وجدة: ركود تجاري ومهنيون يعيشون بين الأمل وانتظار تدخل الحكومة

DR

في 03/03/2019 على الساعة 17:33

تعيش مدينة وجدة وجهة الشرق عموما منذ 3 سنوات على واقع ركود تجاري وأزمة اقتصادية خانقة، نتيجة تظافر عدة عوامل، أبرزها إحكام إغلاق المنفذ الحدودي بعد بناء سياج على طول الشريط من طرف السلطات المغربية، وحفر خندق بين البلدين من طرف السلطات الجزائرية.

إذا كان بعض التجار تفهموا الدواعي الأمنية لإقدام الدولة المغربية على خطوتها، فقد طالبوا في المقابل الحكومة لاتخاذ إجراءات تساعد على التخفيف من هذه الازمة على الأقل، ودعمهم لتجنيبهم المصير الأسود مثل الإفلاس أو الاعتقال بسبب تراكم الديون.

الركود يهدد التجار بالإفلاس

في حديثه Le360، اعتبر تاجر الأثواب بسوق المدينة القديمة حميد الوالي، أن الوضع الحالي هو وصول التجار لمرحلة بداية الإفلاس ونهاية مرحلة الكساد، بعدما طال زمن الركود، مبرزا أن أسباب هذا الوضع المأساوي وغير المسبوق في تاريخ تجارة وجدة، يرجع إلى عدة عوامل لعل أبرزها، ضعف القدرة الشرائية للمواطن الوجدي، خاصة الفئات الهشة والضعيفة، والتي استفحل وضعها بعد المنع التام للنشاط التجاري المرتبط بالتهريب عبر الجزائر، حيث كان يوفر فرص شغل لفئة عريضة من المواطنين الذين أصبحوا بدون عمل، ويعانون حاليا في صمت رغم الدعوات المتكررة لإيجاد حلول بديلة لهم.

وأضاف ذات المتحدث أن إنشاء الأسواق الممتازة الكبيرة Les Grandes Surfaces))، حيث أضحى المواطن الوجدي يفضل التسوق من هذه الفضاءات لما توفره من تخفيضات وأريحية في التسوق، على أن يقتني ما يريده من أسواق المدينة التقليدية نظرا لما أصبحت تعيش فيه من فوضى واحتلال للملك العام من طرف الباعة المتجولين والعشوائيين.

واختتم التاجر الوالي حديثه بتحميل المسؤولية كاملة لكونها لم تبادر إلى اتخاذ أي إجراءات استعجالية تخص هذه المنطقة، وتدفع في اتجاه حلحلة الوضع المتأزم وخلق فرص شغل، حيث أصبح حلم أغلب شبابها وتجارها هو الهروب ومغادرة المدينة سواء إلى خارج أرض الوطن أو داخله في اتجاه المركز.

الدبلوماسية التجارية

بدوره تحدث للموقع رئيس فيدرالية التجار والمهنيين أحمد عامري، الذي يرى أن أبرز حل هو فتح الحدود بصفة دائمة مع الجار الجزائر، وذلك لوجود مثلث تجاري وسكني مهم، متمثل في وهران سيدي بلعباس وتلمسان، وهو الأقرب لمدينة وجدة وجهة الشرق من أكبر تجمع بشري وتجاري المتمثل في مدينة فاس، إضافة لتواجد أكبر ميناء تجاري بالمنطقة هو ميناء وهران في انتظار البدء في العمل بميناء الناضور.

واعتبر عامري في حديث مع Le360 أن فتح المعبر الحدودي سيمكن من الرفع نسبة السيولة التي انخفضت بزهاء 70 في المئة، وإعادة الحياة لخط تجاري مهم جدا يربط بين وهران ودرب عمر بالدار البيضاء، مطالبا في الوقت ذاته بتفعيل ما سماها الديبلوماسية التجارية مع الجيران، خاصة من طرف مجلس الجهة.

ومن بين الحلول المقترحة من طرف رئيس الفيدرالية التي تضم أكثر من 15 جمعية مهنية، هي إعطاء تحفيزات جمركية للموردين، مراعاة لخصوصية جهة الشرق، وكذا تنشيط ميناء بني انصار بالناضور في أقرب وقت ممكن، إضافة إلى سن قوانين تنظيمية لتنظيم التجارة وجذب المستثمرين للمنطقة.

حلول أكاديمية

يرى أستاذ علم الاقتصاد بجامعة محمد الأول يحي الزاهيري، أن المناطق الحدودية في العالم أجمع دائما يرتبط اقتصادها ونشاطها التجاري بالتهريب، وللتغلب على هذا المعطى يجب على الحكومة أن تبتكر حلولا آنية وسريعة على المدى القريب، وأخرى على المدى المتوسط، حتى لا يبقى الوضع مرهون بتجارة الحدود.

وفي هذا السياق، أبرز الزاهيري في حديث خاص لـLe360 أنه يمكن تلخيص مفهوم التنمية الإقليمية لدينا في النقاط التالية: نسبة عالية جدا من البطالة، والضرائب الثقيلة والمرتفعة، والقطاع المسيطر هو غير المهيكل، مضيفا أن المنطقة الشرقية التي لها سمات خاصة تتطلب إجراءات محددة، كونها بعيدة جغرافياً ومعزولة عن بقية البلاد.

وفي هذا الوضع، يرى المختص الاقتصادي أن الضرورة تفرض تعبئة وتنمية المنطقة، الأمر الذي يتطلب دعما قويا من طرف السلطات لتعزيز قاعدة اقتصادية مستقلة قوية ومرتبطة بالاقتصاد الوطني ككل.

ومن بين الحلول التي يراها أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة أنها كفيلة بمحاربة الركود التجاري هو تشجيع نوعين من الاستثمار: استثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، وهو ما يجب القيام به على المدى القصير من خلال الدعم المباشر وتشجيع إنشاء الأعمال التجارية، وهي مسؤولية المجالس الترابية حسب الأستاذ زاهيري، وذلك عبر عدة إجراءات من بينها حجز أسواق بقيمة أقل من 200000 درهم للشركات الصغيرة جدا، وإنشاء ديناميكية داخلية وبالتالي خلق العمالة والطلب الفعال الضروري لبدء مشاريع أخرى، وتقديم عرض للإجابة على هذا الطلب، وبالتالي تطور وانتشار مجموعة من موجات العروض والطلبات.

أما النوع الثاني من الاستثمارات فهي ذات المدى المتوسط، والتي يجب أن تتضمن المساعدة التي تقدمها السلطات كتسهيل الوصول إلى التمويل، وإنشاء واحدة مركزية المعلومات والإجراءات والأجهزة المصاحبة، ودعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتثبيت ضريبة للشركات الصغيرة، مع تطوير آليات تدريب جديدة بشكل خاص مستمر، مع تعزيز مشاركة مكتب التكوين المهني في ذلك، وإطلاق حملات التواصل حول تدابير الدعم للشركات الصغيرة.

تحرير من طرف محمد شلاي
في 03/03/2019 على الساعة 17:33