".

أثار هذا التصريح ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي لأن جنسية نادية كوندة بالنسبة للجمهور الجزائري لا تغير من موهبتها. وتساءل أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي قائلا: "منذ متى تهم الجنسية في السينما؟، ويتساءل آخر: "هل يجب أن يكون كل الممثلين في الأفلام الجزائرية جزائريين؟". فيما يؤكد شخص آخر "لو كانت تونسية، لما وجدتم أي شيء تقولونه"، في حين أن آخر يشير آخر أنه "العام الماضي، ظهر ممثلون تونسيون في الموسم الثاني (من المسلسل) ولم يثير ذلك أي جدل".

الفصل 2: لرقابة والتوقيف

بالإضافة إلى جنسية نادية كوندة المثيرة للجدل، استمر المسلسل الهزلي عاشور العاشر في إثارة الجدل طوال شهر رمضان. فبعد تعرضها للرقابة من قبل المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، وهي الرقابة التي انتقدها رواد شبكات التواصل الاجتماعي والممثلون المشاركون في المسلسل، تم تعليق مسلسل عاشور العاشر من قبل القناة قبل بث الحلقة العشرين التي كان يترقبها الجمهور بشغف.

وأمام الضجة التي أثيرت في الجزائر بعد التوقيف غير المفهوم في ظل نسبة المشاهدة التي حققها المسلسل، أوضحت القناة التلفزية الجزائرية أن هذا الإيقاف المؤقت تدخل بعد يوم من وفاة بلاحة بن زيان، أحد الممثلين الرئيسيين في المسلسل وأحد النجوم في الجزائر، ولذلك كان من الضروري توقيف المسلسل كنوع من الحداد على وفاته. وهو عذر لم يقبله الشعب الجزائري على الإطلاق. وفي هذا الإطار كتب أحد رواد شبكات التواصل الاجتماعي لجزائريين يقول: "أفضل تكريم لذكرى هذا الممثل العظيم هو الاستمرار في بث المسلسل الذي مثل فيه".

وهو موقف تقاسمه الجزائريون على نطاق واسع الذين لا يفهمون هذا الاستبعاد من المشهد السمعي البصري لأحد مسلسلاتهم المفضلة. وهو ما يؤجج الجدل حول مسلسل مزعج... حتى في أعلى هرم السلطة. والسبب هو دور الممثلة المغربية وسيناريو المسلسل الذي يقدم محاكاة ساخرة للواقع الاجتماعي والسياسي في الجزائر. ويتجلى ذلك في إشادة جريدة الوطن الجزائرية لمسلسل عاشور العاشر والتكريم الذي قدمته لممثلته الساخرة: "مانينا، هذه الهندية الجزائرية، الخادمة في بلاط عاشور العاشر- المطلق حديثا من رازان، الملكة- ستصبح ملكة. وذلك بعد أن وقع عاشور العاشر (حكيم زلوم) الوحيد تحت تأثير سحرها البسيط وجمالها البوليودي.

عاشور العاشر، على الرغم من انغماسه في مشاكل تتعلق بالاقتصاد والعدالة الاجتماعية والديموقراطية التي يحتقرها نظام الموز، كان لديه الوقت ليقع في حب مانينا. كيف؟ مانينا كانت حلوة نوعا ما ونحيلة ورشيقة. وقد استمالها. سيغادر عاشور العاشر المتيم المملكة للبحث عن مانينا على الطريق إلى الهند".

هل استاءت السلطات الجزائرية من هذا السيناريو حيث يستسلم زعيم البلاد لسحر امرأة مغربية؟ على أية حال، من خلال حلقات المسلسل، تصاعد نفوذ مانينا لدرجة أن استطاعت إخضاع الملك عاشور العاشر.

الفصل 3: رؤوس تتهاوى

مع اقتراب شهر رمضان من نهايته، والموسم الثالث من المسلسل الناجح أيضا، من الواضح أن الوقت قد حان للمساءلة وتقديم الحساب. وإذا كانت السلطات الجزائرية قد أعربت حتى ذلك الحين عن غضبها من مسلسل عاشور العاشر من خلال الرقابة عليه وتوقيفه، فقد اتخذت القضية أبعادا أكثر خطورة.

