ندرة المياه.. شبح يهدد مستقبل المغرب

DR

في 07/10/2017 على الساعة 15:30

مطلع الأسبوع الجاري، وأثناء عقد مجلس وزاري ترأسه الملك بالرباط، كان الجميع ينتظر ما سيسفر عنه الاجتماع، وإن كان هناك شبه اجماع أن فحوى المجلس لن تخرج عن الأمور السياسية، غير أن الملك محمد السادس آثر أن يقرع جرس الخطر حول خطر يداهمنا اسمه ندرة المياه.

مر الاجتماع، وأعطيت أوامر للوزارات المكلفة بالماء، وهي المهمة التي تجد أربعة وزارات نفسها معنية بها، حيث ركزت الأوامر الملكية على سكان المناطق الجبلية والنائية، على اعتبار أنها الأكثر تضررا من أزمات العطش التي تجتاح بعض الدواوير هنا وهناك.

تتحد تقارير البنك الدولي ومنظمة الزراعة العالمية (الفاو) في كون أكبر خطر يهدد البشرية هو ذاك المتعلق بندرة المياه، فعلى سبيل المثال فإن الموارد المائية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا هي بين أدنى المعدلات في العالم: إذ أنها تدنت بنسبة الثلثين خلال الأربعين عاما المنصرمة ويُتوقع أن تنخفض بما يزيد عن نسبة 50 في المائة بحلول عام 2050.

كما أن 90 في المائة من المساحة الإجمالية للأراضي تقع في مناطق قاحلة وشبه قاحلة وجافة ومتدنية الرطوبة، ناهيك على أن 45 في المائة من مجموع الأراضي الزراعية معرض للتملح واستنزاف المغذيات من التربة والانجراف بسبب الرياح والمياه. في الوقت ذاته، تستهلك الزراعة في الإقليم حوالي 85 في المائة من إجمالي المياه العذبة المتاحة.

ويرى أحمد جلول الخبير المتخصص في السقي الزراعي في تصريح لـLe360 "أن مشكل ندرة المياه أمر جدي طبعا ، صحيح أنه حاليا أمر يمكن تجاوزه، لكن ماذا عن المديين القريب أو البعيد، حينما سيصبح عدد سكان الأرض حوالي 9 مليار؟"

بالنسبة للمغرب، يرى المتحدث أن "الأمر يمكن ملاحظته جليا بمنطقة سوس، حيث هناك العديد من الاستغلاليات الفلاحية التي باتت مهجورة بسبب شح المياه، ويكفي القول أيضا إنه بمنطقة تارودانت تم إلغاء زراعة حوالي 1500 هكتار بسبب الاستغلال المفرط للفرشة المائية غير المتجددة، فبات من المستحيل إيجاد موارد مائية لسقي هذه الزراعات، ناهيك عن استعمال المواد الكيميائية، فحتى الأراضي البورية باتت تعاني من هذه الإشكالية".

نتيجة كل هذا أن المردودية الفلاحية، حسب جلول، لم تعد كما كانت عليه قبل 30 سنة على سبيل المثال، بسبب عوامل تتعلق بالتغير المناخي، نحن اليوم في الأسبوع الأول من أكتوبر، وقد أطلقت وزارة الفلاحة حملتها السنوية، لكن دون هطول قطرة مطر واحدة، وهو ما ينعكس بشكل أوتوماتيكي على نسبة ملء السدود المغربية".

وحول الحلول المقترحة، يرى أحمد جلول، أنه لا بد من الاستعمال المعقلن للموارد المائية واعتماد طرق السقي الاقتصادية وتحلية مياه البحر، وتوفير مياه الأمطار، اختيار الزراعات التي تتطلب مياه أقل، كزراعات بديلة مثل "كينوا" التي تقاوم الجفاف أصلها من أمريكا اللاتينية، يمكنها مقاومة حتى المياه المالحة، هذا دون الحديث عن إنشاء وحدات لتخزين مياه الأمطار التي تعمل كسدود إضافية لاستغلال المياه التي تفيض من السدود بعدما تتجاوز حقينتها، كما حدث في سنة 2009 حينما هطلت أمطار خلال ثلاثة أيام، كانت كفيلة بإغراق المناطق الجنوبية، فلو كانت هناك أحواض لتخزين المياه الزائدة، لتم استغلاله في الماء الشروب أو السقي.

وبخصوص دور الوزارة المعنية، لابد من الإشارة إلى كون المغرب اليوم يتوفر على ثلاثة مليون هكتار مسقية عبر تقنية الري قطرة-قطرة، وهو مار يجب الإشادة به مادام يدخل في صميم الاستعمال المعقلن للمياه.

ويضيف المتحدث أنه هناك مشكل قانوني ينضاف، حيث "لا يجب أن نمنح رخص حفر الآبار بشكل عشوائي، فعندما يتم الافراط في استغلال المياه الجوفية فنحن امام تبدير لمياه الأجيال القادمة".

هذا الشح في المياه فيما يتعلق بمصادرها انعكس على التأمين المائي للفرد والذي يجب أن لا يقل عن ألف متر مكعب سنويا وفقا للمعدل العالمي، فوصل متوسط حصة الإنسان المغربي في جل البلاد العربية إلى ما يقارب 800 متر مكعب في العام، بعدما كانت في حدود 2500 متر مكعب قبل ثلاثين سنةن مع تسجيل تفاوت بين حصاة المغربي في شمال البلاد ونظيره في المناطق النائية والجنوبية.

مجمل القول أن المغرب يعرف وضعية مائية متوسطة إلى ضعيفة فهو يسجل 5.4 نقطة في مؤشر الموارد مقابل 9.1 كمعدل عالمي و46 في مؤشر الفقر المائي ويمتلك ما بين 23 و20 مليار متر3 في السنة من الموارد المائية ويحتل الرتبة 114 من أصل 174 دولة حسب مجموع الموارد المائية المتجددة (تصل في بعض السنوات إلى 29 مليار متر3) وأكثر من 12.6 كلم3 في السنة من المياه العذبة يحتل بها الرتبة 41. تنقسم الموارد المائية إلى 75% سطحية (18 مليار متر3) و25% باطنية (5 مليار متر3)، وهو ما يعني أن المغرب الذي اختار تبني سياسة فلاحية منذ فجر الاستقلال معني أكثر من غيره لتجاوز مشكل ندرة المياه قبل أن يصنف البلد في خانة الدول المعنية مباشرة بشبح العطش.

في 07/10/2017 على الساعة 15:30