حصري. هكذا تمكن شاب موظف بإدارة الضرائب من اختلاس 39 مليون درهم

DR

في 09/03/2019 على الساعة 21:30

من هو الشخص الذي نفذ أكبر عملية اختلاس عرفتها المديرية العامة للضرائب؟ كيف تمكن من التحايل على أحد أقوى الأنظمة المعلوماتية في الإدارة المغربية؟.

تمكن قابض مركزي بالإدارة الجبائية للضرائب، من اختلاس 39 مليون درهم هذا يبدو صعبا ولا يمكن تصديقه لكنه وقع، ففي الوقت الذي تتكلم غالبية الصحف عن اختلاسات يتورط فيها مسؤولون في بنوك وموثقون أو مسؤولون كبار في إدارة الجمارك أو متحصلو الخزينة العامة للمملكة، ولكن اختلاس واحتيال داخل إدارة ذات نظام معلوماتي مؤمن كالمديرية العامة للضرائب، فهذا لم نسمع به قبلا.

نشير مبدئيا إلى أن بلاغا للمديرية العامة للأمن الوطني، نشر في فاتح مارس الجاري، أكد تورط شخصين، أحدهما قابض مركزي بالإدارة الجبائية للضرائب، في قضية تتعلق باختلاس أموال عمومية وغسيل الأموال.

المصدر ذاته، كشف أن الأبحاث والتحريات المنجزة، وعمليات التدقيق والافتحاص المحاسباتي، أوضحت أن المشتبه فيه الرئيسي قام بتحويل مبالغ مالية مهمة لحساب شركة استعلمت كـ«واجهة» في اسم المشتبه فيه الثاني، بدعوى أنها مرجوعات الفائض الضريبي على الشركات، قبل أن يتم صرف المبالغ المختلسة، التي ناهزت 39 مليون درهم، في اقتناء أصول عقارية ومنقولات، علاوة على ضخ جزء منها في حسابات بنكية.

هذا وتم «الاحتفاظ بالمشتبه فيهما تحت تدبير الحراسة النظرية على خلفية البحث القضائي الذي فتحته الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرباط، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك في انتظار الكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، التي تندرج في إطار المجهودات المبذولة في مجال مكافحة جرائم الفساد المالي»، يضيف بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني.

كما هو مشاع، فإن هذه الجرائم المالية يتم الكشف عنها عن طريق مهمات افتحاص داخلية تقوم بها مفتشية المديرية العامة للضرائب أو افتحاص خارجي يتولى القيام به المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية، لكن هذه المرة عناصر الشرطة القضائية هم الذين حذروا المديرية العامة للضرائب.

من جانبها، لم تأخذ المديرية العامة للضرائب وقتا طويلا لتأكيد تحذيرات وشكوك رجال الشرطة القضائية.

معالم الجريمة، تم الكشف عنها من قبل المفتحصين الذين تم إرسالهم إلى مقر الذي يضم مصالح الإدارة الجبائية للضرائب بزنقة «Laos» بالرباط، خلال هذا اليوم المتهم الرئيسي في هذا الملف «أ.ك» كان غائبا عن مكتبه وذلك بعد إدلائه بشهادة طبية لمدة 30 يوما. يقول أحد أصدقاءه في العمل أنه «أيام قبل اعتقاله، ظهر على أ.ك اضطراب نفسي وهو ما لم يمكنه من العمل، على صفحته الفايسبوكية أزال صورته وغير اسمه إلى واحد آخر مستعار أبوجاد». خلال جلسة التحقيق معه من قبل رجال الشرطة، أظهر «أ.ك» تعاونه، كاشفا أنه وقع ضحية لحظة ضعف، معترفا بوقائع الملف.

يوصف بالخجول والمتحفظ، والمواظب على الصلاة، كان «أ.ك» ذي الـ32 ربيعا والمتزوج والأب لطفلين، ينتظره مسار مهني جيد، وهو الحاصل على ماستر من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير.