منذ يوم 3 ماي، وقع زلزال داخل القناة العمومية الجزائرية بعد إعلان وزارة الاتصال إقالة رئيس التلفزيون الجزائري، أحمد بن سبان. وفسر البعض هذه الإقالة بدعوة الأمين العام لجبهة التحرير، بعجي أبو الفضل، إلى بلاطو التلفزة، مع العلم أن هذا الأخير يتعرض للسخرية لأنه كان متزوج من مغربية. لكن هذا التفسير غير مقنع البتة، لأنه حتى لو تم رفض ترشح زعيم جبهة التحرير الوطني للانتخابات التشريعية المقبلة غير المؤكدة في 12 يونيو، فإن بعجي أبو الفضل لا يزال على رأس الحزب التاريخي للجزائر.

بالنسبة للعديد من الجزائريين، ليس هناك من شك في أن إقالة أحمد بن سبان، بعد عام على تعيينه تقريبا، مرتبطة بمسلسل عاشور العاشر، الذي تعرض لمقص للرقابة مرات عديدة. هل هو متهم ببث مسلسل يسخر من الطغمة العسكرية على قناة هي مع ذلك صوت السلطة وسلاح الدعاية ضد الحراك؟ هذا محتمل جدا. هل اللوم يعود لشعبية ممثلة مغربية أصبحت محبوبة الجزائريين في وقت يسعى فيه النظام لشيطنة المملكة؟ هذا شبه مؤكد.

بعد أيام قليلة، حدث تطور كبير آخر، والذي يورط مرة أخرى المسلسل الرمضاني، وذلك بعد الأمر الغريب الصادر عن عبد المجيد تبون القاضي بحظر أي تعاون اقتصادي مع شركة "مغربية"، وكل من يخالف هذا الأمر يتهم بالخيانة. في هذا الأمر الرئاسي، الذي لا يليق بمكانة رئيس دولة، فإن الرئيس تبون يسمي شركة الهاتف المحمول "جازي"، المتهمة بتمويل عمليات إعلانية لصالح شركات أجنبية "قريبة من جماعات الضغط الأجنبية المناهضة للجزائر".

ما هي العلاقة بين مسلسل عاشور العاشر وشركة الهاتف المحمول الجزائرية "جازي"؟ وكالة تواصل "أليغوري" (Allégorie)، التي تتكفل، من ناحية، بتدبير الحملة الإعلامية والتواصل الخارجي لشركة "جازي" والتي من ناحية أخرى باعت مسلسل عاشور العاشر، وهي المالك الحصري لحقوق البث، لشركة التلفزيون العمومي الجزائري.

وكانت الصحيفة الإلكترونية "ألجيري بارت" هي التي كشفت عن اسم الوكالة التي يستهدفها تبون، وأكدت: "اتضح أنه أثناء تصوير كواليس الموسم الثالث من هذا المسلسل الشعبي في الجزائر، لجأ المنتج بواسطة "أليغوي" إلى بعض مقدمي الخدمات المغاربة للحصول على المواد والمعدات الضرورية لبعض الديكورات". المغرب مرة أخرى!

بالتأكيد، هذا لا يطاق بالنسبة للطغمة العسكرية والرئيس التي عينته على رأس الجزائر. بالإضافة إلى ذلك، فإن حماس الجمهور الجزائري لمسلسل مخصص لملك لا يستقيم مع سلطة تدعي أنها جمهورية وتحب تشويه سمعة الملكيات.

وتابعت الصحيفة الإلكترونية "ألجيري بارت" قائلة: "لقد أثارت الاستعانة بمقدمي خدمات مغاربة أيضا السخط في أعلى هرم السلطة الجزائرية التي ترى في المغرب وجميع الكيانات التجارية أو الثقافية المرتبطة به أعداء الجزائر".

ممثلة مغربية حازت إعجاب مئات الآلاف من الجزائريين والمعدات المستوردة من المغرب في المسلسل الذي يعرف نجاحا منقطع النظير على التلفزيون الجزائري العمومي... في وقت يريد النظام فيه تقسيم الحراك بتحويل أنظار الجزائريين نحو عدو يوجد غرب بلادهم. ومن الواضح أن هذا يحبط خطط الطغمة العسكرية التي تعمل جاهدة من أجل تعبئة الجبهة الداخلية حول "العدو المغربي".

في بلدان أخرى، سيكون من الصعب جدا تصديق أن مسلسلا تلفزيونيا يمكن أن يصبح قضية دولة. في الجزائر، البلد الذي يسير بخطى سريعة نحو النموذج الكوري الشمالي، تقدم لنا الدليل على أن الحقد ضد كل ما هو مغربي يمكن أن يجعل السلطة الجزائرية، عمياء وتتخذ مواقف مضحكة ولاعقلانية.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 12/05/2021 على الساعة 11:24