"فرقة نيويورك للموسيقى الأندلسية" تحمل الغناء المغربي إلى آفاق عالمية

DR

في 17/08/2018 على الساعة 20:30

لم يكن من الهين أبدا وأد الاختلافات الناجمة عن قرون من سوء الفهم الديني والسياسي والثقافي. ولايبدو الأمر أهون اليوم، في عالم تمزقه الخلافات المستعرة في أنحاء شتى. بيد أن هذا الواقع لم يمنع "فرقة نيويورك للموسيقى الأندلسية" من السعي، بطريقة أو بأخرى، لبناء جسور "موسيقية" وتقليص هذه التباينات.

وهل من سبيل للنجاح في مشروع طموح من هذا القبيل، أفضل من الموسيقى، و"الموسيقى الأندلسية" تحديدا، إذ شكلت الاندلس على مدى قرورن مهدا للتسامح وبوثقة انصهرت فيها ،في سلام ووئام، الديانات الإسلامية واليهودية والمسيحية.

هذا التعايش الرائع الذي ساد في زمن مضى هو الذي تحتفل به اليوم فرقة موسيقية تضم خمسة عشر فنانا اخلتفت تقافاتهم ودياناتهم وعوالمهم، لكن جمعت بينهم الرغبة الجامحة في التوحد والتلاحم.

ولا يخفي رئيس الفرقة صامويل ترجمان توماس وهو شاب أمريكي من أم مغربية، افتخاره بالتقدم والنجاح الذي حققته الفرقة التي استطاعت تجاوز كل التباينات ولمت شمل ثلة من الموسيقيين المتشبعين بقيم العيش المشترك.

وقال إن الفرقة ضمت أشخاصا من تيارات مختلفة جدا، مسجلا أن ذلك لم يمنع "من نسج علاقات عميقة جدا وحميمة بين الأعضاء الذين جاؤوا من بيئات موسومة برفض الآخر".

وأوضح توماس أن مشروع إنشاء الفرقة الموسيقية انطلق قبل خمس سنوات، من فكرة بسيطة تتمثل في "انجاز تجربة موسيقية مختلفة في بيئة محايدة ليست مقيدة باتنماء خاص الى مجموعة أو ديانة بعينها معين، كما هو الحال بالنسبة للحرم الجامعي".

لهذا السبب، يقول توماس في حديث أجري معه في كلية هنتر، واحدة من الكليات بجامعة نيويورك التي تستضيف الفرقة " حرصت على إنشاء الفرقة داخل الجامعة. انها تمثل أرضا محايدة "، مبرزا أن الهدف لم يكن قط مجرد جمع الناس خلال حفل فني، ولكن، قبل كل شيء، "منحهم تجربة عملية يمكن أن تلقنهم بعض العبر، وتمكنهم من التعلم من الآخرين سواء كانوا فنانين أو متلقين".

وتابع قائلا، إن الفرقة الموسيقية لا تنهل فقط من الريبيرتوار الاندلسي الغني والذي يشكل مع ذلك، رافدا أساسيا لاختياراتها الفنية، بل تنبش في ذاكرة الغناء "الشعبي"، والغرناطي والفلامنكو، واللاتيني، و "اللادينو" وهو نمط ممتح من الثقافة اليهودية /الإسبانية (السفارديم).

وأعرب رئيس الفرقة عن سعادته لكون هذه التوليفة يعود لها الفضل في توحيد أشخاص من عوالم ليست دائما متجانسة "هذا رائع. فضمن الجمهور المتابع لعروضنا نعاين فتيات محجبات يجلسن جنبا إلى جنب مع أشخاص يعتمرون الطاقية اليهودية +الكيباه+ وآخرين يضعون صلبانا، في مشهد معبر عن قبول الآخر ".

وأكد صامويل توماس، الذي تابع في بادئ الأمر تكوينا في فن الجاز قبل أن يعود إلى حضن الموسيقى الأندلسية، أن الجمهور "يبحث عن عرض موسيقي يعكس التلاقح والحوار بين الثقافات والهويات اليهودية، والمسلمة والمسيحية".

وقد ساهمت الأصول المغربية لهذا الفنان والأكاديمي الحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الموسيقى، في نجاح هذا المشروع . وبهذا الخصوص، يقول توماس "لقد اخترت هذا النوع من الموسيقى بالنظر الى أصولي المغربية، وأعتقد أن المغرب يمكن أن يتباهى بتاريخ فريد من التعددية الثقافية وبكونه ملتقى للديانات والاثنيات المختلفة. ويرتبط كل هذا بالأندلس. لا وجود للأندلس بدون المغرب".

ويعتزم صاوميل توماس القيام مستقبلا رفقة فرقته الموسيقية بجولة عالمية ستقوده الى الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بطبيعة الحال.

وعلى مستوى المغرب، يعمل توماس مع فرقة موسيقية أندلسية على تشكيل فرقة موحدة ستقوم بجولة في المملكة قريبا قبل الانتقال الى الولايات المتحدة الامريكية لتقديم عروض هناك.

ويعد هذا المشروع، الذي أطلق عليه اسم "قنطرة"، أول عمل مشترك لفرقة نيويورك للموسيقى الاندلسية مع فرقة أجنبية.

تحرير من طرف Le360 مع و.م.ع
في 17/08/2018 على الساعة 20:30