بعد قضاءه مدة داخل أحد الأبناك، تمكن «أ.ك» سنة 2013 من النجاح في مباراة ولوج المديرية العامة للضرائب، سيخضع بعدها لفترة تكوين سيتولى بعدها مهمة نائبا قابضا بالإدارة الجبائية للضرائب بالدارالبيضاء. سنة 2017، سيتم تعيينه بالإدارة الجبائية بالرباط حيث سيم ترقيته إلى قابض. ويعهد إلى الإدارة الجبائية للضرائب مهمة تحصيل عائدات الضرائب «الضريبة على القيمة المضافة، ضريبة الشركات والضريبة على الدخل، ضرائب الأملاك، رسوم التسجيل والطوابع».

موقع Le360 حاول معرفة الخطة التي استعملها المتهم الرئيسي لاختلال المبلغ المذكور. وبحسب مصدر قريب من التحقيق الذي قامت به مصلحة الضرائب، فإن القابض استغل ثغرة في النظام المعلومات تمكن من إلغاء أي عملية تم إنجازها سابقا.(ويتعلق الأمر هنا بمبلغ سداد فائض ضريبي خاص بالضريبة على الشركات).

القابض قام بعد ذلك بوضع وثيقة جديدة قام من خلالها بتزوير هوية المرسل إليه. الشركة المرسل إليها الفائض الضريبي (الذي تم سداده سنة 2015) تم تعويضها بشركة أخرى استعملت كـ «واجهة» وهي باسم مقاول وشريك المتهم الرئيسي.

ويضيف المصدر ذاته، «استعان بعملية جبائية حقيقية لكنها قديمة، متعمدا إزالة كل آثار العملية القديمة من النظام المعلوماتي للتمكن من إصدار وثائق جديدة لمرسل جديد وكشف حساب بنكي جديد».

ستنكشف العملية الاحتيالية التي تورط فيها هذا المسؤول في المديرية العامة للضرائب. بعد تقرير سنوي للخزينة العامة للمملكة حول حالة الحسابات. «هنا كان يجب أن ندرك وجود نفقات غير ظاهرة في نظامنا المعلوماتي»، يوضح مصدرنا.

وبحسب المعطيات الأولية للتحقيق التي حصلت عليها Le360، فإن غالبية المعاملات الاحتيالية التي دبرها الشاب الثلاثيني لا من الناحية القيمية والكمية نفذت خلال شهر مارس الماضي، وبالضبط خلال خضوع النظام المعلوماتي للمديرية العامة للضرائب لعملية الصيانة، قصد تصحيح الثغرة التي استغلها المتهم الرئيسي في معاملاته الاحتيالية. بعد علمه بعمليات الصيانة التي تستهدف النظام المعلوماتي لمديرية الضرائب، عمد إلى الرفع من وتيرة التحويلات إلى شريكه.

يقول مصدرنا من المديرية العامة للضرائب، «قبل شهور، قمنا بمراقبة لحساب الشركة التي تم بها التزوير لم نلاحظ أي شيء غير طبيعي لأن الأموال المختلسة خرجت خارج النظام المعلوماتي للإدارة».

العملية الاحتيالية كان من الممكن اكتشافها لو أن الخزينة العامة للمملكة تبادل المعلومات في حينها مع المديرية العامة للضرائب. الورش مفتوح حاليا من قبل الخزينة لإعداد نظام تدبيري جديد سيمكن من التبادل الفوري للمعلومات مع مديرية الضرائب.

وبفضل المجهودات الاستباقية للفرقة الجهوية للشرطة القضائية، تمكنت إدارة الضرائب من استرداد غالبية المبالغ المالية المختلسة، ما يقارب 30 مليون درهم.

وكما تم الحجز على الأصول العقارية والسيارات التي استعمل في شراءها باقي المبالغ المختلسة قرابة (9 مليون درهم).

وسيتابع المتهم الرئيسي «أ.ك» بتهمة «خيانة الأمانة وتبييض الأموال والتزوير»، حيث يواجه عقوبة سجنية قد تصل إلى 10 سنوات.

تحرير من طرف وديع المودن
في 09/03/2019 على الساعة 21:30